لكل السوريين

كلمة صغيرة حول ما يسمى الحروب غير المتماثلة وحروب الجيل الرابع

كانت الحروب التقليدية تعتمد على مواجهة الجيوش لبعضها البعض، وتوقع خسائر كبيرة في جيوش الأطراف المتحاربة، الا أن الحروب تطورت مع تقدم العلوم خلال مراحل التاريخ، فتطورت وسائل وأدوات الحروب وأصبحت أكثر دقة وتدميرا , وكما يقال ” إن تاريخ تطور الحروب يرتبط طرديًا مع تطور التكنولوجيا “.

لكن الدول الأكثر تقدما بدأت البحث عن اشكال من  الحروب تكون أقل كلفة وتبعات من الحروب التقليدية, وهذا ما أوصلنا الى ما يسمى بحروب الجيل الرابع وما بعدها ، والتي تعتمد على ممارسات السيطرة على العقل والفكر , وتتميز بممارسات القوة، من خلال تجييش وتجنيد الأفراد والمنظمات والأحزاب داخل الدول  المستهدفة بحيث يتم تدريبهم وتأهيلهم إقناعهم بضرورة إسقاط الحكومات القائمة من خلال إزاحة الحاكم وتخريب أجهزة الشرطة والأمن الداخلي والقوات المسلحة والقضاء وما يترتب على ذلك من دمار اقتصادي واجتماعي واجبار الالوف إلى الفرار وهجرة أماكن سكناهم وفقدانهم لأمنهم الصحي والغذائي.

وتُستخدَم كل الأدوات والوسائل الإعلامية و جميع وسائل التواصل الاجتماعي, لنشر الاخبار المهولة والملفقة لزرع الفوضى والخراب داخل مجتمعات الدول المستهدفة.

لقد تطورت أنواع الحروب إلى عدة أجيال لتلائم أهدافها المتغيرة، خاصة مع التطور التكنولوجي المتسارع جدا، والتي ساهمت بتحويل حروب المدافع إلي حروب المعلومات.

وحسب المتداول الآن، يمكن تقسيم الحروب الى عدة أجيال، وفقا للتالي:

  1. حروب الجيل الأول: وهي الحروب التقليدية والتي اعتمدت على الحشود البشرية.
  2. حروب الجيل الثاني: وهي الحروب التي حدثت بين قوات حكومية, وقوات غير حكومية, ومنها حركات التحرر بعد الحرب العالمية الثانية وحروب العصابات ضد أنظمة الحكم في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي في أمريكا اللاتينية.
  3. حروب الجيل الثالث: وهي التي تُعرف بالحروب الوقائية أو الاستباقية أو الخاطفة، ومثل ذلك الحرب الأمريكية على العراق, وتتميز بعنصر المفاجأة والسرعة والمرونة.
  4. حروب الجيل الرابع: وهي الحروب التي تجد الدول نفسها في مواجهة تنظيمات ليس لها جيش واضح أو موقع معين لاستهدافه، بل مكونة من عناصر محترفة ولها خلايا محلية أو دولية، ولها امكانيات كبيرة باستهداف الدول التي تشكل أهداف لها، لذلك سميت الحروب غير المتماثلة، وتهدف حروب الجيل الرابع إلى زعزعة الاستقرار والتشكيك في الجيش والشرطة والقيادات السياسية وضرب الاقتصاد وضرب السياحة ونشر الشائعـات واستخدام التكنولوجيا في التنظيمات الإرهابية.

وبالنتيجة العمل على تحويل الدولة المستهدفة إلى دولة فاشلة. وتعتمد هذه الحروب في أدواتها على الإرهاب، والحرب النفسية، والعصابات، وشبكة الإنــترنـت والضغوط الاقتصادية عبر اللعب في البورصة، وزيادة الأسعار، وخلق أزمة في أسعار العملات المحلية.

ووفقا لبعض الدراسات والأبحاث الصادرة، فان الوسائل المستخدمة في الجيل الرابع من الحروب، هي كالتالي :

  • الإرهاب والتطرف والمنظمات والجماعات والخلايا الإرهابية الموجهة، واستخدام تكتيكات حرب العصابات لتحقيق الأهداف المراد منها.
  • استخدام الحرب النفسية والذهنية المتطورة وأدواتها في الاعلام والانترنت والتلاعب النفسي وتحريك الرأي العام.
  • استخدام الضغوط السياسية والاقتصادية والعسكرية.
  • تشكيل وسائل هذه الحروب اعتمادا على تطور تكنلوجيا المعلومات والهندسة الجينية والحواسيب المتطورة والرادار التموجي والجيوش الالكترونية.

كل هذه الوسائل تأتي في سبيل اخضاع الدولة المستهدفة عن طريق جعلها دولة فاشلة ومنهكة وضعيفة، تستجيب للضغوطات والتدخلات الخارجية وتكون أرضا صالحة للنفوذ والسيطرة.

فحروب الجيل الرابع تعتمد على إحداث تدمير ذاتي داخل الدولة المستهدفة وتفتتها وتشيع الانقسام بين مكوناتها، وبالتالي ينتهي الأمر بتخليق دولة فاشلة يسودها الفوضى والفراغ. ولعل انهيار الاتحاد السوفيتي كان واحدًا من أوضح نتائج حروب هذا الجيل الرابع.

ويضاف إلى ذلك، إن أساليب (اللاعنف) تدخل مصاحبة للتقدم التكنولوجي المتقدم لتترك بصماتها على الدولة المستهدفة من خلاله.

علاوة على الأدوار التي يقوم بها الإعلام المُضلِّل الذي يقدم أسطوانات وسيمفونيات المبررات غير الموضوعية والتي تعمل على استدعاء قوى الخارج والأطراف الدولية لضرورة الإنساني والاغاثي بحجة تأسيس دولة ديمقراطية حديثة على أنقاض الدولة المستهدفة، مستخدمين وبتآلف وتوالف ديماغوجيين ما بين أدوات التقدم التكنولوجي وأساليب ودعوات طرق ودعوات اللاعنف التي ترسخت عبر التدريب والتأهيل السابقين لساعة الصفر المقررة من الخارج نفسه المستدعى للإنقاذ.

ونشير أخيرا إلى مفارقة واقعية، ولا يمكن السيطرة عليها, والتي تتعلق بالتطورات العلمية ومنتجات الأسلحة في بلدان المراكز الصناعية, وتسرب وانتشار الأسلحة الحديثة إلى العديد من الجهات والكيانات حول العالم, ووصولها إلى المجموعات الراديكالية والإرهابية، واستعمالها الموجه في مواجهة القوى العسكرية للدول الوطنية, فالجميع يواجه الجميع باستخدام أحدث أنواع الأسلحة, والجميع يدفع اثمانها من قوت وثروات الشعوب, آجلا أم عاجلا.

يتبع…….

أنعام إبراهيم