لكل السوريين

الساحل السوري دون تدفئة، والبرد يدق ناقوس الشتاء

تقرير/ سلاف العلي

أغلبية الأسر في اللاذقية ومدنها وقراها، عاجزة عن تأمين متطلبات التدفئة، ففي أسواقها ارتفعت أسعار المدافئ حيث تراوح سعر مدافئ الحطب بين 4 الى 12 مليون ليرة سورية، فيما تراوح سعر مدافئ المازوت بين 5 إلى 15مليون ليرة سورية، حسب الماركة والحجم، أما بالنسبة لمدافئ الصالونات الكبيرة التي تعمل على المازوت، فقد تراوحت أسعارها بين 25 إلى 30 مليون ليرة بناء على العلامة التجارية، الحجم، والموديل، وهذه يقتصر استعمالها فقط على الأغنياء والمرفهين القادرين على تامين مادة المازوت، لأنها معروفة بمصروفها الجهنمي للمازوت.

بالنسبة لمدافئ الوقود الحيوي، فإن أسعارها تبدأ من6 مليون ليرة صعوداً، بينما تتراوح أسعار مدافئ الكهرباء بين 3 إلى 15 مليون ليرة، ويتأثر السعر بالحجم، العلامة التجارية، ووجود مروحة هواء ساخن: توربين.

وتم رصد أسعار المدافئ المستعملة سواء التي تعمل على المازوت أو الحطب، حيث تتراوح 3 مليون ليرة وصولا إلى 10 مليون ليرة سورية، وذلك بحسب حجم المدفأة وحالتها والماركة، لقد ارتفعت أسعار المدافئ حوالي 40 إلى 75% مقارنة بالعام الماضي، ومن المتوقع أن ترتفع أكثر مع اقتراب فصل الشتاء، وأن المواد الأولية المستخدمة مثل نوعية الصاج والإكسسوارات تلعب دوراً في تحديد السعر، وأن أغلب الصاج المستخدم مستورد وليس محلياً.

وفيما يتعلق بأسعار الحطب، تم تسجيل سعر كيلو حطب السنديان والصنوبر في ريف اللاذقية ما بين 18 إلى 30 ألف ليرة، وسعر كيلو حطب الزيتون تراوح ما بين 35 إلى 45 ألف ليرة، أما ألواح الأندي أف، فتراوح سعر الكيلو منها15 إلى 25 ألف ليرة سورية.

مع اقتراب فصل الشتاء، يجد المواطنون أنفسهم باللاذقية وريفها، أمام تحد اقتصادي جديد يعمق أعباء حياتهم اليومية، في ظل راتب لا يكفي مصروف للعائلة اكثر من خمسة أيام، عدا الذين لا يقبضون راتب شهري أو غير موظفين، وتصبح الإدارة المالية للأسرة مع دخول فصل الشتاء أشبه بالمستحيلة، ارتفاع أسعار الوقود، الملابس، والمواد الغذائية، ما يدفع العديد إلى حافة اليأس، حيث بات توفير الاحتياجات الأساسية مهمة شاقة فمجرد تشغيل المدفأة لمدة أربع ساعات يوميا قد يكلف الأسر المدعومة بالمنطق الباردة والتي يطلها المطر الشديد والعواصف والثلوج والبرد، خمسة ليترات يوميا أي 150 ليترا شهرياً، في حين يتم تسليمها 50 ليتراً مدعوماً فقط، وفي حال اللجوء إلى الحطب، وهنا الكارثة الأكبر، فالعائلة تحتاج طنين خلال فصل الشتاء، أما في المناطق الباردة فالعائلة تحتاج إلى أربعة أطنان خلال فصل الشتاء، ولها حسابتها الخاصة أمام عدم وجود سعر موحد ومراقب.

وتندرج على قائمة احتياجات العائلة الشتوية الملابس، والتي سجلت ارتفاعاً نارياً ملحوظاً، ومع تزايد الأسعار، يجد المواطن نفسه أمام تكلفة شتوية قد تصل إلى 20 مليون ليرة شهرياً، لتصبح مسألة تدبير أمور المعيشة خلال هذا الفصل البارد عبئا ثقيلاً على كاهل المواطن.

تجار المدينة أكدوا انخفاض المبيعات في قطاع الألبسة بنسبة 60 الى 70 % مقارنة بالسنة الماضية، نتيجة لانخفاض القوة الشرائية للمواطن وفي الوقت نفسه فإن ارتفاع أسعار الألبسة متعلق بارتفاع أسعار المواد الأولية، بالإضافة إلى ارتفاع أجور الشحن والنقل، وارتفاع أسعار حوامل الطاقة.

وأن الارتفاع الكبير بالأسعار لا يخدم الصناعيين لأنه يؤدي إلى كساد البضائع وعدم القدرة على التصريف مما يؤدي إلى انخفاض الإنتاج، وإن الارتفاع يضر المستهلك والصناعي في آن واحد.

رغم أن الصناعيين يسعون إلى تخفيض كلفهم من خلال توجه العديد منهم إلى الطاقات البديلة كتركيب منظومات الطاقة الشمسية، إضافة إلى السعي المستمر إلى إيجاد الحلول الممكنة مع الجهات المعنية لتخفيض أسعار الغزول وأسعار المواد الأولية الداخلة في العملية الإنتاجية لصناعة الألبسة وتوفيرها بشكل مستمر لتخفيض كلف الإنتاج واستمرار العملية الإنتاجية، حتى يكون المنتج بمتناول المواطن مما يمكن الصناعي أن يكون قادراً على التصدير لتصريف منتجاته ضمن الأسواق الخارجية.

لكن تبقى الحقيقة المرة، أن أغلبية الأسر باللاذقية ومدنها وقراها عاجزة عن تأمين متطلبات التدفئة، وأن الشتاء سيكون قاسيا عليهم، أن الأسرة المكونة من خمسة أفراد تحتاج خلال فصل الشتاء ما بين ملابس ومحروقات إلى نحو20 الى 40 مليون ليرة سورية، أن العجز في تأمين متطلبات التدفئة سيدفع الناس للجوء إلى قطع الأشجار والغابات، وما حرائق الغابات إلا إشارة واضحة على أن القصة يكمن وراءها أيادي فاعلة من أجل الخشب والحطب.

إن ارتفاع التكاليف هو غياب الرقابة الحكومية على الأسواق، خصوصاً أسواق المحروقات، ومن الضروري تفعيل رقابة أسعار المحروقات والرقابة الشعبية وعدم إغفال الشكاوى، مع ضرورة تقديم الحكومة دعما ماديا للعائلة في محافظة اللاذقية وريفها، لكن على ما يبدو، لا توجد إرادة حقيقية من الحكومة لمعالجة هذه الأزمات، وأن تخفيض الأسعار يتطلب ضبط الفساد الذي يوثر في ارتفاع الأسعار.

وهنالك في اللاذقية واستنادا على استبيانات على وسائل التواصل الاجتماعي، فان 85 بالمئة من المجتمع عاجز عن شراء اللباس الشتوي وعن شراء أجهزة ومحروقات للتدفئة، رغم أن الشتاء القادم سيكون كارثياً.