لكل السوريين

ارتفاع سعر ربطة الخبز إلى 4000 ليرة يرهق أصحاب الدخل المحدود في حلب

أدى قرار رفع سعر ربطة الخبز في مدينة حلب إلى 4000 ليرة سورية إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها المواطنون، وخاصة أصحاب الدخل المحدود. هذا الارتفاع المفاجئ في الأسعار أثّر بشكل مباشر على معيشة العائلات التي باتت عاجزة عن تأمين احتياجاتها الأساسية، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.

في حي السكري، أحد الأحياء الشعبية التي تعيش فيها العديد من العائلات تحت خط الفقر، التقينا أم رامي، أم لأربعة أطفال، التي عبّرت عن قلقها الشديد قائلة: “كنا نشتري الربطة بـ1000 ليرة، ورغم أن السعر كان مرتفعاً، كنا نحاول التوفير. اليوم بـ4000 ليرة؟ هذا يعني أن نصف راتبي سيذهب فقط للخبز”،
وتابعت أم رامي: “نضطر لتقليص عدد الوجبات، ونستبدل الخبز بالأرز أو البرغل عندما يتوفر، وعندما نتحدث عن الطعام الكافي لا نجد سوى القليل، نحن نعيش على الكفاف، والسلطة “تتفرج” هذا الوضع يعكس معاناة الأسر ذات الدخل المحدود، حيث أصبحت حياتهم اليومية في ظل هذه الأسعار المتزايدة أكثر صعوبة وتعقيداً.

وفي حي بستان القصر، الذي يضم العديد من العمال وأصحاب المهن الحرة، التقينا أبو مصطفى، عامل مياومة، الذي أشار إلى أن دخله اليومي لا يتجاوز 30000 ليرة. وقال أبو مصطفى: “إذا اشتريت ربطتين خبز لأولادي، ماذا سيتبقى لنا لباقي اليوم؟ أصبحنا نعيش في حالة اقتصادية صعبة بعد ارتفاع سعر ربطة الخبز.” هذا التصريح يعكس أزمة أخرى يعاني منها المواطنون في المناطق ذات الدخل المنخفض، حيث أصبح توفير أبسط الاحتياجات اليومية يشكل تحدياً حقيقياً.

من جهة أخرى، أوضح أبو حيدر، مدير أحد الأفران في حي الحمدانية، أن قرار رفع السعر جاء بناءً على تعليمات حكومية، وليس قراراً فردياً من أصحاب الأفران. وقال أبو حيدر: “نحن لا نربح كما يظن البعض. التكلفة ارتفعت كثيراً، الطحين أصبح بسعر مرتفع، والمازوت الصناعي غير مدعوم، بالإضافة إلى تكاليف أخرى.” وأضاف: “صدرت أوامر بأن يُباع الخبز بسعر لا يقل عن 4000 ليرة، وإلا نُعرّض للمخالفة”.
وأشار إلى أن الوضع لم يتحسن رغم هذا الارتفاع، حيث يستمر الفارق بين تكلفة الإنتاج وسعر البيع في التأثير على الأفران: “حتى مع هذا السعر، يبقى الإنتاج صعباً، خصوصاً في ظل انقطاع الكهرباء وارتفاع أجور العمال. المواطن مظلوم ونحن أيضًا. المشكلة تكمن في غياب سياسة دعم فعالة”.

كما يسلط هذا الارتفاع في سعر الخبز الضوء مجدداً على غياب آلية واضحة لدعم المواد الأساسية في سوريا. ففي وقت سابق، كانت الحكومة تدعم الخبز التمويني عبر البطاقة الذكية، لكن ضعف التوزيع وقلة الكميات جعل المواطن يعتمد على الخبز الخاص أو السياحي، الذي أصبح من الصعب تحمله بالنسبة للأسر الفقيرة. هذا التحول في الاعتماد على الخبز السياحي جعل العائلات الفقيرة أكثر عرضة للمعاناة، حيث أصبح توفير الخبز من الأولويات التي تتنافس مع احتياجات أخرى.

في هذا السياق، علق حسام طحان، الخبير الاقتصادي، على القرار قائلاً، “رفع السعر بهذا الشكل دون تقديم بديل أو دعم حقيقي يعني أن الدولة تنقل عبء الأزمة إلى الفقراء. الخبز خط أحمر، وإذا لم يُضبط هذا الملف، فإن الأمور قد تخرج عن السيطرة اجتماعياً، وتعتبر هذه التصريحات دعوة لوضع حلول جذرية للمشكلة، وتحديد آليات دعم فعالة تؤمن احتياجات المواطنين في ظل الوضع الراهن.

إن ارتفاع سعر ربطة الخبز إلى 4000 ليرة ليس مجرد رقم جديد في قائمة الأسعار المتزايدة، بل هو مؤشر على أزمة معيشية تتفاقم يوماً بعد يوم. وبينما تتقاذف الجهات المعنية المسؤولية، تبقى العائلات الفقيرة هي الخاسر الأكبر، تعاني بصمت، في انتظار قرار يعيد للخبز قيمته كحق أساسي لا كترف.