لكل السوريين

العائق الأول في وجه التنامي الخدمي

احمد الابراهيم

بعد توقف رحى الحرب في الشمال الشرق السوري بشكل شبه مؤقت، وبعد هذا الكم من الدمار الذي خلفته من بعدها الحرب، كان لابد من التوجه إلى الإصلاح وإعادة الحياة للمدن المنكوبة من جديد، ومساندة الأهالي، لمنحهم ذلك الجزء من الرغبة بالاستمرارية والتفاؤل بغد أفضل مشرق يشعل طريق المستقبل بعنبر الزهور، ولكن بعد تقديم كم من الأعمال التي كانت تعتبر اسعافية لهذه المدن أصبح الأهالي والذين يعتبرون الشريك الأول في إعادة البناء ينتظرون من الإدارات التي تعمل في المجال الخدمي أن تبدأ بالتطوير ورسم وجه جديد لهذه المدن.

ولكن من الملاحظ بأن هذه الإدارات تلحظ تباطؤ في التنامي الخدمي، وإذ ما سألنا ماهي الأسباب التي تعيق هذا التنامي لوجدنا الكثير من الأسباب، ويختلف السبب وطبيعته من منطقة إلى أخرى، وإذ ما ناقشنا حول مدينة دير الزور بداية لوجدنا عدم الاستقرار الأمني فيها وهاجس الاغتيال يجعل هم وتفكير العاملين متجه نحو الحماية الذاتية دون الاكتراث بالتطوير الإداري، والذي سوف يحدث فرقا في تطوير نوعية المشاريع. وهذا الجو السائد في المدينة يخنق التفكير ويقتل الإبداع.

وإذا ما توجهنا نحو مدينة الرقة التي تتنامى فيها المقدرة الإدارية، ولكن لم نلحظ ذلك التنامي الخدمي كون العاملين لم يبحثوا وليس لديهم تجارب في مشاريع ذات طابع يواكب العصر، وإن صح التعبير في الوصف بالجهل الحضاري الذي يواكب العصر كون سنوات الحرب اقتربت من تدمير البنية العلمية المتطورة، حيث نجد العاملين يتوجهون بعملهم بفكر متأخر بسنوات عديدة عن الفكر الحالي في العالم.

ولعل مدينتي القامشلي ومنبج والحسكة من أهم معاناتهم هي عدم التقدم والتطوير في ألية المؤسسات الخدمية في تلك المناطق، وطالما الألية الإدارية رجعية في أفكارها لابد أن تكون نوعية المشاريع أيضا بفكر رجعي.

ومن هذا كله لابد من حلول تجعل المدن تتقدم، ولابد من خطة تطوير للقائمين بالعمل عبر وفود تذهب بزيارات للدول المتطورة من الناحية العلمية والخدمية، وفيها أساليب الإدارة المتطورة، وهذا من شأنه تحسين الواقع، وكذلك لابد من دورات علمية لتطوير الإدارات وتمكينهم من استخدام البرامج الحديثة التي تعطي طابع عمل إيجابي، وتقلص من الجهد المبذول.

ولكن الأهم من هذا هو نقاش الثقافة العامة والقدرة العلمية للمجتمع، فلو كانت المؤسسات في قمة الدراية والمقدرة العلمية وتستطيع تقديم أفضل الخدمات لابد أن يكون للمجتمع القدرة بالحفاظ وحماية هذه المكتسبات الخدمية، بحيث هذا الحفاظ يعطي دافع للعاملين بالاستمرار بعملهم وتقديمهم لجهود إضافية.

وكلنا ثقة بأن حال الإدارات سوف يتغير بحلول عام 2021، حيث بدأت تلوح بالأفق أفكار بالخطط الخمسية، وكذلك بنوعية مشاريع تعتمد على سياسة الاكتفاء الذاتي، وكنوع من تحقيق الأمن الغذائي لكامل شمال شرق سوريا وتكون نموذج يحتذى به عالميا.