لكل السوريين

القاص رشيد رمضان الذي رحل بكراً

كان للراحل رشيد رمضان اهتماماته الأدبية غير العادية، وحين كان طالباً في المرحلة الثانوية، كانت لديه مكتبة تضمُّ كتباً أدبية منوّعة، و لديه شغف المطالعة منذ نعومة أظفاره، وكان ـ رحمه الله ـ كاتب قصة موهوب، حيث، وهو لايزال طالباً في المرحلة الثانوية كتب  قصتة المعروفة “العشيرة شمس تحتضر” في مجلة الآداب البيروتية، وقد قالت عنه الدكتورة “عايدة مطرجي إدريس” في قراءتها لقصة رشيد المنشورة في المجلة المذكورة، وكان ذلك في عام 1962: هذا الصوت الثاني الذي يأتينا من الجزيرة السورية في القصة بعد الدكتور عبد السلام العجيلي، وقاده هذا الاهتمام لدراسة الأدب العربي في جامعة حلب، علماً أنَّه حصل على المركز الأول في امتحانات الفرع الأدبي حينها.. أضف إلى أنه كتب الشعر في السبعينات، ونشر العديد من القصص، والقصائد في جريدة الجماهير الحلبية، التي كانت ثاني صحيفة في سورية، وتحظى باهتمام القراء، وفيها صفحات أدبية أسبوعية متميّزة كان يحرّرها الأديب فؤاد الراشد، رحمه الله.. وكذلك اهتمامه في البرامج الثقافية في إذاعة حلب، حتى أنه كُلف مديراً لها، وعمره لم يتجاوز حينذاك الثالثة والعشرين ربيعاً، ثم مسؤولاً ثقافياً في الاتحاد العام لاتحاد شبيبة الثورة.. وقد نشر العديد من القصص القصيرة، مثل: “الراية تغمرها الشمس”، وغيرها في مجلات صوت الشبيبة، وصوت الطلبة.

وكان من مؤسسي جماعة “ثورة الحرف” الأدبية التي تكوَّنت في عام 1960 وأعضائها، هم: إبراهيم الخليل، رشيد رمضان، خليل الجاسم الحميدي، عبدالاله حمزاوي، فاروق الياسين، إسماعيل المصارع، فواز الساجر، وكانوا جميعاً في المرحلة الثانوية ـ الفرع الأدبي ـ  ويكتبون القصة القصيرة، أو الشعر، ولهم نشاطات أدبية مختلفة.. وخلال فترة الانفصال كان أعضاء “ثورة الحرف” يلتقون بشكل دوري في بيت أحد الأعضاء في جلسات أدب ومرح، إلى أن انشغل أغلب أعضاء هذه الجماعة، بعد قيام ثورة الثامن من آذار، والآن، قد انتقل أغلب هؤلاء إلى رحمة الله.

وأخبار جماعة “ثورة الحرف” انطلقت في بداية الستينات من القرن الماضي، وهي موثّقة في عددٍ من الصحف السورية. كما أنَّ هناك من حاول الحديث عن هذه الجماعة في السبعينات، والتوقيع في الصحف باسمها، وإرسال أخبار عنها، وربما كانت هذه هي ملحق لجماعة ثورة الحرف لكنَّ الأعضاء الأصليين لم يشاركوا في نشاطات ذلك الملحق.

بعد أن انفرط عقد أعضاء ثورة الحرف وانصراف البعض منهم للعمل السياسي، توقف نشاطات جماعة “ثورة الحرف” وانفراط عقد أعضائها، كان بسبب انتقال أعضائها للدراسة الجامعية، في حلب أو دمشق، ومنهم من غادر إلى خارج القطر للعمل، أو غيره، وانصرف البعض الآخر للعمل السياسي.

ويمكن القول، أنَّ رشيد رمضان لديه مجموعة قصصية مخطوطة، على الأقل، ومتفرقات في بطون الصحف، والمجلات، ومن تلك الصحف التي نشر بها: الآداب البيروتية عام 1962، الجماهير، الحلبية خلال فترة 1967 حتى عام 1972 وفي صحف الشبيبة، جيل الثورة، في أعوام 1971 ـ 1974، وكانت له العديد من المقالات التي سبق وان نشرت في تلك الصحف وغيرها، إضافةً إلى النشر في مجلات ذات طابع أدبي.. ناهيك عن أنه عمل مع فرق مسرح الهواة، مع كل من عبد الفتاح الناصر، وخليل الجاسم الحميدي، وإبراهيم الخليل، وغيرهم.

وكان للسياسة جانباً آخر في شخصية رشيد رمضان حيث أضافت بُعداً آخر لأدبه، أضف إلى أنه، ومنذ  بداية ثورة الثامن من آذار كان واحداً من الأعضاء المعروفين في صفوف حزب البعث، رغم صغر سنه، حيث انتخب عضواً في المؤتمر القطري الأول وعمره 21 عاماً، ثم عضواً في قيادة فرع الحزب بالرقّة في عام 1964، عندما كان عمره 22 عاماً، ثم مديراً لإذاعة حلب وعمره23 عاماً، وربما صغر سنه دفع حينها وزير الإعلام لرفض إصدار قرار تعينه، إلاّ أنَّ تدخل القيادة السياسية، وإصرارها على ذلك تم تعينه مديراً للإذاعة، ثم عضواً في قيادة اتحاد شبيبة الثورة، ورئيساً لمكتب الثقافة فيها، وعاد إلى الرَّقة أميناً لفرع الحزب في منتصف السبعينات، كما انتخب عضواً احتياط في القيادة القطرية، حتى وفاته عن عمر يناهز الـ  38 عاماً، وقد ترك خلفه ستة أولاد، أكبرهم كان حين وفاته، في الحادية عشرة، والآن، جميعهم قد أنهوا مرحلة الدراسة الجامعية.

 

عبد الكريم البليخ