لكل السوريين

حقوق الملكية والقرصنة المتفشية سببان أطاحا بالكتب السورية الثقافية

يعاني الكثير من المؤلفين وأصحاب دور النشر السورية والعربية من أنّه وبعد يومٍ واحدٍ من نشر كتابٍ ما، تقومُ جهاتٌ مُقرصنة بسرقته وطباعته على شكل نسخٍ ورقيةٍ سيئة “ريزو” وأغلفةٍ رديئةٍ مشوِّهة لجهد المصمّمين الفنيّين، لتبيعه بأسعارٍ منخفضةٍ بحجة الحرب وغلاء المعيشة!.

وبهذا الخصوص يبرز سؤالٌ حول أين هي حقوق الكتَّاب والناشرين حين يجدون عشرات النسخ من مطبوعاتهم موجودةً بشكلٍ غير نظاميٍ في بسطات الكتب ورفوف مكتباتٍ كانت تُعدّ يوماً مكتباتٍ ذات سمعةٍ جيدة؟.

قرصنة فكرية

صرّح عيسى أحوش مدير دار “بيسان” للنشر والتوزيع اللبناني بالقول “ذلك لا يضرُّ دورَ النشر فقط؛ إنما يضرّ الإبداعَ عموماً. لأنّ القرصنة الفكرية تحرم المؤلّف من أبسط حقوقه ومن مردود كتبه التي يعيش عليها وبالتالي تحرمه من حقّه بالحياة نفسها وعلينا أن نعرِّف القارئ/المواطن بذلك”.

فيما أصرّ الأستاذ هيثم الحافظ رئيس اتحاد الناشرين السوريين على أنّه “لم تكن هناك “كتب مقرصنة لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ” في معرض الكتاب لهذه السنة، وأن هذه شائعةٌ غير دقيقة ولم تردنا أيّة شكوى بهذا الخصوص”.

ولفتَ إلى أنّ “الجهة الأولى صاحبة الحق هي المؤّلف ومن المفترض عليه أن يتقدّم بالشكوى ويعلمنا بذلك وإلا كيف سنعرف في حال وجود أي سرقةٍ أو تزويرٍ أو قرصنةٍ”.

لجان مراقبة

وأفاد الحافظ أنّ هذه السنة تم تشكيل لجنةٍ مكوّنةٍ من عدة دور نشرٍ (منها دار صفحات، ودار المناهل، ودار الفكر) لمتابعة هذه القضية بالتعاون مع مديرية حماية حقوق المؤلف في وزارة الثقافة لرفع مستوى وتعداد الكتب غير المقرصنة في سوق النشر السورية.

أمّا عن آلية التنفيذ الواقعي لهذه الفكرة أوضح الحافظ: “نحن جهة استشارية وليست تنفيذية. نحن ندرس أرضَ الواقع ونقدّم دراسةً عنه للجهات المعنيّة بالمخالفة مثل (الضابطة العدلية)”.

وتقوم تلك الجهة بمرافقة موظفين من مديرية حماية حقوق المؤلف المخوّلة بتنفيذ المراقبة ومخالفة البسطات والمكتبات ودور النشر بناءً على الفواتير المزوّرة الموجودة لدى هذه الجهة أو تلك لمعرفة مصدر الكتاب الأساسي وكيفية دخوله للسوق.

اتفاقية غير مفعّلة

فيما قال مجد حيدر، مدير دار ورد، وهو عضو في لجنة اتحاد الناشرين المشكّلة حديثاً لمتابعة موضوع القرصنة، “رغم أن سوريا موقّعةٌ على اتفاقية الملكية الفكرية وحقوق المؤلّف منذ عام 2001 إلّا أنّها على أرض الواقع وبكل صراحةٍ غير مفعّلة”.

وأضاف موضحّاً: “تأتينا شكاوي ونحاول أن ننبه أصحاب الدور أو المكتبات المقرصِنة كي لا تنشر الفضيحة أو تُشخصن الأمور. بعضهم يلتزم ويَعِدُنا بأن يحلّ الموضع بالسرعة الممكنة. وآخرون لا يرتدعون”.

رغم أنّه يُقرُّ ببعض الفائدة غير المباشرة “فهناك مؤسساتٌ غير ربحية مؤسسات تعليمية ومنظمات وجمعيات غير ربحية يمكن التساهل معها لأنّها تهتم بتأمين الكتب العلمية والتعليمية للطلاب في الجامعات”.

وفيما إذا كان في طباعة الكتب بهذه الطريقة من فائدة للقارئ ذي الدخل المحدود وتشجيعاً لحركة القراءة التي لطالما اشتكى منها النقّاد، يرى السيد عيسى أحوش مدير دار “بيسان” أنّ “هذا مفيد للقارئ على المدى القصير لكنه مضرٌّ بجسم الثقافة ككل على المدى البعيد”.

تغاضي نتيجة جهل

ويضيف أنّ هذا تدمير للبنيان الثقافي العام والإبداع عند الكُتّاب. ففي بعض البلاد العربية المجاورة ليس هناك رؤية عامة عن أهمية هذا الموضوع بسبب نوع من جهلٍ اقتصاديٍ وفكرة مغلوطة عن ضرورة المحافظة على القطع الأجنبي/الدولار بمعنى هي ترى أنه ليس من مصلحتها أن تتخلى بشكلٍ نظاميٍ عن الدولار مقابل كتبٍ مطبوعةٍ نظامياً إنما لتغضّ النظر عن تلك القرصنة رغم كل تبعاتها.

ويقترح أحوش شيئاً من الحلّ في أنْ “يعاود المسؤولون رعاية المثقفين ودعمهم بما يليق بهم ويمنع المزوّرين والمقرصنين من السطو على حقوقهم الفكرية والمعنوية والإنسانية”.

فيما يشير هيثم الحافظ إلى “وجوب التفريق بين الكِتاب المُقرصن والكِتاب المزوَّر: فالمُقرصَن هو الكِتاب الذي يُطبع باسم الدار الأصلية نفسها مع  اللوغو والشعار نفسه. أمّا المزوَّر فهو أن تطبع دار النشر كتاباً بعد أن تقوم بنزع اللوغو أو شعار دار النشر الأساسية”.

وهذا -بحسب رأيه- تزويرٌ تجاريٌّ كامل وعندها يمكن حتى لدوريات المحافظة والبلديات أن تُحرِّرَ ضبوط المخالفة بحق المزوّرين!.

وكالات