لكل السوريين

في ظل مؤشرات غربية لتهدئة الأوضاع في المنطقة.. بغداد تستضيف قمة إقليمية بحضور دولي لافت

تقرير/ محمد الصالح  

من المقرر أن تبحث القمة الإقليمية المزمع عقدها في بغداد نهاية الشهر الجاري بمشاركة دول الجوار، وقادة عرب وممثلين عن الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، المشكلات التي تمر بها المنطقة، وخاصة التصعيد في لبنان واليمن، واستهداف السفن في الخليج، إضافة إلى دعم بغداد على الصعيد السياسي والاقتصادي.

وعلى هامش اجتماعات هذه القمة، ستتم لقاءات ثنائية، وربما ثلاثية بين الفرقاء في المنطقة لحسم بعض الملفات الخلافية، ومن أبرزها الحصص المائية وما رافقها من توتر بين تركيا والعراق وإيران، إضافة لملف الانسحاب الأميركي من العراق، ومباحثات إيران وأميركا فيما يتعلق بالاتفاق النووي.

وتأمل العراق من هذه القمة تعزيز مقومات الدولة الاقتصادية عبر تشجيع الاستثمار والانفتاح على رؤوس الأموال، وترسيخ علاقاتها الدبلوماسية مع دول العالم، بما يمكنها من استعادة دورها في المنطقة، والعمل على وقف التدخلات الخارجية بشؤونها.

لكن لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، التي أكدت أن الحكومة لم تطلعها على أي تفاصيل تتعلق بالقمة وبجدول أعمالها، أشارت إلى قصر عمر الحكومة الحالية، حيث ستعقد انتخابات تشريعية في تشرين الأول المقبل، وستتحول هذه الحكومة بموجب ذلك إلى حكومة تصريف أعمال، وهذه المدة القصيرة لا تسمح بتنفيذ مخرجات تلك القمة، مما يفرض ترحيل ما يتمخض عنها من توصيات إلى الحكومة المقبلة.

مؤشرات إيجابية

برزت مؤخراً مؤشرات إيجابية تشير إلى أن الغرب يميل إلى تهدئة الأوضاع في المنطقة، وترسيخ حالة الاستقرار فيها.

فعودة السفير البريطاني إلى مقر عمله في طهران، تحمل رسالة تفيد بأن بريطانيا لن تذهب إلى حد الصدام مع إيران، تلبية لرغبة إسرائيل بعد حادثة السفينة ميرسر ستريت.

ويعتبر الاتصال الهاتفي المطول بين الرئيسين الفرنسي والإيراني، مؤشراً على أن باريس راغبة باستمرار علاقاتها مع طهران، وتعتبرها شريكة في ترتيبات متوقعة بالمنطقة، وخاصة في لبنان.

وقد يشكل الانسحاب التدريجي للقوات الأميركية من المنطقة، فرصةَ لدولها من أجل عقد اجتماعات فيما بينها، ومعالجة أزماتها.

وتتناغم هذه المؤشرات الإيجابية الغربية، مع إشارات مماثلة ترسلها دائرة صناعة القرار الجديدة في إيران، حيث يرى المراقبون أنها تحمل رؤية جديدة في ضوء خطاب الرئيس إبراهيم رئيسي، الذي يركز على إقامة علاقات وثيقة وتشاركية بجميع دول الجوار.

وما يؤكد هذا التوجه قوله “أمن الخليج لا يكون بالضرورة عبر السفن الحربية والترسانات العسكرية، الأمن يمكن أن يتحقّق عبر الاقتصاد، أو ما أسمّيه الأمن الاقتصادي، من خلال الروابط المشتركة، والتداخل في المنافع الاقتصادية مع الدول الجارة”.

بغداد تمهد للقمة بالوساطة

في أول تأكيد رسمي من طهران لانعقاد تلك المحادثات، قالت وزارة الخارجية الإيرانية، إن محادثات بين الجمهورية الإسلامية والمملكة العربية السعودية أجريت في بغداد.

ونقلت وكالة “تسنيم” الإيرانية عن المتحدث باسم الوزارة قوله “إن الغرض من المحادثات الإيرانية السعودية كان مناقشة العلاقات الثنائية والإقليمية”.

وعبّرت الوزارة عن أملها في التوصل إلى تفاهم حقيقي مع السعودية بشأن العلاقة الثنائية والتطورات الإقليمية وحل الخلافات  بينهما، وربطت نجاح تلك المحادثات وتقدمها بتغيير الرياض لسياستها ولهجتها تجاه طهران.

وكان الرئيس العراقي برهم صالح، قد كشف مؤخراً أن بلاده استضافت أكثر من جولة محادثات بين السعودية وإيران، وذلك بعد أسابيع من تسريبات إعلامية غربية بشأنها.

وتوالت بعدها تصريحات من مسؤولي البلدين حملت إشارات إيجابية بإمكان انعقاد مثل تلك المحادثات، لكن دون تأكيد رسمي لحصولها.

لا دعوة لسوريا

نفت وزارة الخارجية العراقية دعوة النظام السوري لحضور القمة، وجاء في بيان لها “تداولت بعض وسائل الإعلام، أن الحكومة العراقية قدمت دعوة للحكومة السورية، للمشاركة في اجتماع القمة لدول الجوار والمزمع عقده في نهاية الشهر الجاري في بغداد”.

وأضاف البيان أن “الحكومة العراقية تؤكد أنها غير معنية بهذه الدعوة، وأن الدعوات الرسمية ترسل برسالة رسمية وباسم دولة رئيس مجلس الوزراء العراقي، ولا يحق لأي طرف آخر أن يقدم الدعوة باسم الحكومة العراقية لذا اقتضى التوضيح”.

في إشارة إلى الأنباء التي تحدثت عن توجيه رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، دعوة للرئيس السوري لحضور القمة خلال زيارته لدمشق.

ودفع بيان الخارجية العراقية المكتب الإعلامي للفياض، لإصدار بيان نفى فيه توجيه هذه الدعوة.

وجاء في البيان أن الفياض “نقل خلال لقائه رئيس الجمهورية العربية السورية السيد بشار الأسد رسالة رئيس الوزراء السيد مصطفى الكاظمي لتوضيح أن عدم توجيه دعوة الحضور للجانب السوري لا يعبر عن تجاهل العراق للحكومة السورية الشقيقة ومكانتها الراسخة، إنما هو تعبير عن الحرص على إنجاح مؤتمر نسعى من خلاله إلى توفير تفاهمات تساعد على إنتاج حلول لمشاكل المنطقة باشتراك جميع دول جوار العراق، وأن المشكلة السورية في طليعة هذه المشاكل”.

وأستهجن البيان موقف الوزارة بقوله “مما أثار استغرابنا البيان المتسرع للإخوة في وزارة الخارجية الذي انساق وراء تسريبات من جهات إعلامية غير مطلعة، وانجرّ إلى مسائل افتراضية لا وجود لها”.

وكانت وسائل إعلام مقربة من النظام السوري والحشد الشعبي نقلت عن مصادر قولها إن الفياض سلم الأسد دعوة لمؤتمر دول الجوار خلال زيارته لسوريا، فيما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية بأن الفياض “نقل للرئيس الأسد رسالة من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي تتعلق بمؤتمر دول الجوار، وأهمية التنسيق السوري العراقي حول هذا المؤتمر والمواضيع المطروحة على جدول أعماله”.