لكل السوريين

الشاعر إسماعيل الكدي: “كتابات الذخيرة كانت تلهمني، والشعر الشعبي منبر الكلمة الفراتية حتى بلاد الرافدين”

الرقة/ أحمد سلامة 

قال الشاعر إسماعيل الكدي، وهو من شعراء مدينة الرقة، بأن الشعر هو شكل من أشكال الفن الأدبي في اللغة، ويصبغ الكلام بالجمالية والصفات الحسنة، وهو كلام يعتمد على موسيقا خاصة يطلق عليها الموسيقا الشعرية.، والشعر تعبير إنساني يتسم بأنه كلام موزون ذو تفعيلة محددة، ويحمل الشاعر في داخله معاني عميقة وتشبيهات وكلمات تعبر عما يجول في داخله، ويكتب الشعر ليعبر عن أحاسيس الشاعر أو عن قضايا إنسانية عديدة ومختلفة، والشعر الفراتي الشعبي هو الشعر المنسوب إلى العامية وهو ما يتكلمه عامة الناس في حياتهم اليومية، وهو كل شعر مكتوب ومنظوم بغير اللغة العربية الفصحى.

صحيفة السوري أجرت حوارا مطولا مع الشاعر إسماعيل الكدي، وجاء نص الحوار كما يلي:

ـ كيف كانت بدايتك مع الشعر واكتشاف موهبتك؟

كانت الطفولة مليئة بالمرح والسعادة، لكن الشعر يتأجج ويظهر في مرحلة المراهقة حين تصبح الأحاسيس والمشاعر الجياشة تغزو قلب العاشق، فيصبح القلب يمتلأ بالمودة والحب فتظهر الشرارات الأولى في مرحلة المراهقة في عمر 16 سنة، أتذكر كانت أول قصيدة كتبتها لحبيبتي وانا طالب في الصف الثامن، وكانت القصيدة موجهة لإنسانة أحببتها في أول قصة عشق تزامنت مع اكتشاف محبتي لكتابة الشعر الغزلي الحديث، لتنضج معها موهبتي في كتابة القصائد فيما بعد.

ـ ما هو تاريخ الشعر الفراتي الشعبي؟

الشعر الشعبي وتاريخه ومكانته ازدادت في الوطن العربي، أما عن تسمية الشعر الفراتي بهذا الاسم نسبة لامتداد شعراء هذا اللون على نهر الفرات وصولا لبلاد الرافدين، وهذا النوع من الشعر يعرف أيضا في البادية السورية وقد ترك أثرا كبيرا في نفوس الناس، وهو سهل التلقي صعب القراءة على كثيرين من القراء، وهذا النوع من الشعر يبدع فيها أهالي مدينتي الرقة ودير الزور ومدن العراق على امتداد هذه المساحة، ويعالج هذا النوع من الشعر قضايا اجتماعية وإنسانية تحاكي الواقع الفراتي الريفي، وينتقي الشاعر كلماته من بيئته الريفية ليكون لها صدى كبير في نفوس سامعيها.

ـ البعد والشوق والحرمان هي أبعاد الشعر فما هو بعد شعرك الخاص؟

طبعا تربيت في بيئة شرقية فهناك عامل مشترك بين الشاب والشعر والطرف الذي كتبت من أجله القصيدة، وهي القيم والتقاليد والأعراف التي لا تتيح للشاب لقاء محبوبته إلا خلسة، فنحن نعاني دائما من الشوق للحبيب ، فالبعد الغزلي هو أول الأبعاد في قصائدي التي كتبتها وتخرج من القلب للقلب، أما بعد تخطي سن المراهق بدأت أكتب للوطن للأخلاق وبعض الشعر التوجيهي لفضيلة معينة، وفي العشر سنوات الأخير أصبح شعري يتناول لأوجاع الناس وهموهم لتكون قصائدي رسائل تعبر عما بداخلهم من مشاعر وأحاسيس ومنبر يعبر عن مطالبهم ، لان الشاعر الذي لا يحاكي أفكار واراء وهموم الشعب لا يستحق أن يكون شاعر.

ـ هل يعتبر الشعر موهبة متأصلة أم هي هواية أحبها الشاعر؟

الشعر موهبة تتولد مع الأنسان، تنمى بالقراءة والاستماع تهذب بدارسة محور الشعر، مثل أشجار العنب بعد كل موسم من العطاء تحتاج إلى تجديب للسنة القادمة، بعد كل قصيدة تصل إلى الجمهور يكتشف بعض الأخطاء والهفوات فيحاول ترتيب وتهذيب الإنتاج القادم من شعره، فالشعر موهبة فطرية تولد مع جينات الشاعر ومع مرور الوقت وكثرة القصائد يصبح الشعر موزون بدقة ومتكامل من حيث المفردات والمعنى الذي كتب من أجله، لذلك الشاعر يحتاج لدراسة وقراءة قصائد غيره من الشعراء إضافة لإعادة هيكلية قصيدته الخاصة قبل وصوله للقارئ.

ـ أي من الشعراء تأثرت بقصائده في بداياتك ولازلت إلى الأن ؟

الشاعر محمود الذخيرة تشدني كتاباته كونه يعبر عن الكلمة الفراتية، وان لا أكتب الشعر النبطي كتابتي  بالشعر الشعبي ، يجب أن نفرق بين التسميات الشعر النبطي هو شعر بدوي من سامري وحجيمي والدحات، أما الشعر الذي أكتبه ويكتبه الشاعر محمود الذخيرة ومجموعة من الشباب هو الشعر الفراتي ولدينا حلم نعمل على تحقيقه إيجاد منبر للكلمة الفراتية، التي تعبر عن مدم وادبي الفرات عامة ومدينة الرقة على وجه الخصوص.

ـ ماهي الأوقات التي تفضله لكتابة شعرك؟

كتابة الشعر تبدأ بلحظة صفاء ذهن، وقد كتبت الكثير من قصائدي أثناء تجول بمدينة الرقة ولعل اشهرها القصيدة التي غنت في جميع أنحاء الجزيرة” صبي مطر يدنيا لابس بشتي”، ,اذكر أنني كتبت هذه الاغنية في فصل الشتاء أثناء سيري من دوار الساعة إلى دوار الدلة في المدينة،  فقد طلب مني شلاش الحسن أن أكتب أغنية عن البشت فكتبت الأغنية بذلك اليوم وهي كلمات جميلة فراتية عذبة أقول بيها:

صبي مطر يدنيا لابس بشتي     غيم ورعد وبروق شما حوشتي

ما ينفع بيها ذروة ساري سروا     لابس عباية وفروة وترجف لشتي

ـ أيهما أصعب بداية كتابة القصيدة أم نهاية القصيدة؟

نهاية القصيدة أصعب من بدايتها لآنه يكون لديك زخم من المفردات والفكرة تكون متكثفة بذهنك، القصيدة كالفرس عندما تنطلق فالفرس عندما تنطلق تكون بكامل قوتها، فإذا طال المسافة تتعب الفرس كذلك القصيدة فبدايتها تكون سريعة وسلسة ونهايتها صعبة وتحتاج لتركيز أكثر، أنا من النوع الذي يكتب القصيدة القصيرة وأحب أن يكومن الكلام قصير ومختصر وكافي وشافي لجميع الافكار التي تصل للقارئ ضمن أبيات قليلة، وكما قال المثل خير الكلام ما قل ودل.

ـ هل بالإمكان تعليم الشعر للغير وله مبادئ تدرس؟

الشعر هو أحد الفنون، فإذا الانسان لا يوجد لديه بذرة فنان لا تستطيع زراعته بداخله، فلا يمكن تعليم أساسيات الشعر ومبادى النص الشعري، فيجب أن يكون يمتلك الموهبة لكي يستطيع كتابة الشعر ، ولكن يمكن مساعدة الشخص بتهذيب القصيدة الجرس الموسيقي والجرس الداخلي للكلمة والجملة الموسيقية يمكن المساعدة بهذا الموضوع، أما تعليم الشعر فهذا مستحيل  لا يمكن بدون وجود حس شعري وموهبة فطرية تولد مع الشخص ليستطيع كتابة الشعر الموزون وسعر التفعيلة.

ـ شعراء الجاهلية يبدون شعرهم الغزلي بالوقوف على الأطلال هل الشعر الفراتي كذلك؟

تختلف هذه من شاعر إلى أخر، فهناك الكثير من المعلقات التي يقف بها الشاعر على الأطلال، لكن تختلف بين الشعراء فأنا وقفت على أطلال الحب وهي قصيدة ” الخلخال” وهو حلية تلبس بالرجل وهو رمزا للقيد بالنسبة لي وليس للجمال فقلت فيها:

نصبت جمجمتي خيمة على شرفة الطريق

أقدم الخمرة وحليب النوق للعابرين

أنثر حروف أسمك تمائما على نحور قصائدي

طواحين الهواء تغني فحيحا كصوت عجوز في زمن الراحلين

فاستعذت بكحل عينيك وخلخالك يطوف بين النجوم برنين

نامت وانا أرقي نهدها البكر بأزهار الخزامى والياسمين

ناديتها لا وقت للنوم يا اخت الفرات أبناء السنابل جوعى والطحان قد نكر الطحين

ـ ماهي النصيحة التي توجهها للشباب الذين يكتبون الشعر الفراتي الشعبي؟

أوجه نصيحة للشباب ولأصدقائي الشعراء أن يكتبوا كما يتكلمون، أكتب بالكلمة واللهجة الفراتية التي نعرفها ويعرفها أبناء وادي الفرات، لا تذهب باتجاه الشعر النبطي لكي لا تأتي قصيدتك هجينة نبطية بلا هوية، لنجعل منبر للفرات ونسميه منبر الشعر الفراتي نكتب به جميعا بلهجتنا ولهجة ِأهلنا، والشعر هو منبر وكلمة الناس الذي يقوم الشاعر بإيصالها.