لكل السوريين

تمتاز بلادنا بالأفق الضيّق

أحمد الابراهيم

من أكثر التعريفات المرتبطة بالبلدية هي “مؤسسة شعبية اجتماعية خدمية تتميز باستقلالها المالي والإداري”، ومن هذا التعريف نفهم بأن البلدية لديها تخصصات عديدة في برنامج عملها، ولعل الهم الاجتماعي والشعبي يغلب على الهم الخدمي، وهذا يوجب على البلدية أن تضع خططها لتستطيع الحصول على الثقة المجتمعية، لتقوم بقيادة المجتمع.

وإذا ما أخذنا من باب المقارنة بين بلدياتنا في سوريا، وفي شمال شرق سوريا على وجه الخصوص، وبين بلديات الدول التي تشهد تطورا اقتصاديا متناميا، نرى بأن بلدياتنا لديها هم وحيد بالدرجة الأولى وهو الوصول إلى مدينة نظيفة، وكأن هذا العمل هو الاختصاص الوحيد والمشروع السامي لها فقط.

ولعل البعض من بلدياتنا من أسمى طموحاتها هو الوصول إلى نظافة المدينة، وربما بعضها يواجه العجز في ذلك، وتتميز أيضا بأنها بعيدة عن المشروع السياسي للمنطقة، أي بعيدة عن هموم المجتمع المرتبطة بالسياسة، بينما نجد في الدول المتطورة بأن سبب تقدمها هو بلدياتها المتطورة، والتي تحمل هم المجتمع من تحقيق فرص للعمل وتخفيض البطالة وكذلك التخطيط للمدن، بحيث تؤمن المسكن الرخيص ضمن حدود الاستطاعة الاقتصادية للمواطن، وتخلق مشاريع حيوية تحسن العائد للصندوق البلدي، بحيث تستطيع اطلاق مشاريع جديدة تحسن من المستوى الاقتصادي للمنطقة.

وكذلك تتحمل البلدية مسؤولية تطوير التعليم والصحة، ولها إسهامها في المشروع السياسي، وتحمل هم التطوير الأخلاقي للسكان، والحفاظ على التراث والأثار وتاريخ المنطقة، وكذلك تعمل البلديات على تعزيز الثقة بين المجتمع والمؤسسات عبر برامج حوارية وإعلامية، وتطبيق مبادئ الإدارة الرشيدة عبر أبوابها التي تعتمد على مشاركة المجتمع في اتخاذ القرارات العامة والشفافية في البيانات المالية، وكذلك التمثيل لكافة المكونات والشرائح المجتمعية.

ولكي تضمن هذه البلديات نجاحها تعتمد التخطيط الاستراتيجي بخطط ثابتة ومدروسة من كافة الحيثيات، والسؤال هنا هل هذه التجارب غائبة عن بلدياتنا؟، وما هي العوائق في وجه التطوير في العمل البلدي؟، ولماذا عمل بلدياتنا مازال منحصرا في ضيق الأفق وقصور العمل؟، وفي حال كانت الحجة لهم هي الوضع الحالي والناتج عن الحرب، نقول بأن هذه التجربة مرت على جميع دول العالم، وعانوا من الحرب والدمار، وعدم الاستقرار.

ولابد أن نعرف ونحلل الأسباب، وكيف استطاعوا أن يقوموا بتوحيد الهدف عبر برامج الحشد والمناصرة الشعبية؟، وهذه الفكرة يجب أن تتبناها بلدياتنا كي تستطيع النهضة، ونستطيع أن نقول بأن أي بلدية تعمل دون الاتحاد مع مجتمعها مصيرها الفناء أو الجمود، وإن المنطقة ستبقى في حالة من عدم الاستقرار الخدمي وانتشار للمخالفات، وعلى كافة الصعد.

ومازلنا ننتظر من بلدياتنا أن تلعب دورها الجاد والفاعل في تقديم الخدمات وقيادة المجتمع للوصول إلى مجتمع يرتكز على قاعدة الأخلاق والعلم والعمل ليبني المؤسسات ويبني الوطن.