حماة/ جمانة الخالد
في وقت سابق من هذا العام، وتحديداً مع نهاية الصيف، أصدرت الحكومة السورية قراراً يسمح لشركات الزيوت بتصدير زيت الزيتون السوري. جاء هذا القرار قبل معرفة الكمية الفعلية للإنتاج السنوي للموسم الحالي، ووفقاً لتصريحات وزارة الزراعة، كان هناك فائض في إنتاج العام الماضي وزيادة في إنتاج هذا العام، مما دفعها للسماح بالتصدير.
بحسب القانون، سُمِح بتصدير عشرة آلاف طن من زيت الزيتون، لكن وفقاً للتسريبات، فإن القرار صدر لصالح تاجر بعينه ليحتكر التصدير.
يقول عامل في إحدى معاصر الزيتون في حماة وسط سوريا، إن عملية تصدير الزيت تتطلب وضعه في عبوات لترية مغلفة وفق المواصفات النظامية، على أن يحمل المصدر رخصة تعبئة وتصدير. ورغم أن تاجر استفاد من القرار، إلا أن شركتي “ليو” و”الدرة” تعملان في مجال تعبئة الزيت منذ سنوات، وما تم تصديره كان موجودا في المرفأ منذ العام الماضي بانتظار قرار كهذا.
بعد تصريف البضائع المتكدسة لشركات “ليو” و”الدرة”، تم إيقاف التصدير مباشرة، حيث كان القرار متعلقاً بزيت العام الفائت فقط.
واعتاد المزارعون في سوريا على تذبذب مواسم الزيتون؛ بحيث يكون الإنتاج وفيراً عاماً ويقل في العام التالي. لكن مهندس زراعي مختص بالأشجار المثمرة، يوضح أن الزلزال الأخير غيّر جيولوجية الأرض وأثر على المياه الجوفية، إضافةً إلى تأثيرات التغير المناخي السنوية، مما أثر على توقيت وحجم المحصول.
ووفقاً للمهندس، كان من المتوقع أن يكون العام الفائت وفيراً، لكن الظروف غيرت التوقعات. هذا العام، جاء الإنتاج أعلى من المتوسط وأقل من الوفرة المعتادة، مما جعل الكثيرين يرون الموسم جيداً نسبياً رغم عدم تطابقه مع التوقعات.
ويتحدث مسؤولون عن تغير جودة الزيت هذا العام، إذ أن القطاف المبكر وتأخر الأمطار أثرا على نوعية الزيت، رغم بقاء جودته ضمن المعايير المقبولة. ويؤكدون أن المواصفة العالمية قد عدلت، مما أدى إلى استبعاد نوع واحد من الزيت دون خروج زيت الزيتون السوري من التصنيف العالمي.
وتشهد أسعار زيت الزيتون ارتفاعاً مستمراً كل عام، مما يجعل شراءه فوق قدرة المواطن السوري. قبل بدء موسم القطاف بشهرين، وصل سعر الـ 16 لترا من زيت الزيتون الأخضر إلى مليون و400 ألف ليرة سورية، مع توقعات بارتفاعه إلى مليوني ليرة. ومع بدء الموسم، انخفض السعر إلى ما بين مليون و300 ألف إلى مليون ونصف ليرة للزيت الأخضر، بينما بلغ سعر الزيت المسلوق (الخريج) الشهير في جبلة وريفها نحو مليون و800 ألف ليرة، وقد يصل إلى مليوني ليرة بناءً على الجودة.
ويأتي هذا في وقت لا يتجاوز فيه أفضل راتب حكومي نصف مليون ليرة، بينما تحتاج الأسرة السورية وسطياً إلى نحو 40 لتراً من الزيت سنوياً.
ويوكد مالك معصرة زيتون، في حماة وجود قلة في الطلب رغم حاجة الناس الضرورية، حيث بدأ الكثيرون بترشيد استخدام زيت الزيتون عبر خلطه بزيوت نباتية لتوفير التكاليف. هذا الأمر أصبح خياراً شائعاً لمن لا تسمح لهم ظروفهم المادية بشراء الزيت الصافي.
أما فيما يتعلق بالغش، فيشير إلى أن بعض المعاصر تقدم عروضاً بنقل الزيتون مجاناً وعصره بأسعار منخفضة تصل إلى 20 ألف ليرة للتنكة، وهو أقل من الكلفة الحقيقية. يتم ذلك عبر خلط الزيت الأخضر بزيوت نباتية رخيصة داخل المعاصر باستخدام خزانات إضافية لا يطلع عليها المزارعون، مما يضر بجودة المنتج النهائي.
وتعد زيت الزيتون أكبر مادة غذائية قابلة للغش، والطريقة المعتمدة في ذلك هي خلطه بزيوت أخرى خفيفة كزيت الذرة، حيث يشتري التجار زيت الزيتون من مناطق إنتاجه، ويقومون بإنقاص حوالي (5 – 6) كغ زيت زيتون من كل “بيدون”، ويضيفون بدلاً منه زيتاً نباتياً، ويستفيدون من فارق السعر، حيث أن بعض التجار يعلنون عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن لديهم زيتاً أصلياً ومكفولاً، لكن من الصعب أن يتم كشف غشه إلا إذا كانت نسبة التلاعب تزيد على 50 % لأن النوعين مصدرهما نباتي، (الذرة وزيت الزيتون).
فيمت يلجأ البعض لإضافة الأصبغة والنكهات على الزيت النباتي ويبيعه على أنه زيت زيتون، لذا ينصح بشراء زيت الزيتون من مصدر موثوق، لأن كشف غشه أمر صعب، وحذر بعدم شراء الزيت عبر النت والطرقات العامة بل عن طريق أشخاص موثوقين أو ماركات معروفة لديها سجل تجاري.