لكل السوريين

التجربة البرلمانية السورية 13

تعتبر التجربة البرلمانية في سوريا من أولى التجارب في المنطقة، حيث تم انتخاب أول مجلس نيابي في بلام الشام، التي كانت تضم سوريا ولبنان وفلسطين والأردن، في السابع من حزيران عام 1919، تحت اسم المؤتمر السوري، وعقد أول اجتماع له في دمشق بمشاركة 85 نائباً، ومثّل أول صيغة برلمانية فريدة من نوعها في الوطن العربي.

وتتالت التجارب البرلمانية في سوريا تحت تسميات مختلفة.

وقبل ذلك، بدأت محاولات أولى للتجربة البرلمانية، ولكنها كانت تتهمش أو تتعطل أو تلغى، بسبب فرمانات الإمبراطورية العثمانية، أو قرارات الانتداب الفرنسي، أو عدم الاستقرار السياسي وتتالي الانقلابات العسكرية في مرحلة الاستقلال وما بعدها.

ورغم قصر هذه التجارب، وتعثرها غالباً، لكنها ساهمت في بلورة العمل البرلماني، وتراكم الخبرات خلال هذه التجارب، قبل أن تصل إلى مرحلة النضج في بعض مراحلها.

انتخابات عام 1954

في الخامس والعشرين من شهر شباط عام ١٩٥٤وقع انقلاب عسكري على أديب الشيشكلي، بدأ من حلب واستولى الانقلابيون على مرافق رسمية في حلب كمبنى الإذاعة ومقرات الشرطة المدنية والعسكرية، واعتقل محافظ حلب ورئيس حركة التحرير العربي الذي أسسه الشيشكلي.

وفور بث الانقلابيين بيانهم الأول من إذاعة حلب، خرج الآلاف في مظاهرات معارضة للشيشكلي، وأضرموا النار في مقر حركة التحرير العربي، وأيدت قطعات كثيرة من الجيش الانقلاب، وخاصة في جبل العرب الذي شن الشيشكلي فيه حملة عسكرية واسعة.

ومع تزايد التأييد للانقلاب في صفوف الجيش، استقال الشيشكلي وغادر البلاد إلى لبنان.

وأعلن رئيس الأركان شوكت شقير إعادة الحكم إلى الرئيس الشرعي هاشم الأتاسي الذي استقال بعد انقلاب الشيشكلي في أواخر عام ١٩٥٠.

وعاد المجلس النيابي بتشكيلته التي كانت قائمة قبل الانقلاب، وتم حل مجلس النواب الذي انتخب في زمنه، وألغيت كل مفاعيل هذا المجلس، كما تمت العودة للعمل بدستور عام 1950.

وبعد سنة، جرت أشهر انتخابات رئاسية في التاريخ المعاصر لسوريا، إذ تنافس خالد العظم، وهو رئيس دولة سابق خلال، وشكري القوتلي الذي فاز بالمنصب.

الانتخابات النيابية

جرت هذه الانتخابات في 24 و25 أيلول 1954، وتمت دورات الإعادة في 4 و5 من تشرين الأول، وكانت المنافسة شديدة بين السياسيين والمستقلين على مقاعد البرلمان، حيث بدأت المنافسة الفعلية منذ الشهر الأول من العام.

وخلال فترة الانتخابات صدرت الأوامر إلى الضباط وأفراد الجيش السوري بالتزام الثكنات العسكرية طيلة فترة الانتخابات، منعاً لحدوث أي احتكاكات بين عناصر الجيش والناخبين.

وعقد طلاب الجامعة السورية اجتماعاً كبيراً قبيل الانتخابات، ووضعوا قائمة بأسماء المرشحين الذين يعتقدون أنهم لصالح البلاد، ووزعت هذه القائمة على الناخبين باسم “قائمة طلاب الجامعة السورية” وضمت خالد بكداش الشيوعي، وسعيد الغزي رئيس الوزارة، وخالد العظم، وباقي المرشحين الاشتراكيين.

ولعبت المرأة دوراً كبيراً خلال هذه الانتخابات، حيث كانت تنتخب المرشحين الذين يتبنون إعطاء المرأة حقوقها كاملة.

وتراجعت في هذه الانتخابات شعبية الأحزاب السورية لصالح المستقلين، وهم في الغالب من وجهاء المدن والبلدات السورية أو من التجار أو شيوخ العشائر، وشكلوا أكبر كتلة مستقلة في تاريخ البرلمانات السورية.

وقد وصف معظم قادة العالم آنذاك، هذه الانتخابات بأنها الأكثر نزاهة في الشرق الأوسط.

وأسفرت عن فوز حزب الشعب بـ30 مقعداً، وحزب البعث بـ 22 مقعداً، والحزب الوطني بـ 19 مقعداً، والإخوان المسلمين بأربعة مقاعد، وفاز كل من حزب التعاون، والحزب السوري القومي، وحركة التحرر العربي بمعدين، والحزب الشيوعي السوري بمقعد واحد، بيمنا فاز المستقلون بستين مقعداً.