تقرير/ صالح إسماعيل
برزت مكانة “بيت الشعر” البدوي التراثي بشكلٍ كبير في المناسبات والاحتفالات ومهرجانات الثقافة والتراث بمناطق إقليم شمال وشرق سوريا لما يمثله من رمزية للهوية البدوية الأصيلة.
وشهد مخيم نازحي تل أبيض في الرابع عشر من تشرين الثاني فعاليات (مهرجان تل أبيض للثقافة والتراث الخامس) تحت عنوان (تعدد ثقافاتنا يجسد الطريق للأمة الديمقراطية)، بحضور شعبي كبير، ومحاكاة لفلكلور وثقافات الشعوب المشاركة في فعاليات المهرجان (عرب – أرمن – تركمان – كرد)، حيث تضمن عروضاً متعددة من قبل المشاركين فيه من قبيل (مسرحيات – وصلات غنائية – عرض للباس الفلكلوري التقليدي – دبكات متنوعة…. الخ)، كذلك عروض تحاكي الحياة اليومية للشعوب مثل حياكة الصوف وصناعة اللبن والزبدة وطريقة تحضير الطعام والقهوة العربية.
وكذلك عروضاً للخيل العربي الأصيل وسباقاتها، والإبل وكيفية تسخيرها وتوظيفها خدمة للحياة اليومية للبدو الرحل، واستخداماتها لدى المجتمعات الريفية في الحراثة، وجلب المياه، والتنقل.
وكان للبيت البدوي التراثي حضوراً في مهرجان الثقافة المذكور من ناحية تفاصيل بناءه، وما يحتويه إذ أن بيت الشعر ثقيل للغاية، ويتطلب الكثير من العناء، والأدوات المرفقة للتمكن من بناءه، كذلك يعتمد على العمل الجماعي بين أفراد الأسرة، وتبادل الأدوار في إنجاح عملية البناء الشاقة نسبياً، وتلعب الدراية والخبرة دوراً كبيراً في تحقيق ذلك.
ويُعتبر بيت الشعر البدوي رمزاً أصيلًا من رموز التراث العربي البدوي، حيث يعكس حياة البداوة البسيطة والجميلة. يُشيد هذا البيت من الأقمشة المتينة، ويتسم بالمرونة والقدرة على التكيف مع بيئات مختلفة، مما يجعله مثالاً حياً على الابتكار والتقاليد المتوارثة.
وتتنوع أحجام البيت البدوي بحسب الحاجة، والغاية من بناءه فهو في الغالب يصنع من شعر الماعز المعالج بطرق بدائية، فمنه ما يطلق عليه البدو (المثولث – المروبع – المخومس – المسودس… الخ)، وهذه التسميات على ما يبدو جاءت من عدد الأعمدة المنصوبة وسط البيت، وتدل أيضاً على المكانة الاجتماعية لصاحب البيت، والحالة المادية له.
وعن البيت البدوي التراثي وما يمثله من دلالات يقول أحد المشاركين في المهرجان عزيز العنزي خلال لقاء اجرته صحيفتنا: “في بيت الشعر البدوي تجتمع العائلة والأصدقاء، وتُروى القصص وتُبادل الضحكات، فهو ليس مجرد مكان للإيواء، بل هو مساحة للكرم والضيافة. يُعد بيت الشعر مكانًا لتجمع القبائل والاحتفالات في المناسبات كالأعراس والأتراح… وغيرها.
ويضيف “العنزي” كان البيت البدوي مصدراً لحل المشكلات والقضايا العالقة المستعصية، حتى في العصر الحالي، لما له من احترام، ودلالات للمختصمين، كذلك هو مكان لإنصاف المستضعفين، وفي بيوت الشعر من العقلاء والحكماء، وقضاة المشاكل المستعصية الشي الكثير، وهو مدعاة للفخر والاعتزاز بالماضي المجيد، ولما تمثله الحياة البدوية من تجار وصبر يصقل من يعيشها، وتجعله أكثر عقلانية وصبر، وخبرة.
ويختم “العنزي” حديثه بالتأكيد على أن بيت الشعر البدوي يمثل روح البدو وحياتهم، حيث يعكس قيم الصمود والكرم والانتماء إلى الأرض. لذلك نشارك في كل عام في مهرجانات التراث والثقافة اعتزازاً منا بهويتنا وتمسك بهذا التراث العريق ونحافظ عليه للأجيال القادمة، ونحميه من الاندثار.