لكل السوريين

ظاهرة عمالة الأطفال توسع نطاق انتشارها في الحسكة، وضحاياها يتحدثون عن مآسي الحياة

خلقت الأزمة المستمرة في سوريا منذ العام 2011، تداعيات عدة أفضت إلى ظهور عادت لم تكن رائجة في المجتمع السوري، ومنها ظاهرة عمالة الأطفال، ومدينة الحسكة وأريافها أيضا انتشرت فيها هذه الظاهرة كثيرا.

وإلى جانب النساء، كان الأطفال هم الشريحة المجتمعية الأكثر تضررا، فكانوا هم ضحايا النزوح والموت والقتل، ناهيك عن غياب التعليم، ومع ازدياد الوضع المعيشي أجبر العديد من الأهالي أبنائهم على العمل، ليكونوا ضحية من ضحاياه، في وقت لم تبد فيه أي منظمة جهودا وحلولا للقضاء على هذه الظاهرة.

حي النشوة، أحد أحياء مدينة الحسكة، بات يكتظ بالأطفال المهملين من قبل الجهات المعنية، وهم يكدحون في أعمال تزيد على قدراتهم الجسدية.

مواطن من أهالي الحي وصف المشهد بالقول “هذه الظاهرة لم يكن المواطن السوري معتادا عليها، بدأت بعد الحرب القذرة، من أبشع ما نراه هنا جبين الإنسانية ملطخا بالشحوم والزيوت، ناهيك عن الملابس الرثة”.

السبب الكبير الذي يدفع الأهالي لإجبار أبنائهم على العمل هو تردي الوضع المعيشي، بالإضافة إلى أن أصحاب المحلات يستغلون اليد العاملة الصغيرة لرخصها لقاء ساعات عمل طويلة.

الطفل إياد العبد ربه، يبلغ من العمر 13 عاما “تركت المدرسة منذ فترة تواجد داعش في المنطقة، المدارس أغلقت، والمرتزقة منعونا من الذهاب إليها، اضطررت للعمل في معمل ميكانيك، عائلتي مكونة من 5 أشخاص، أن أكبرهم، أبي وأمي كهيلين، الآن أصبحت أعاني من الديسك”.

وعند سؤاله عن الأجر الذي يتقاضاه، قال “يوميتي لا تتجاوز الـ 1000 ليرة، لا يكفي لشيء، لكنني مجبر، وأخي يعمل في إصلاح بوابير ويتقاضى 700 ليرة، ومع ذلك نواجه حياة صعبة معيشياً”.

إياد تمنى العودة لمدرسته، على الرغم من ترديده لعبارة أوضاعنا المادية ستمنعني، أنا فاتني قطار التعليم، أتمنى أن تنتهي هذه المأساة، لتنعم الأجيال التي بعد جيلنا الحالي بحياة مرفهة بعض الشيء.

فيما يرجع الطفل قصي الحميدان (16 عاماً) الذي يعمل في محل لإصلاح الإطارات، سبب إقباله على العمل إلى “تنظيم (داعش) الذي أغلق المدارس لمدة تزيد عن أربعة أعوام”.

وأشار قصي، وهو من أبناء مدينة الشدادي بريف الحسكة الجنوبي الغربي، إلى أنه بعد تحرير قوات سوريا الديمقراطية المنطقة وافتتاح المدارس من جديد، “وجد نفسه لا يزال في الصف الخامس الابتدائي”، في عمر يفترض أن يكون فيه في الصف التاسع الإعدادي، الأمر الذي زاد من دافع ابتعاده عن الدراسة وتحويل فكرة التعليم إلى فكرة مستبعدة، على حد تعبيره.

ويردف بأنه بدأ عمله بدون أجر، فيما يتقاضى اليوم أجرة يومية تبلغ /1000/ ليرة، بمعدل عمل يومي يصل لأكثر من /10/ ساعات.

وفي السياق ذاته رفضت لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل، التابعة لمجلس الشدادي المدني، الإدلاء بأي تصريح بخصوص هذا الموضوع.

يشار إلى أن نسبة الأطفال السوريين العاملين بلغت /20%/ من إجمالي نسبة العاملين في السنوات التسع الأخيرة، بعد أن كانت نحو /10%/ قبل اندلاع الأزمة السورية، وهذا ما يعني تضاعف عدد الأطفال الذين دخلوا سوق العمل في ظل الحرب الطاحنة التي دارت بين أطراف الصراع.