لكل السوريين

تركيا وقواعد اللعبة السورية

حسن مصطفى

مما لاشك فيه أن قواعد جديدة وضعت للعبة السورية، ونؤكد على كلمة اللعبة السورية لأن  ما يجري على الأرض السورية لا يمكن تسميته إلا بلعبة يشارك فيها معظم الأطراف الإقليمية والدولية، يتم خلالها تصفية حسابات أولئك اللاعبين على حساب الأرض والمستقبل السوري دون اكتراث بالأثمان الباهظة التي يدفعها أبناء الشعب السوري، جراء تلك التصفيات بين اللاعبين الرئيسيين في الساحة السورية، ولكن المؤكد أن قواعد جديدة جرى وضعها للعبة السورية من قبل اللاعبين الكبار وهما الأمريكي والروسي  ولا يجوز لأي لاعب ثانوي الخروج عليها.

وكما هو معلوم للجميع أن الفصائل الجهادية التي تم تجميعها ضمن خطة متقنة بين اللاعبين الكبار وبعض اللاعبين الثانويين من سهولة التوجيه والتحكم يتم خلال فترات معينة من عمر الأزمة السورية، لتحقيق أهداف تكتيكية متفق عليها بين كبار اللاعبين، وفيما بعد سيصار إلى إخراجهم والتخلص منهم بطريقة ترضي كافة الأطراف الفاعلة، وأكبر مثال على ذلك ما تم نشره من أخبار حول استهداف اجتماع لمجموعة من العاديين المرتبطين بالقاعدة في شمال غرب سوريا، (وتحديدا في منطقة إدلب) التي تعيش صراعا بين المجاميع الجهادية للهيمنة على المنطقة، والتحكم بقرارها، متناسين أن الوجود التركي الداعم لهم ليس سوى وضعهم تحت الوصاية والرقابة الشديدة لحين صدور قرار التخلص منهم بعد أن جرى إحالة ملفهم إلى المفتي كما في مصر، أي أن أمر التخلص منهم صدر وتنفيذه مسألة وقت لا أكثر، بالرغم مما يشاع عن هيمنة فصيل أو استقواء فصيل على فصيل آخر، بدعم تركي، والآخر قطري، وثالث روسي.

وهكذا يتم تبادل أدوار اللعب على ساحتنا السورية، دون أن يسمح لأي لاعب بتغيير قواعد اللعبة الموضوعة من كبار اللاعبين الفاعلين في الشأن السوري، إضافة إلى أن هناك مؤشرات ليست في صالح الدور الروسي الذي يتهمه الكثيرون بعدم حيويته ووقوفه الأعمى مع النظام، دون اعتبار لمصالح الشعب السوري والذي هو من ثوابت المنطقة، في حين أن الأنظمة ومهما طال عمرها فإنها تبقى من المتغيرات، وهذا مالم يقتنع به الجانب الروسي. 

والذي سيؤدي به في النهاية إلى خسائر استراتيجية لا يمكنه تحملها، وسيمنى بهزيمة مدوية عاجلا أم آجلا نتيجة إصراره غير المسبوق على تجاهل مابات من الثوابت في نظر كثير من دول العالم وأخص بالذكر واقع شمال شرق سوريا الذي أمسى رقما صعبا في المعادلة السورية، ولا يمكن تجاهله تحت أي ظرف، فهو يمثل أكثر من ثلث الجغرافية السورية، و80% من الموارد الطبيعية والثروات الباطنية، وقرابة 40 % من مجموع السكان في عموم الأرض السورية.

ولهذا نجد أن قواعد جديدة جرى وضعها من التحضير لمرحلة كش ملك (نهاية لعبة الشطرنج)، والتي نأمل أن نشهد نهايتها في المدى المنظور، وهذا الأمر كان مبعث استياء روسي من تلك الآراء التي شككت بمصداقية اللاعب الروسي وحسن نواياه وحياديته، التي بات مثار شك من جميع أطياف المعارضة، باستثناء معارضة العاصمة وموسكو، التي هي بدورها خطت خطوات مهمة على طريق توطيد الروابط مع الإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية، بعد أن أدركت أنها باتت كيانا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وديموغرافيا لا يمكن لعاقل أن يتجاهله تحت أي ظرف من الظروف.