لكل السوريين

التراث ذاكرة الوطن وموروثه التاريخي

التراث مفهوم واسع وهو ما خلفه الأوائل لكي يكون عبرة من الماضي وحالة يستفيد منه الأبناء. كنقطة عبور من الحاضر إلى المستقبل. ويظفر

التراث التاريخي بأهمية فائقة، حيث إنه يمثّل الحاضنة الأساسية للهوية الوطنية بكل أبعادها، وهو يعدّ بمنزلة ذاكرة الوطن وموروثه التاريخي، وللتراث شقين : أولهما، التراث المادي من آثار ومعالم تاريخية معيّنة تجسّد تطوّر المجتمع والمراحل الأساسية التي مرّ بها عبر هذا التطوّر، ومن أبرز مظاهره المنشآت الأثرية والتاريخية والحرف اليدوية والأزياء الشعبية. ثانيهما، التراث المعنوي أو اللامادي، المتمثّل في ما تمّ توارثه من قيم وعادات وتقاليد جيلاً بعد جيل، ومن ثم، فإن التراث التاريخي يقوم بدور كبير في تحديد معالم الشخصية الوطنية للدولة على الصعيد المحلي، وصورتها الذهنية على الصعيد الخارجي.

من هذا المنطلق تولي الدول التراث التاريخي أهميّة كبيرة، في الحفاظ على التراث وتوريثه للأجيال القادمة يمثّل هدفاً استراتيجياً تسعى الدول من ورائه إلى تقوية روابطه وصلاته مع تراث الآباء والأجداد. وفي الواقع، فإن تعزيز التراث الوطني يحظى باهتمام خاص لدى الدول، ويشهد هذا الاهتمام المزيد من الجهود في سبيل الحفاظ عليه كمرتكز للهوية الوطنية، بتعزيز عناصرها، وتعميق مكوّناتها، وتكريس ممارساتها، وتحديد مهدّداتها، ومن أهم معالم هذا الاهتمام السعي لتجسيد الثقافة المحلية وافتتاح المتاحف والبيوتات الثقافية  الأهلية والمراكز الثقافية الرسمية، وتتمثّل مهمّة المتاحف في حفظ وحماية وتطوير والترويج للثقافة البدوية، أما هدفها، فهو تقديم التراث بطريقة جذابة من خلال برامج متخصّصة. وتنطلق فكرة المتاحف الحديثة، من العمل على ضرورة تكريم وإحياء القيم الأصيلة في المجتمع.

ولا شكّ في أن هذه الأهمية التي تعطيها الدول المتطورة أهمية خاصة للحفاظ على تراثها الوطني مردّها عوامل أساسية عدّة: أولها، أن المعرفة بالتراث تشكّل حافزاً للاهتمام بما يتضمّنه من معطيات مادية ومعنوية، وفي هذا الأمر تعزيز للهوية الوطنية. وفي السياق نفسه، فإن هذه المعرفة تذكي الشعور الخاص بهذه الهوية

الحفاظ على التراث هو حفاظ على ثروة قومية غير خاصة بجيل بعينه، بل هي حق لمختلف الأجيال، ولذلك تصنّف على أنها جزء من النفع العام. ثالثها، الإمكانات الخاصة بالتوظيف الاقتصادي للتراث من خلال السياحة التراثية، التي تمثّل السياحة الأهم لدى العديد من الدول، مقارنة بأنماط السياحة الأخرى، وهو ما يصبّ في سبيل المزيد من تنويع مصادر الدخل القومي. *- رابعها، يشكّل التراث القناة الأساسية لنقل العادات والقيم والتقاليد من جيل إلى جيل، ومن ثم، فهو يضطلع بدور جوهري في الحفاظ على الخصوصية الثقافية، وهو يمثّل الذاكرة التاريخية للشعوب. *- خامسها، تزداد أهمية الحفاظ على التراث خلال المراحل الحالية والقادمة مع تنامي ظاهرة العولمة وما تنطوي عليه من تحدّيات هائلة للثقافات المحلية، تفرض ضرورة تعزيز هذه الثقافات كضمانة لصون الشخصية القومية للدول. ولا شكّ في أن هذا الاهتمام الذي توليه الدول لحفظ تراثها الوطني، يعكس الدور الذي تقوم به مؤسسات معنيّة في الدول للثقافة والتراث، في سبيل تعزيز الموروث التاريخي وتعزيز الثقافة الوطنية، من خلال برامج وفعاليات متواصلة. متميزة في أجندة العمل الوطني. ولا بد من المزيد وبذل الجهود من قبل المؤسسات كافة بشكل مباشر أو غير مباشر، حيث إن هذه المهمّة تتطلّب المزيد من تضافر جهود الجميع. للحفاظ وصيانة التراث المادي واللامادي.

عام بتصرف