في ظل الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة التي يعاني منها السوريين لجأت بعض النساء وخاصة في مدينة حلب لافتتاح بعض المشاريع الصغيرة مثل التصميم والتطريز والخياطة، وصنع الإكسسوارات والمشغولات اليدوية وغيرها، وتعتمد أغلبيتهن على الترويج لهذه المنتجات وبيعها عن طريق التسويق الإلكتروني على مواقع التواصل الاجتماعي لعرض منتجاتهن والخدمات التي يقدمنها.
وتتنوع المشاريع النسائية الخاصة في حلب وتطرق باب كل مهنة، من المشغولات اليدوية والتطريز والخياطة إلى صناعة الشموع والهدايا والدخول إلى عالم التصميم والرسم، وغيرها من المشاريع الصغيرة التي فرضتها الظروف، إذ ترغب السيدات بالعمل داخل المنزل لتحقيق نوع من التوازن بين عملهن ورعايتهن لأطفالهن، إضافة لتحقيق مكاسب مالية تعينهن على الحياة برأس مال متواضع، إن تأمن السوق المناسب لتصريف منتجاتهن، وهو العقبة الأكبر التي تواجههن.
تنتج ميادة ٣٣ عاماً ضمن مشروعها الخاص الذي افتتحته أشكالاً عديدة من الإكسسوارات والمشغولات اليدوية المصنوعة بمادة (الريزن)، وهي نظام مكون من عنصرين، مادة الريزن السائلة وسائل مقوي. يحدث عن طريق الخلط بينهما تفاعلاً كيميائياً يحول الريزن السائل إلى بلاستيك صلب.
تربية أطفالها ورعاية منزلها لم يمنعها من إكمال مشروعها الخاص بفن الريزن، تقول “بعد عمليات بحث ومتابعة لأكثر من خمس سنوات ومشاهدة برامج خاصة ومعرفة المواد اللازمة لفن الريزن والكثير من التجارب غير الناجحة والتي تسببت بخسارات كبيرة، أتقنت العمل وبدأت بتطوير مشروعي الخاص”.
ويحتاج العمل بهذا النوع من الفنون إلى “ايبوكسي ريزن -قوالب سيليكون -ألوان -ورق ذهب وفضة- أحجار كريستال -مثقاب -سلاسل -جهاز حف وسنفرة -كؤوس للخلط -ميزان”، وتستغرق صناعة القطعة الواحدة بين ساعة إلى ثلاث ساعات، وتتراوح أسعارها بين ال٢٠ و٣٠٠ ألف ليرة سورية، يحدد ذلك نوع القطعة وصعوبة عملها إضافة للمواد التي تحتاجها.
تصنع ميادة اليوم “إكسسوارات مختلفة وستاندات للخطوبة والزواج، إضافة للصواني والمضايف وميداليات بأسماء حسب الرغبة”، بحسب ما روت لنا، وتضيف “أن العمل في هذا المجال متعة لما يحمله من أبواب تطوير واسعة يلعب فيها الخيال والذوق دوراً هاماً في إنتاج أنواع وأشكال جديدة من المنتجات”.
لا تجد نهى صعوبة في تسويق منتجات مشروعها الخاص، تقول إنها تعتمد على التسويق الإلكتروني عبر وسائل التواصل الافتراضي إضافة إلى التعاقد مع محلّات الهدايا لتصريف أعمالها.
لا تنطبق سهولة التسويق عند سعاد ٢٥ عاماً، إذ تجد صعوبة في تسويق الشموع التي تصنعها ضمن مشروعها الخاص، تقول “لم أتعاقد مع محلّات تجارية واعتمد على نشر شموعي وبيعها على وسائل التواصل بأرباح قليلة لا تتجاوز العشرة آلاف ليرة، ومع ذلك فالبيع ضعيف عليها”.
وتصنع سعاد الشموع المعطرة بالقهوة والياسمين والعديد من الأنواع الأخرى التي تناسب جميع الأذواق، يدفعها “الشغف وتأمين دخل يعينها على تأمين الاحتياجات اليومية”، بحسب قولها.
تروي سعاد أن فكرة المشروع بدأت عن طريق وسائل التواصل التي أتاحت لها مشاهدة الكثير من الأعمال الفنية والحرفية التي يمكن صناعتها داخل المنزل ما دفعها إلى التفكير بالمشروع وتنفيذه، تقول “خضعت لتدريبات مأجورة عن طريق الإنترنت لتعلم مبادئ صناعة الشموع استمرت نحو ثمانية أشهر، ظننت الأمر سهلاً في البداية وتبين لي أن لكل مهنة أسرار ومبادئ تحتاج للوقت لإتقانها وتطويرها”.
العقبة الأكبر التي واجهت سعاد كانت بتأمين المواد اللازمة لصناعة الشموع اضطرت لطلبها من العراق وهو ما يضيف تكاليف جديدة على منتجاتها، إضافة لغلاء أسعار القوالب اللازمة.
وتتقن سعاد صناعة الشموع على شكل أحرف أو أسماء بناء على طلب الزبائن، إضافة إلى صنعها بأشكال معينة مثل الورد والحيوانات وقطع الحلوى وغيرها الكثير من الأشكال.
إضافة لضعف التسويق وغلاء تكاليف الشحن للمواد غير المتوفرة في حلب تشكو بتول، ٢٨ عاماً، من ارتفاع تكاليف الطباعة الحرارية وضعف جودة الألوان المتوفرة في حلب لمشروعها الذي بدأته كمصممة جرافيك.
تدرس بتول في كلية التربية بجامعة حلب لكن طموحها بإنشاء مشروع خاص في المجال الذي تحبه دفعها للخضوع إلى تدريب “جرافيك ديزاين” أطلقته جمعية محلية، تمكنت في نهايته من الحصول على منحة تتضمن “أدوات التصميم”، وهو ما ساعدها بالبدء بإنشاء مشروعها الخاص بتصاميم جرافيك ديزاين مثل “الهوية البصرية واللوغو وبطاقات العمل” قبل أن تنتقل إلى تصميم الحفلات من فيديوهات تهنئة وأعياد ميلاد وخطوبة وزواج وغيرها من التصاميم التي سوّقتها من خلال إنشاء صفحة خاصة بها على وسائل التواصل الاجتماعي.
تشكل المشاريع الصغيرة عصب الاقتصاد بالنسبة للنساء نتيجة الظروف الاقتصادية السيئة التي تحول دون إنشاء مشاريع كبيرة، وتمثل النساء الركن الأساسي في هذه المشاريع بما تنتجنه من مشغولات يدوية وإكسسوارات وثياب مطرزة، إضافة لمشاريع أخرى في حياكة الصوف وورش الخياطة والألبان والأجبان والمؤن، والدخول في مهارات التصميم والجرافيك والطباعة والرسم، متغلبات على انشغالهن الدائم بتربية ورعاية أطفالهن ومنازلهن، ما يتطلب دعم هذه المشاريع من قبل المنظمات لتمكينها والحفاظ عليها.