لكل السوريين

التعب لا يثقل كاهل أربعينية تعمل بالأجبان والألبان

السوري/ حمص 

على مدى 10 سنوات اعتادت الأربعينية ياسمين ابنة مدينة حمص، أن تحمل في كل يوم أثناء ذهابها اعملها في قريتها التابعة للرستن، طلبيات الجبن واللبن والسمن ومشتقاتهما، التي تصنعها بنفسها لتبيعها وتحصل على مبلغ إضافي يساهم إلى جانب راتبها الشهري بتأمين حياة مقبولة لأفراد أسرتها.

تقول ياسمين “منذ أكثر من عشر سنوات عقدت اتفاقاً مع حلاب أشتري منه من ٤٠ إلى ٤٥ كيلو من الحليب لصنع اللبن وأنواع كثيرة من الأجبان والسمن، يومي يبدأ مع طلوع الفجر لأكون جاهزة لتعبئة الطلبيات وتحضيرها واستقبال الحليب لأصفيه وأغليه وأتابع إجراءات يومية تعودت عليها منذ سنوات لأنتقل لمرحلة الاستعداد للانطلاق للعمل”.

وتضيف “عند السادسة صباحاً أخرج من منزلي وبيدي من 11 إلى 15 كيلو مما أصنع منزلياً، وأنطلق من قريتي، أسير مسافة طويلة من منزلي إلى موقف الباص، لأبدأ يوم عمل طويل بعد معالجة الحليب وأمور المنزل والأولاد كل هذا قبل الانطلاق ويجب أن يكون كل شيء على أحسن حال، والعودة إلى المنزل لا تكون قبل الساعة الرابعة ظهراً.

السيدة لم تعد ترهقها محاصرة الوقت لتنجز أعمالها، لأنها عودت نفسها لكنها أخذت تنتبه لآلام مختلفة في مفاصلها مع تكرار حمل الأكياس الثقيلة والمسافة التي تقطعها يومياً، مشيرة إلى أنها تتابع عملها الوظيفي في دائرتها التي تعمل بها، وبعد ساعات العمل تعود لتكمل طريقها إلى قريتها حيث تحمل باقي الطلبيات إلى المدينة تلبية لمواعيد زبائنها.

شعور التعب والإرهاق بدأ يتسلل إلى نفس الأم، وملل من الانتظار حسب تعبيرها، انتظار الأفضل الذي لم توفر جهداً مع زوجها لمقاومته والبحث عن بدائل لتربية أولادهما وهم ثلاث شابات وولد.

عمل ياسمين لا يختلف صيفاً أو شتاء وغير قابل لاختصار الوقت، على العكس تماماً فإن التزامات المنزل وصعوبات النقل والتكلفة وضعتها في ضيق إضافي لأزمتها المالية التي تعرف أنها ونساء كثيرات لم يسلمن منها.

وتضيف “ليس للنساء حيلة في هذا الزمن نحتاج للرعاية ودعم اقتصادي لنقي أنفسنا شر الفقر وصعوبات الحياة، وعندما أتابع نداءات مناهضة العنف أشعر أن الفقر لا يقل أذى عن العنف. فالأوضاع الاقتصادية تمارس عنفها علينا كسيدات نتحمل صعوبات العمل المجهد لا نقف عندها حتى مع الآلام بالمفاصل والظهر ونضطر للمسكنات لنتابع واجبات هي بالفعل أكبر من قدرتنا الجسدية والنفسية”.

الأربعينية مع كل الواجبات لا تختم يومها بعودة سريعة من المدينة، لأنها تتابع عملاً تقدمه تطوعاً لدعم مبادرة إنسانية تشارك بتوزيع المساعدات والإعانات وتفرد ساعات للمساعدة.