لكل السوريين

ربطة خبز… معلّقة

لطفي توفيق

خلال.. وبعد الحرب الكونية..

صارت القهوة من السلع الثمينة.. وعجز معظم الإيطاليين عن دفع ثمنها.

آنذاك… دخل أحدهم وصديقه إلى مقهى في نابولي..

وطلب فنجان قهوة له.. وآخر لصديقه.

ثم دخل اثنان آخران.. وقال أحدهما لصاحب المقهى:

نريد خمسة فناجين من القهوة.. علّق ثلاثة منهم…

لم يفهم الصديقان معنى.. علّق ثلاثة منهم!!

وتكرر الأمر مع زبائن جدد.

ثم دخل المقهى رجل رث الملابس، وسأل صاحب المقهى:

هل يوجد فنجان قهوة معلق؟

و.. فهم الصديقان معنى فنجان القهوة المعلق

في نابولي آنذاك… يطلب أحدهم فنجان قهوة له..

وآخر معلّق لمن لا يستطيع دفع ثمنه..

وانتشرت هذه الظاهرة.. إلى أن تأسست “شبكة فناجين القهوة المعلّقة”.

وصارت توزع الفناجين المعلقة لمن لا يستطيعون دفع ثمنها..

في أماكن مختلفة من العالم.

وتقوم على الثقة المتبادلة بين أصحاب المقاهي.. وفاعلي الخير

ولا يلتقي المستفيد من الفنجان.. بمن دفع ثمنه.

وفي زمن مجاعة أخرى.. ومكان آخر..

كان الشخص الميسور يذهب الى المخبز.. ويدفع ثمن رغيفين من الخبز..

يأخذ واحدا.. ويترك الثاني لمن لا يستطيع دفع ثمنه.

ويعلّق صاحب المخبز الأرغفة التي قبض ثمنها في مكان ما داخل الفرن

ليأخذ المحتاجون من الخبز المعلق.. دون أي شعور بالحرج

ويقوم ذلك على الثقة المتبادلة بين أصحاب المخابز.. وفاعلي الخير

ولا يلتقي المستفيد من الرغيف.. بمن دفع ثمنه

وتوسّعت هذه الظاهرة.. في عدد من الدول..

فوجدت فيها السندويشات المعلّقة..

والوجبات الخفيفة المعلّقة.

هذه الظاهرة ليست مبادرات خيرية فقط..

بل هي رمز للتضامن الاجتماعي والتكافل الانساني

لدى أي شعب تجتاحه الأزمات.. والكوارث.

هناك.. غادرهم شبح المجاعة بلا عودة..

وبقي فنجان القهوة… المعلق.

وهنا.. شبح المجاعة يقرع معظم الأبواب..

وأبواب معظم البيوت.. مشرعة أمامه.

فمتى نرى في كل فرن.. ربطة.. بل ربطات خبز… معلّقة

وفي كل صيدلية علبة.. بل علب دواء… معلّقة

وعلب حليب أطفال… معلّقة

وفي كل محل تجاري.. عبوة زيت.. ومواد غذائية أخرى… معلّقة

على أن تتواجد ثقة متبادلة بين معلّقي المواد..

وفاعلي الخير.