لكل السوريين

فوضى الحقوق

أحمد الإبراهيم

لعل المتشائمين في أيامنا هذه إذا سمعوا بكلمة حقوق استغربوا واستنكروا هذه الكلمة، ولعل عامة الناس أصبحوا اليوم من المتشائمين فالسنوات العديدة التي مرت من عدم الاستقرار السياسي وما تولد عنها من عدم استقرار اقتصادي وصحي وخدمي جعل الناس يفقدون أو ينسون ما يسمى بالأمل والمستقبل.

فكل همهم تأمين العيش اليومي في ظل الخانقة الفكرية والاقتصادية ألا وهي شبح كورونا وفي ظل هذا الضيق لابد من جهة تتحمل المسؤولية والأعباء ويلقى اللوم عليها، ولعل المواطن دائما يرى في المؤسسات أو الإدارات هي الجهة المعنية بتحسين الواقع الاقتصادي والخدمي والصحي، وهي الجهة التي يجب أن تنقل المجتمع من الحضيض إلى أعلا المستويات الفكرية والثقافية.

وربما القارئ أيضا يرى هذه من مسؤوليات الإدارة، ولكن من كان السبب في جعل المجتمع مجتمعا مستهلكا فقط غير منتج ومن كان السبب في تحويل الفكر المجتمعي إلى فكر مرتزق في بلده، وهل الموجودين في الإدارات هم أناس تم استيرادهم من الخارج؟، أم هم نتاج هذا المجتمع وهم أيضا يقولون بأن للمؤسسات حقوق ويجب على المجتمع تقديمها.

ومن وجهة نظري أرى بأنه من أهم الحقوق التي تقع على عاتق المجتمع هو تقديم أبناء يعملون ضمن هذه المؤسسات بضمير ونزاهة، ويقدمون الدعم اللازم لهم لكي يستمروا بنفس السوية الأخلاقية في العمل، وكذلك يقع على عاتق المجتمع الحفاظ على المكتسبات التي تقدمها الإدارات وعلى جميع الصعد.

ويكون المال العام محمي من كافة أفراد المجتمع وليس مستباحا للسرقة والتخريب من كافة أفراد المجتمع، وهذا الصراع في البحث عن الحقوق ومن يظلم من ومن كان السبب جعلنا نخوض في متاهة فوضى الحقوق اللامتناهية، وجعل منا شخصيات حاقدة لا ناقدة تملك من العجز الكثير بحيث يقوم الفرد منا برمي نفايات منزله ويحمل الإدارة مسؤولية عدم وجود موظف يحمل معه النفايات من داخل منزله إلى خارجه.

ولعله بسبب الضيق النفسي كنتيجة تراكمية للحرب التي أنهكت المجتمع يقوم أيضا بالشتم طيلة مسيره إلى وجهة عمله، ومن وجهة نظري أعتقد بأن الوقت أصبح مناسبا لنقول لأنفسنا وللمجتمع وللإدارات القائمة بالعمل قف فنحن نتجه بالاتجاه الخطأ، فكلنا نعلم بأن هنالك حقوق.

ولكن كيفية تحصيل هذه الحقوق وكيفية تطويرها، ولعلنا أيضا نعلم بأن الحقوق لا تجزأ، ومن أهم الحقوق البشرية وأعمقها هو حق الحياة وتتوالى تلبية الحقوق حسب مقدرة البلد ودرجة الرفاهية فيه، ولابد من تظافر كافة الجهود المؤسساتية والمجتمعية لتلبية الحق الاسمى وهو حق الوطن على كل فرد من أفراده، والذين يجب أن تكون إرادتهم موحدة تجاه بنائه والحفاظ على ممتلكاته وحدوده الطبيعية والجغرافية، وتثمير ثرواته بالجانب الذي يضمن الاستمرارية لكل من يقطن فيه والوصول للأمن البيئي والغذائي والصحي والخدمي، وأن نعمل ليكن لسوريا أسمها الرائد في المستقبل مثلما كان التاريخ يتغنى بحضارتها السابقة.