لكل السوريين

فقراء، لكن العوز لم يدمر أحلامهم.. مجمل كلمات لأطفال يقتاتون وعوائلهم على القمامة

السوري/ الطبقة ـ تعتبر الحاجة من مستلزمات الإنسان على كوكب الأرض لكن العمل والسعي هو من يؤمن المال لكل شخص لشراء ما يحتاجه، لكن غلاء المعيشة وضعف ذات اليد ينتج آلام الفقر والعوز وهي من الأمراض الاجتماعية التي يعيشها من لا عمل له في المجتمع، لذلك نجد العديد من الأشخاص يمتهنون عمل البحث عن النفايات اعتقاداً منهم لعدم مد اليد للآخر أو عدم السقوط في مطبات السرقة أو النهب، بينما يزيد من معاناة هؤلاء عدم قدرتهم لكبح جماح الجوع لأفراد عوائلهم فأطفالهم ضحية أخرى تستأثر بهم ما توفره مكبات وحاويات القمامة.

ويؤلم القلب ما يظهر في الطريق والشوارع بوجود بعض الشباب والأطفال الذين تركوا مقاعد الدراسة ليجوبوا حارات المدينة بحثاً عن مخلفات احتوتها حاويات النفايات إثر تخلص السكان منها، كما يزيد من وجعك أنهم لا يجدون بيتاً يأويهم ولا طعاماً يشبع أمعاءهم الخاوية، فهل دمر العوز والفقر أحلامهم؟!.

ويشدك وجودهم في أماكن لا حياة فيها إلا للنفايات التي تأوي فيها العديد من أنواع الحشرات للتساؤل، هل مرارة العيش هي من دفعتهم لتلك المحلات الكريهة أم أن حياتهم صعبة لحد الموت والانكسار ليقفوا ببساطتهم على أن يبحثوا في مخلفات النفايات، ويقومون بجمعها ليحصلوا على قوت يومهم وخاصة أنك تراهم في الليل أو في الصباح الباكر.

وأين أحلامهم التي توفرها الإنسانية إذا بدت حياتهم كالجحيم في طفولتهم أو في ريعان شبابهم، وقد يتبادر إلى تفكيرك السؤال التالي ماذا أصابهم أو حل بهم؟، يقف الإنسان عند هذه المشاهد مندهشاً لأنها تدمي الفؤاد وتبكي العين وكيف لا حيث يتعرض الكثير منهم في بعض الأحيان لخطر الطريق والضرب من أشخاص لا يدركون حاجة هؤلاء ما يصيبهم بالحزن الشديد.

كما أنهم يوقنون أن ليس لهم قيمة تماثل من هم في عمرهم كأن يشاهدون أطفالاً غيرهم أو شباباَ في مقتبل العمر يعيشون في المنازل بأمانٍ ويشترون ما يشتهون، هو العوز والفقر هو نوع من  الأمراض الاجتماعية لايزال منتشراً بين عامة الناس.

ولذلك في ظل هذه الحالات وأمام بعض المواقف وقفت كاميرا صحيفة السوري تنقل المشاهد التي قد تكون عادية بالنسبة للبعض، إلا أنها لم تكن كذلك في عين السوري، فما كان إلا للصحيفة من وقفة مع بعض من يجول على حاويات القمامة فهم الذين يبحثون عن قوت يومهم فيها، رغم أنه موقف لا يرضي من يراه في الحياة العامة.

العوز لم يدمر أحلامهم

وفي لقاء مع أحد الذين يعملون في جمع الخردة، وهو خلف شغاب، افتتح حديثه بالقول “أنا من مدينة حلب، منذ فترة من الزمن تصل لخمس سنوات أو أكثر أعمل في جمع ما يباع وأنا أبلغ من العمر 20 عاماً، وعدد أفراد عائلتي عشرة، الخردة هي عبارة عن بلاستيك وخبز يابس حاولت العمل مراراً لكن لا عمل دائم أو متواصل في المنطقة في بعض الأحيان لا أجد رغيف خبز يقيتني والحاجة للمال تدفعك لاختيار ما ينبذه الناس”.

وزاد “مع ذلك لم يدمر الفقر حياتنا وأحلامنا، ولكن ما يزيد مرارة الحياة أن تكون نازحاً لا تملك المال ولا الطعام ولا حتى بيتاً يأويك ربما هي الصدف التي تجعل منك شخصاً محظوظاً وربما جود البعض في إعطائك منزل متهالك لتعيش فيه”.

وعقب خلف برغبته للعودة إلى مدينته بعد ما لاقاه من مرارة العيش والأسى، وأسهب قائلاً: “أخوتي الصغار يرتدون الملابس الرثة والقديمة ويأكلون القليل من الخبز في حين أننا افترشنا الأرض بلا  فراش أو غطاء، هناك الكثير من الناس أعطونا الطعام عندما أطعموا أولادهم”.

أطفال يلتقطون رزقهم من المكبات

وفي لقاء آخر مع حارث الطاري، وهو طفل ومن أحد هؤلاء الذين يبحثون عن قوت يومهم في المكبات حيث قال حارث “أنا أبلغ من العمر حوالي 13 عاماً، من مواليد مدينة  دير الزور، عملي هذا جاء نتيجة نزوحي من منطقتي منذ ما يزيد عن 4 سنوات”.

وأشار حارث إلى أنه مريض بالربو في حين يؤثر عليه البرد والحر ورائحة القمامة، لافتا إلى أن الوضع السيء هو من فرض عليه هذا العمل، حيث أن أفراد عائلته جميعهم أصغر منه سنا.

وتابع قائلاً “إنه العوز الذي دفعني لأقف في هذا المكان المتسخ ولأجمع منه بعض المواد المستعملة أو الخبز اليابس لقمة عيشٍ نظيفة في وسط النفايات، لأبيع ما يلقى ويرمى من البيوت لأحصل على لقمة تقيت أمعائي، وكأنه يدرك مصاعب الحياة وآلامها”.

وتساءل حارث عن متى يبحث المجتمع عن العوائل والأسر التي يعمل أبناءهم في جمع الخردة والأدوات القديمة من الحاويات؟، لافتا إلى أن الأمل الذي يصبوه ويسكن أفكاره أكثر بكثير من العوز الذي يمر به الآن.

تقرير/ ماهر زكريا