لكل السوريين

اللاجئون السوريون ورقة في مزاد انتخابات أردوغان.. و”العودة الطوعية” خطة للتغيير الديمغرافي

تقرير/ لطفي توفيق 

 

عاد ملف اللاجئين السوريين في تركيا إلى الصدارة مع اقتراب الانتخابات التي ستشهدها البلاد العام المقبل، وبدأت المعارضة التركية بتسخين هذا الملف عبر مداعبة شعور “القومية التركية” لدى قطاعات واسعة من الشعب التركي، والتركيز على أن وجود اللاجئين السوريين في البلاد يزيد من أزماتها الاقتصادية والسياسية، مما أدخلهم بحالة من القلق تتزايد يوما بعد يوم، خاصة بعدما تصاعدت حدة الأصوات المنادية بضرورة إعادتهم إلى بلادهم من جانب القوى السياسية التركية التي وضعت ملف اللاجئين السوريين على قائمة برامجها الانتخابية قبل سنوات من جهة.

ومن الخطوة المفاجئة التي أعلنتها حكومة أردوغان من جهة أخرى، حيث كشف رئيس النظام التركي عن خطة يجري الإعداد لها لإنشاء منطقة آمنة لإعادة نحو مليون سوري “بشكل طوعي” إلى بلادهم.

وتشير التقارير إلى أن تلك الخطة ستشمل إعادة اللاجئين إلى المناطق الخاضعة للسيطرة التركية في شمالي سوريا من خلال إنشاء تجمعات سكنية، وتجهيز البنية التحتية في هذه المناطق.

مقدمات الخطة

رغم أن الكشف عن خطة رئيس النظام التركي كان مفاجئاً من حيث التوقيت، لكن سلسلة من الاجراءات كانت قد مهدت لها بصورة غير مباشرة.

حيث أصدرت حكومة أردوغان عدة قرارات اعتبرها اللاجئون السوريون “تقييدية”، سواء تلك المتعلقة بـ”سياسة التخفيف المكاني للسوريين” داخل الولايات التركية أو عمليات إلغاء قيود عدد منهم، إضافة إلى عمليات الترحيل إلى الشمال السوري التي استهدفت عشرات الشبان، حسبما وثقت منظمات حقوقية سورية ودولية.

وفي نيسان الماضي، منعت السلطات التركية اللاجئين السوريين من عبور الحدود للقيام بزيارات لأقاربهم بمناسبة عيد الفطر.

ودعا الحزب القومي التركي المتحالف مع حزب العدالة والتنمية الحاكم، إلى عدم السماح للسوريين الذين ذهبوا للاحتفال بالعيد في بلدهم بالعودة إلى تركيا.

ومنذ مطلع العام الماضي يتصدر ملف اللاجئين السوريين في تركيا حديث الساسة الأتراك بمختلف توجهاتهم، وتزايدت وتيرة التصعيد في هذا الملف مع حلول العام الحالي بالتزامن مع تصاعد أصوات أحزاب المعارضة بضرورة إعادة السوريين إلى بلادهم كونهم “عبء على البلاد”، في وقت تتجه فيه الأنظار للاستحقاق الرئاسي الذي ستشهده تركيا في العام المقبل، ويوصف بـ”المفصلي”.

وأخذ التوتر مسارات أكثر وضوحاً وحدة من قبل مختلف القوى السياسية التركية، وخاصة من جانب أحزاب المعارضة.

لماذا الآن

يرى مراقبون سياسيون ونشطاء في مجال حقوق الإنسان أن “خطة العودة الطوعية” ترتبط بالتطورات الداخلية والخارجية التركية وبالتناقضات بمواقف رئيس النظام التركي الذي قال قبل أسبوعين لا عودة للاجئين السوريين وهو من يكفلهم في تركيا.

ثم أعلن عن خطة لإعادتهم إلى المناطق السورية التي يسيطر عليها نظامه، فيما اعتبر محاولة منه ومن حلفائه القوميين “نزع ورقة اللاجئين” من يد أحزاب المعارضة، على الصعيد الداخلي.

وعلى الصعيد الخارجي، يندرج إعلان خطة الإعادة ضمن “تفاهمات إقليمية” وضمن خطة أكبر يقودها رئيس النظام التركي ضمن مساعيه لتحسين علاقات أنقرة مع قوى إقليمية كانت قد ناصبت تركيا العداء لفترة طويلة بسبب عدة ملفات، ولأسباب متنوعة.

ودفع التحسن في العلاقات بين أنقرة وكل من أبو ظبي والرياض الذي توج مؤخراً بزيارة أردوغان للعاصمتين، بعض المراقبين إلى التكهن بأن الدول الخليجية، ستسهم في تمويل خطته لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلدانهم.

يذكر أن كثيرين من اللاجئين السوريين في تركيا، يرون أن الأسباب التي دفعتهم لمغادرة بلادهم لم تتغير بعد كي يعودوا إليها من جديد.

وأن معظمهم يرفضون العودة إلى مناطق بعيدة عن قراهم وبلداتهم الأساسية.

وتنقل التقارير ووسائل التواصل الاجتماعي تساؤلاتهم: في حال كان الشخص من مناطق أخرى بعيدة عن الحدود، فلماذا يجبر على الإقامة في منازل تبنيها تركيا في هذه المنطقة.

ويرى المتابعون للشأن السوري أن هذه “الإعادة الطوعية” ستخلق مشكلة جديدة في الشمال السوري من خلال التغيير الديمغرافي الذي تخطط له تركيا، ويسعى نظام أردوغان لتنفيذه.