انعكست العمليات العسكرية بين الجيش والإسرائيلي وحزب الله على واقع اللاجئين السوريين، لكونهم الحلقة الأضعف التي تفتقر إلى أي مقومات الحياة، وخاصة ان بعد نقل تقارير لبنانية وفاة أكثر من 100 لاجئ سوري خلال التصعيدات بين كلا الطرفين.
وبعد إعلان دمشق الوقوف إلى جانت إيران في الدفاع عن نفسها، أصبح السوريين مستهدفين بشكل مباشر سواء داخل لبنان وخارجها، ولا سيم ان السوريين اعتادوا على المشهد ذاته خلال القصف والحرب الدائرة في سوريا منذ عقد ونصف.
ويعود السبب الرئيسي من العودة انعدام الأمن البشري وعدم توفر أي مقوم من مقومات الحياة سواء كان اقتصاديا أم مجتمعيا أم سياسيا، بكونه حالة تؤثر في كل مستويات المجتمع بدءا من الفرد وتوسعا نحو الجماعة.
ومؤشرات عدم الأمان الاقتصادي هي الفقر والبطالة، اما عدم الأمان المجتمعي فيقاس من خلال عدم الأمان الغذائي والصحي والبيئي والاثني – الديني والمعنوي والشخصي، ويشمل انعدام الأمان السياسي مجمل الحقوق والجرائم السياسية والإرهاب والاتجار بالبشر والفساد في الحكومة وفي الإجراءات غير القانونية. علما بأن كل أشكال التهديدات مترابطة، ويمكن أن يقود واحدها إلى الآخر. وبناء عليه، تعتبر الهجرة القسرية تهديدا خطرا للآمان المجتمعي، وهي إحدى أهم النتائج التي يمكن أن تترتب على انعدام الأمان البشري.
ومن الصعب رصد حركة النازحين وأعدادهم بدقة في المناطق اللبنانية المختلفة بسبب العنف المستمر والقصف الاسرائيلي وهروب المدنيين منه. وذلك يصعب أي عملية مسح أو إحصاء، لكن الجدير بالذكر ان ظاهرة النزوح لا تقتصر على منطقة بعينها أو طائفة او جماعة.
يذكر هنا ان للهجرة القسرية عواقب ليست فقط على النازحين أنفسهم لكن أيضا على المجتمعات التي تستقبلهم- وخاصة المناطق السورية المختلفة – والتي غالبا ما تكون هي أيضا تعاني من شح الموارد كنتيجة للعنف والانفلات الأمني، لذا تتحول روح التضامن التي يستقبل بها المجتمع النازحين إلى شعور بأن هؤلاء المهجرين قد غدوا حملا اقتصاديا اضافيا على المحافظة أو البلد، مما يؤدي إلى ظهور علامات التوتر بين السكان القدماء والجدد الذين سينافسون على فرص العمل ولقمة العيش.
أما بالنسبة لنزوح المدنيين عبر الحدود، أو بمعني قانوني أصح لجوئهم إلى دولة أخري وهي فقط سوريا، وحسب الناطق باسم المفوضية فإن العاملين في مفوضية اللاجئين المكلفين بمراقبة الحدود اللبنانية السورية رصدوا إن مئات الأشخاص يجتازونها من لبنان الى سوريا يوميا كما يتصاعد باستمرار عدد الذين ينزحون عن مناطق سكناهم قاصدين أماكن أكثر امانا داخل لبنان.
يتقاعس المجتمع الدولي عن المواجهة الكافية لأزمة اللاجئين السوريين واللبنانيين المتفاقمة تاركا الدولة المضيفة الرئيسية سورية، تتحمل العبء الأكبر من المسؤولية، ونتيجة لذلك، تتجه سورية إلى تشديد القيود الحدودية، وبالتالي تقطع طرق الهروب الرئيسية أمام الأشخاص الفارين من القصف الإسرائيلي في لبنان.
وأدى التصعيد العسكري الإسرائيلي على لبنان، إلى مقتل المئات وإصابة الآلاف، فضلا عن نزوح عشرات الآلاف من اللبنانيين واللاجئين السوريين، وذلك مع مواصلة الجيش الإسرائيلي ضرب مواقع حزب الله في لبنان
بتاريخ 17 \10\2024، كشفت خلية الأزمة المختصة بشؤون القادمين من لبنان، والتي شكلتها الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا بعد التصعيد العسكري في لبنان، انه قد بلغ عدد الواصلين من لبنان إلى إقليم شمال وشرق سوريا وصل 19ألفا و754 أشخاص من لبنان، بينهم 76 شخصا من الجنسية اللبنانية، ومن المؤكد ان العدد أصبح ما يزيد عن العشرين الفا.
ولعل المبادرة التي أطلقتها الإدارة الذاتية الديمقراطية لعودة السوريين واستقبال اللاجئين اللبنانيين في 24 أيلول المنصرم، كانت الوجهة الأكثر أمانا للوافدين من لبنان مع وجود مخاوف أمنية للعودة عن طريق الحدود اللبنانية السورية، والمعرضة للقصف من قبل إسرائيل، وتقدم خلية الأزمة المختصة بشؤون الوافدين من لبنان الخدمات الصحية والغذائية والتسهيلات للعبور، بالإضافة إلى الإجراءات والتسهيلات التي تقدمها ممثلية الإدارة الذاتية.
وبما أن لبنان يعتبر دولة عبور وليس دولة استضافة، فقد طلبت الحكومة في سنة 2015 من المفوضية عدم تسجيل السوريين كلاجئين، مما جعل 83 بالمائة منهم في وضع غير قانوني، حسب الأمم المتحدة، ومع أن لبنان لم يوقع على اتفاقية جنيف الخاصة باللاجئين، إلا أنه تعين عليه احترام مبدأ عدم الإعادة القسرية الذي يحظر ترحيل أي شخص إلى بلد قد يتعرض فيه للاضطهاد.