لكل السوريين

الضريبـــــــة

فوزية المرعي

لكل إنسان في هذه الحياة هدف يبذل المستحيل من أجل تحقيقه، والسعي بخطى حثيثة لبلوغ الهدف المراد منه، وهذا الهدف يشمل كل كائن حي من امرأة ورجل، لنترك وضع الرجل الآن جانبا لأننا لسنا بصدد الحديث عنه.

ونود الغوص في شؤون المرأة التي وجدت نفسها عبر أزمنة غابرة حتى اللحظة أنها لم تحقق من أحلامها إلا القليل، فوضعت نصب عينيها أهدافاً متعددة كافحت من أجل الحصول عليها كفاحاً مريراً.

والآن يأخذنا الحديث الى وضعها كامرأة موظفة (متزوجة) ولديها أطفال، والزوج أيضاَ موظفاً أو يعمل بأي مهنة أو تاجراً.. إلخ.. ويسترعي انتباهنا حالة الأطفال وتركهم في البيت مع من يراعيهم أو في الروضة أو أو.. والافتراضات متعددة، ترى ما هو وضعهم وما هو شعورهم وما هي الحالة النفسية التي سترافق نشأتهم وغير ذلك من منغصات ترافق نشأة الطفل وهو بعيد عن أبويه؟

فنخلص إلى الآتي:

شعور الأطفال بالخوف والقلق أحياناً أمر عادي بطبيعة الحال. فهذا جزء من نشأة الطفل وهو جزء من كون الشخص إنساناً. ولكن قد يكون الأطفال الصغار أحياناً قلقين جداً لدرجة أن الهلع قد يمنعهم من الاستكشاف والانتفاع والنمو. وتُقَدِّر الدراسات أن ما يصل إلى ٥–١٥ في المائة من أطفال رياض الأطفال والمدارس يشعرون أحياناً بهذا القلق الشديد. أي أنه من الشائع تماماً أن يشعر الطفل الصغير بالقلق.

غالباً ما يأخذ القلق مظهر الحزن عند الطفل أو رغبته في الامتناع عن الأشياء المخيفة أو أن يصعب عليه الابتعاد عن أحد الوالِدَيْن أو أن تداهمه التخيلات أو الأحلام المُرَوّعة. وقد ينشغل الأطفال في سن الالتحاق بالروضة بالأمور التي تقلقهم ويتحدثون كثيراً عنها أو يصعب عليهم تخطيها والمضي قدماً. إلا أن القلق قد يأخذ مظهر العناد أو الميل للشجار. ولهذا فإنه من المهم دائماً أن نحاول فهم سبب تشاجر الأطفال. قد يكونون بالأحرى بحاجة للتعامل مع خوفهم بدلاً من تعلم السيطرة على الغضب.

ولأن الخوف والقلق قد يزيدان وقد ينقصان عند تجنب الطفل الشيء الذي يخيفه فمن المهم تشجيع الطفل على تحدي مخاوفه. وليس من السهل دائماً التنقل بين تأكيد مشاعرهم وتهدئة رَوْعِهم وفي الآن نفسه تشجيعهم على التحلي بالجرأة على المحاولة.

ولكن قد يكون الخوف والقلق لدى الطفل سببه في حقيقة الأمر وجود أشياء في حياته يشعر حيالها بالخوف أو الضغط النفسي. وقد يكون الطفل قد خاض أمراً شاقاً، مثل الفرار أو فقدان أحد والِدَيْه. ولربما كان الطفل مهموماً بعد الفرار أو لأن أحداً أخافه في روضة الأطفال وتخوف الطفل في مثل هذه الحالات رد فعل طبيعي على مروره بأمر صعب.

في وقفة مع الذات بالنسبة للمرأة واستعراض مسيرتها الكفاحية من اجل تحقيق تعليمها. ثم تحقيق مساعيها من أجل الحصول على وظيفة تتبوأ من خلالها مركزا اجتماعيا تتحرر من خلاله اقتصاديا بعيدا عن سلطة الزوج المادية. تأخذها نشوة الانتصار في تحقيق كل ما كانت تصبو إليه. لكنها تقع في مأزق كبير يتطلب جهودا كبيرة منها، وهو ترك الأطفال في البيت أو في دور الحضانة حيث ينشأ الطفل وهو محروم من حنانها وحنان الوالد أيضا.

وهناك أطفال قد يتلاءمون مع الأوضاع حين يكبرون بالتدريج، أما الصنف الآخر قد ينشأ حاملا الكثير من العاهات النفسية التي ترافقهم حتى نهاية العمر خاصة الذين يتميزون برهافة الاحساس.. وبهذا نخلص للقول:

أن (ضريبة) تفوق المرأة على ذاتها وعلى المجتمع ككل هو عذابها والشعور بعقدة الذنب تجاه تقصيرها في احتضان أطفالها وارتوائهم من نهر حنانها الذي تميزت به منذ بدء الخليقة، وذلك بتحقيقها الهدف الوظيفي على حساب تنشئة أطفالها ورعايتهم، ومنحهم الأمان والدفء والحنان، سيما وأن الأطفال هم فلذات كبدها، ومن غير انجابهم لا تشعر المرأة بالأمان مع زوجها.

والذي سيهددها بالزواج من امرأة أخرى إن لم تنجب. وهناك الكثير من الموظفات تركن العمل الوظيفي للإشراف على تنشئة أسرة متكاملة لا خلل فيها والامثلة على ذلك لا تحصى.