لكل السوريين

حكومة الوحدة الوطنية الليبية.. من نيل الثقة إلى التصدي للمهمات الصعبة

تقرير/ محمد الصالح 

نجحت حكومة الوحدة الوطنية الليبية، في نيل ثقة البرلمان بإجماع النواب الحاضرين، البالغ عددهم 132 نائباً، لتجد نفسها أمام مجموعة من المهام المحورية التي ستشكل في حال إنجازها، كلّها أو معظمها، علامة فارقة في تاريخ ليبيا الحديث.

وعقب منح الثقة لحكومته، دعا رئيس الوزراء الليبي الجديد عبد الحميد دبيبة، إلى إنهاء الانقسامات في ليبيا، و “إزالة الحدود الوهمية التي بنيت بين الليبيين في الفترة الأخيرة”.

وأكد أن حكومة الوحدة الوطنية “هي حكومة كل الليبيين”، وخاطب أعضاء مجلس النواب بقوله “أحتاج إلى مساعدتكم في هذه الشهور الضيقة القليلة، وأريدكم أن تكونوا معي، وأتمنى أن تجتمعوا في أي مكان في ليبيا، ليس سرت أو غدامس فقط، نريدكم أن تجتمعوا في طرابلس وسبها والجفرة، ويجب أن نرفع كلمة ليبيا واحدة”.

كما أكد أنه سيعمل “بكل جهد” لدعم المجلس الرئاسي، من أجل “إنجاح” الفترة الانتقالية. وتقديم الدعم لمفوضية الانتخابات، والتحضير لتنظيمها في الشهر الأخير من هذا العام.

مهمات صعبة

منذ الإطاحة بالرئيس معمر القذافي عام 2011 غرقت ليبيا بفوضى عارمة جعلت منها مسرحاً للصراع على النفوذ، والهيمنة على ثرواتها النفطية، بين قوى إقليمية ودولية عديدة.

ومحلياً، تتنازع سلطتان الحكم فيها، في الغرب تتواجد حكومة الوفاق الوطني المنتهية ولايتها وتتخذ من طرابلس مقرا لها، وكانت تحظى باعتراف الأمم المتحدة ويدعمها رئيس النظام التركي أردوغان.

وسلطة موازية في شرق البلاد بقيادة المشير خليفة حفتر وتدعمها دولة الإمارات ومصر وروسيا.

وبنيلها لثقة النواب، ستكون أمام الحكومة الجديدة مهمات صعبة، تبدأ من توحيد دولة نخرتها الحروب الداخلية، والأطماع الخارجية، واستشرى العنف، والعنف المضاد في علاقات القوى المحلية التابعة لأجندات سياسية خارجية، وفشلت في التوجه إلى الديمقراطية الذي طرحته تحركات الربيع العربي.

وعلى الحكومة الجديدة أن تواجه كل ذلك، وتؤسس لدولة تتمكن من إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية قبل نهاية هذا العام.

ولذلك من الضروري أن تعمل حكومة الوحدة الوطنية، دفعة واحدة، على تثبيت وقف إطلاق النار في ليبيا، وإطلاق مصالحة وطنية شاملة، وإنهاء انقسام مناطق الدولة.

وأن تبدأ بمعالجة الأزمات الاقتصادية، وتقديم حلول عاجلة للأزمات القائمة في البلاد. وإيجاد قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات.

توحيد المؤسسات

يكمن نجاح الحكومة الجديدة في قدرتها على وضع خطط مدروسة ودقيقة، لإنجاز مهامها المتعددة، والتأسيس لمرحلة جديدة تمكّن من العبور إلى مرحلة الاستقرار والتنمية.

إضافة إلى دقتها في تحديد أولوياتها، ودراسة الخطوات التي تحقق لها الوصول بالدولة إلى الانتخابات في وقتها المقرر.

ويرى المراقبون أن التحديات ستواجه الحكومة الانتقالية في مجال تثبيت وقف إطلاق النار، وتوحيد الجيش والمؤسسات الأمنية في البلاد، لمنع حدوث أي احتكاك عسكري، أو توتر مستقبلي.

ولكن التحدي الرئيسي يتمركز حول إمكانية إخراج المليشيات والمرتزقة من البلاد، حيث قدرت التقارير الأممية عددهم بعشرين ألف مرتزق في ليبيا.

وإخراجهم ليس بالأمر الهين، كما قال عبدالحميد الدبيبة، ويحتاج إلى الحكمة، وليس بالأبواق والحديث الإعلامي، وأشار رئيس الحكومة الليبية الجديدة إلى أنه لا بد من تحرير البلاد منهم، ومواجهة الأمر بالروية والحكمة.

دور المجتمع الدولي

ويرى المراقبون أن نجاح حكومة دبيبة مرتبط بإرادة المجتمع الدولي في مساعدتها على تحقيق اختراقات في ملفات متعددة ومعقدة، وعلى أهمية دور الأمم المتحدة والقوى الكبرى في رعاية الحكومة الجديدة، والتعاون معها، لتمكينها من التعامل مع أمور بالغة الأهمية والتعقيد، مثل نزع السلاح، وتفكيك المليشيات وطرد المرتزقة، وإعادة هيكلة مؤسستي الجيش والأمن”.