لكل السوريين

انتشار السلاح في حلب يهدد السلم الأهلي ويؤجج التوترات الاجتماعية

حلب/ خالد الحسين

تشهد مدينة حلب في الآونة الأخيرة تزايداً مقلقاً في انتشار الأسلحة بين مختلف فئات المجتمع، ما يشكل تهديداً مباشراً للسلم الأهلي ويزيد من حالة التوتر والانفلات الأمني. وأكدت مصادر محلية أن فوضى السلاح أصبحت ظاهرة يومية في أحياء المدينة، في ظل غياب الرقابة الأمنية الفعالة وتنامي العنف المسلح.

وترجع أسباب هذه الظاهرة إلى الأزمات المتتالية التي مرت بها المدينة خلال سنوات النزاع، حيث ساهمت الحرب في تزايد أعداد الأسلحة المتوفرة بيد الأفراد والجماعات المسلحة. وبعد سنوات من الفوضى، أصبحت الأسلحة منتشرة في العديد من الأحياء والمناطق، سواء لدى أفراد أو جماعات، في وقت يشهد فيه الأمن العام تدهوراً واضحاً. لم يعد السلاح محصوراً في أيدي الجهات الرسمية أو العسكرية، بل أصبح في متناول العديد من الأشخاص المدنيين.

انتشار السلاح في أيدي غير المتخصصين بات يشكل تهديداً كبيراً للأمن الاجتماعي. أحمد سليمان البكري، مواطن من حي الأعظمية، يقول: “في كل مكان أصبحنا نسمع عن حالات إطلاق نار، سواء بسبب خلافات شخصية أو مشاكل اقتصادية. الوضع أصبح لا يحتمل”. كما أضاف: “كان لدينا أمل في أن يتحسن الأمن مع مرور الوقت، لكن للأسف، تفاقمت الأمور بسبب فوضى السلاح”.

الحوادث الناتجة عن استخدام الأسلحة أصبحت شائعة في المدينة، سواء كانت مشاجرات عائلية أو نزاعات تجارية، فإن استخدام السلاح في هذه الحالات لم يعد استثناء. ما يزيد الوضع سوءاً هو أن غالبية هذه الحوادث تنتهي بعواقب وخيمة، منها حالات وفاة وإصابات بالغة.

غياب الرقابة والحلول الحكومية

على الرغم من الجهود التي بذلتها السلطات لتطهير بعض المناطق من الأسلحة غير المشروعة، إلا أن هذه الجهود لم تكن كافية للحد من فوضى السلاح في المدينة. الحكومة لم تتخذ تدابير حاسمة لنزع الأسلحة من الأيدي غير القانونية، وتبدو الخطط الأمنية المحدودة غير قادرة على التعامل مع هذه المشكلة بشكل جذري.

وصرح لمراسلنا خبير في الشؤون الأمنية، فضل عدم الكشف عن هويته: “من الضروري أن تضع الحكومة خطة شاملة لرفع الأسلحة غير المشروعة من أيدي المدنيين، خاصة مع تزايد حالات العنف المرتبطة بهذه الظاهرة. يجب أن يكون هناك تعاون بين الأجهزة الأمنية والمجتمع المدني لحل هذه الأزمة”.

تتجاوز آثار فوضى السلاح المسائل الأمنية لتشمل التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية. فقد أثرت هذه الظاهرة بشكل كبير على الاستثمار في المدينة، حيث أصبح العديد من رجال الأعمال والمستثمرين يترددون في العودة للاستثمار في مناطق تعيش حالة من الانفلات الأمني. كما أن انتشار السلاح يعزز من العنف المجتمعي، ويزيد من حالة الاستقطاب والانقسام بين فئات المجتمع.

إن انتشار فوضى السلاح في مدينة حلب يعد تحديا كبيراً أمام الحكومة والمجتمع على حد سواء. يتطلب الوضع مزيدا من الجهود الأمنية الحازمة، إلى جانب خطة شاملة لإعادة السيطرة على الأسلحة في المدينة. لا يمكن تحقيق الاستقرار إلا من خلال تفعيل دور القانون وإعادة بناء ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة، مع اتخاذ خطوات فعالة لوقف العنف المرتبط بالسلاح.