لكل السوريين

النزاع حول سد النهضة، والخيارات المفتوحة

يشكل استمرار، وتصاعد النزاع بين مصر وإثيوبيا حول سد النهضة، توتراً شديداً في المنطقة، ويجعل الأبواب مفتوحة على احتمالات قد تصل إلى حدود المواجهة العسكرية بين البلدين.

ويساهم اندلاع الأحداث الدامية في إثيوبيا بزيادة غموض الموقف بينهما، حيث تشن الحكومة الإثيوبية هجوماً عسكرياً على إقليم تيغراي شمالي البلاد، وتعلن حكومة إقليم تيغراي، حالة الطوارئ لمواجهة ما سمته بغزو الغرباء.

ويرى مراقبون أن هذه الأحداث ستؤثر على النزاع بين مصر وإثيوبيا، وقد تضعف الموقف الإثيوبي الذي طالما أكد على أنه “لا توجد قوة يمكنها أن تمنع بلاده من تحقيق أهدافها التي خططت لها بشأن سد النهضة”.

تعنت إثيوبي.. وتحرك مصري

في شهر شباط الماضي، جرت مفاوضات ثلاثية بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا، في واشنطن، وقعت في ختامها مصر بالأحرف الأولى على اتفاق ثلاثي بشأن قواعد ملء السد، فيما امتنعت إثيوبيا عن التوقيع.

وأصرت على ملء السد لتوليد الكهرباء، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق مع القاهرة والخرطوم، فيما تخوفت مصر على تدفق حصتها السنوية من مياه نهر النيل.

وبدأت بتحرك دبلوماسي مكثف مطلع شهر آذار الماضي، شمل عدداً من الدول الإفريقية من بينها جنوب إفريقيا وتنزانيا وروندا والنيجر والكونغو الديموقراطية.

وخلال هذه الجولة شرحت مصر موقفها من أزمة سد النهضة، ومن الجمود الحاصل في المفاوضات بينها وبين باقي الدول المعينية الأخرى.

كما قام وزير الخارجية المصري بزيارة لعدد من الدول العربية والأوروبية من أجل دعم بلاده في جهودها لدفع إثيوبيا للتوقيع على الاتفاق، حفاظا على الأمن والاستقرار في منطقة القرن الإفريقي.

خيار الحل العسكري

بعد امتناع إثيوبيا عن التوقيع على اتفاق واشنطن، حمّل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أديس أبابا وحدها مسؤولية هذا الإخفاق، ونوّه إلى احتمال قصف مصر للسد الإثيوبي، بما يشبه الضوء الأخضر للقاهرة القيام بذلك.

وتحدث أثيوبيا عن الرد بالمثل على أي خيار عسكري يتعرض له مشروعها المائي، وهو ما شكل رداً استباقياً على أي خيار عسكري قد تلوّح به القاهرة.

وهاجمت الصحف الإثيوبية تصريحات سياسيين مصريين ألمحوا فيها باستخدام القوة العسكرية لوقف بناء سد النهضة، ونقلت الصحف عن خبراء عسكريين إثيوبيين قولهم “إذا ضربت مصر سد النهضة ستضرب إثيوبيا السد العالي”.

وتساءل مراقبون عن خيارات مصر في حال لجوئها للخيار العسكري، هل سيكون باستخدامها للطائرات لتفجير السد، أو إرسال فرق الصاعقة للقيام بذلك، وتوقّعوا أن يكون رد إثيوبيا مماثلا من خلال إرسال طائراتها الحربية وقصف السد العالي، وريما غيره من الأماكن الحيوية.

بينما استبعد آخرون أن تلجأ مصر للخيار العسكري لأنه لا توجد حدود مشتركة لها مع إثيوبيا التي تبعد عنها آلاف الكيلومترات وانشغال القاهرة بأزمتها الاقتصادية، وتبعات فيروس كورونا مع أن الأمن المائي المصري يتقدم على جميع هذه الاعتبارات.

عوائق إنجاز السد

النزاع المصري مع إثيوبيا حول سد النهضة، ومخرجاته المفتوحة على احتمالات متعددة، وتأييد الولايات المتحدة للموقف المصري، ليس العائق الوحيد بوجه إنجازه.

حيث يرى المتابعون أن الأحداث الجارية في إثيوبيا، وتهجير السكان من منطقة إقامة السد، وعدم دفع تعويضات مناسبة لهم، أثار لديهم نوازع التمرد والرغبة في الانفصال.

إضافة إلى أن السد لن يفيد غالبية سكان إثيوبيا، الذين يعيشون في المناطق التي ترتفع كثيراً عن مستوى بحيرة السد، ويعانون من نقص مياه الشرب بعد انتهاء موسم الأمطار قد تهدد إنجازه. وتبقى الاحتمالات مفتوحة حول كيفية حل هذا النزاع المستمر بين مصر وإثيوبيا. وهذا ما ستكشف عنه الأيام.