لكل السوريين

“الثورة السورية”.. ربيع أم جحيم؟!

نوروز عثمان 

عام آخر أضيف على ذاكرة الشعب السوري الذي كان يحلم ببداية جديدة له في ذكرى اندلاع الأزمة السورية في عامها العاشر. فاليوم نحن على محط منعطفات جديدة أمام إنجازات أو مخلفات الثورة التي ماتت قبل ولادتها.

لا شك، قبل كل شيء، نحن بحاجة إلى تقيم جديد للمصطلح الكلاسيكي الذي لقبت به الأزمة السورية، أي (الثورة)، لأنها أصبحت ثورة مضادة أكثر من أن تكون ثورة لصالح شعبها وأهلها، فهي التهمت أبنائها المعارضين وشتتهم إلى العشرات من فصائل متنازعة فيما بينهم داخل الأراضي السورية أولا. وإلى أحجار شطرنج تحقق مبتغاة الأجندة الخارجية خارج سوريا ثانيا، ومن المؤسف أن نرى من كانوا يلقبون بالثوار يوم أمس، باتوا يوصفون بالمرتزقة اليوم.

كيف تحولت هذه الثورة إلى ثورة مضادة؟!

تحليل الملف السوري الذي زعم بالفشل على مدار السنوات الماضية نتيجة التدخلات الخارجية والانحراف الذي أصابه هو من أهم المحاور التي يجب التطرق لها في ذكرى الأزمة السورية اليوم.

من المؤلم جدا أن نرى أن أولئك اللذين انطلقوا بهدف تغير النظام الحاكم في سوريا وتحقيق الثورة على أنهم ثوار انتفضوا على العنصرية والشوفينية والعقلية الأحادية لنظام البعث وتحقيق التغير في قوانينه ونظامه إلى فصائل تعمل على قتل ونهب واغتصاب أبناء وبنات بلدهم، والسبب يرجع إلى افتقارهم الى خلفية سياسية قوية كان من المفروض أن تعمل على حماية مبادئها تجاه الشعب السوري، وليس العكس أن تتحول إلى أداة طبقت الموت عليهم قبل أن تصلهم شمس الحرية.

في حال تمكننا من استدراج قائمة النتائج التي منيت بها هذه الكارثة بدل الثورة التي كان من المفروض أن تتوج بنتائج حققت بها الأمن والاستقرار لشعبها ومجتمعها بدل القتل والدمار من جهة، وقضية النزوح لآلاف السوريين اللذين يعانون مأساة كبرى في سوريا وخارجها بعد غلق كل الآذان والعين لهم.

من المؤلم جدا أن نرى أن هناك أراضي سوريا عدة تعاني الاحتلال من قوى خارجية عدة وهم ليسوا من أبناء سوريا ولا تمدهم اي صلة وصل بسوريا. في حين نجد أن أراضي سوريا لازالت خارج حكم السوري بدأ من لواء اسكندرون، إدلب، اعزاز، عفرين، جرابلس، تل أبيض، رأس العين، الباب.

فمنذ شباط 2017 احتلت تركيا في عملية درع الفرات 2000كم مربع أي 770 ميل، لتصل إحصائية المناطق المحتلة من قبل تركيا إلى 2225 كم مربع أي 859 ميل، بمشاركة من قبل أفراد القوات التي كانت قد خرجت لإسقاط النظام، إلا أنهم الآن باتوا مرتزقة تتحكم بها تركيا وتستغلهم لاحتلال أراضيهم.

المناطق التي تم احتلالها في عملية نبع السلام المزعومة وصلت إلى 86 بين بلدة ومدينة، على رأسها رأس العين وتل أبيض وسلوك.

لكن وبحصيلة تقريبية حسب المرصد السوري؛ فإن المناطق المحتلة بلغت 3412 كيلو مربع أي 1317 ميل، فيما أفادت الأناضول التركية أن المساحة المحتلة هي 4220 كيلو مربع أي 1630 ميل.

وفي إحصائية تناقلتها وسائل الإعلام في وقت سابق، تطرقت إلى الموضوع ذاته، حيث أكدت أن المناطق التي تسيطر عليها الدولة التركية مثل عفرين وتل أبيض ورأس العين والباب واعزاز ودابق وجرابلس وجنديرس وراجو وشيخ الحديد بلغت 8835 كيلو متر مربع، حيث تضم أكثر من 1000 بلدة ومنطقة.

هل يمكن للأزمة أن تتحول إلى ثورة من جديد؟

إن فشل القوى المحلية والدولية في طي صفحات هذه الأزمة رغم محاولاتها البائسة على مدار عمر الأزمة السورية في إيجاد حل لها بدأ من اجتماعات جنيف- استانا- سوتشي ومنصات حوارية عدة كالقاهرة والرياض وعشرات الاجتماعات وجلسات التفاوض فيما بينها. ناهيك عن الانهيار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي حل بالبلد وشعبه، إذًا، عن أي ثورة يتحدثون وهم من حولوها إلى أزمة مفتعلة ومن أي باب سندخل لنقيم هذه الأزمة، وهل سنلقبها بالثورة؟، أم بالثورة المضادة في الوضع الراهن؟

من المعيب جدا تقليص متطلبات الشعب السوري ببعض المتطلبات البسيطة وحل مشكلتهم ببعض السلل الغذائية التي يقومون بتوزيعها على أنها غاية ستقوم بحل الأزمة التي يعاني منها الشعب السوري على مدار الأعوام العشرة الماضية، في حين أن الأزمة السورية تحتاج إلى حل سياسي جذري لا خنقها بكم سلة غذائية لا تسد حاجة طفل صغير، لماذا كل هذه المماطلة في حل الأزمة؟ وإلهاء الشعب السوري بهذه الفتن، واستغلال الوضع الاقتصادي الصعب التي يمر بها الشعب السوري، وعن مطالبه الأساسية، فكيف لمثل هذه الثورة التي قدمت أراضيها إلى قوى خارجية بين ليلة وضحاها وعلى طبق من ذهب دون أي بديل مسبق، مستغنية بذلك عن استرجاعها لأراضيها المحتلة، ملتهية بأجندة خارجية كالتدخل في شؤون ليبيا وأذربيجان وقرباغ، وصولا إلى حدود الهند، تاركين الأراضي السورية المحتلة خارجيا من قبل تركيا وغيرها..

إذاً فأين هي الثورة من هذه الأزمة؟!، ناهيك عن التشرد، ضياع مستقبل أطفال سوريا، عدم استدراج ملف النازحين والمهجرين وإيجاد الحلول الجذرية لمعاناتهم، كل هذه الملفات تنتظر حلول لا وعود من قبل المعنيين بهذا الشأن.