لكل السوريين

التحديات المواجهة لزراعة الدخان بريف اللاذقية تهدد استمراريته

اللاذقية/ سلاف العلي 

يعاني مزارعو التبغ في ريف اللاذقية وجبلة والقرداحة، من انخفاض كمية الإنتاج للسنة الحالية، إضافة الى نوعيته وسط منها ونوعية رديئة, وهنالك كميات قليلة من النوعية الجيدة, , والسبب الجوهري يعود سيادة الظروف المناخية القاسية التي تعرض لها الموسم في هذا العام, والذي ترافق مع الارتفاع العالي جدا للتكاليف اللازمة للزراعة والإنتاج, وهذا ما سبب الخسائر الفادحة لمزارعي التبغ , وللاطلاع على جوهر هذه السردية قمنا بهذا الاستطلاع واستبيان اراء بعض المزارعين.

وكان لقاؤنا الأول مع السيد أبو مهنا من قرية عين شقاق بريف جبلة, وكان متذمرا جدا  من الاحول العامة, وواقف امام منشر الدخان- مكان ما يتم نشر خيوط الدخان لتشميسها وتجفيفها – قال لنا حرفيا, الحمد لله على كل شيء , فقد كانت زراعتنا للدخان كويسة جدا, لكن الطقس القاسي والسيئ من برد وهوى وجفاف , هذه السنة, ضرب لنا كل زرعنا من دخان واشجار مثمرة وحتى القمح والشعير, وبمعظمها تضررت, وتكبد الفلاحون في مختلف القطاعات الزراعية لخسائر كبيرة، ونحن مستبعدين أي دعم حكومي لنا، او تعويضات مادية او دعم بالمواد الأولية.

اما السيد أبو إبراهيم من قرية الغنيري , من ريف اللاذقية, فقد أوضح لنا, ان اهم الصعوبات في زراعة الدخان , والتي نعاني منها , وكانت قاسية علينا, إضافة للأحوال الجوية السيئة جدا هذه السنة, وبعد ذلك غلاء الأسمدة، حيث نشتري كيس السماد بـ175 ألف ليرة سورية ، بالإضافة لغلاء المبيدات.

اما أبو علي إبراهيم, وهو من قرية بطغرامو , في ريف اللاذقية, وهو موظف ولديه اسرة مكونة من شابين بالمدرسة طلاب ثانوي وفتاتين بالجامعة, اضطر لزراعة التبغ من اجل توفير مصروف لأولاده الطلاب, وقال لنا : أن زراعة التبغ في جبال الساحل السوري تعتبر قديمة وشعبية,وكان يشكل زراعة الدخان محصول سنوي مهم ومصدر الرزق الوحيد لآلاف العائلات الريفية التي لا تملك مصدر رزق آخر, لكن هذه السنة كان كابوسا على كل العائلات الذين ابتلوا بلاء فظيعا بزراعة الدخان, وأول المشاكل التي عانيناها جميعا هو قلة المواد اللازمة لزراعة الدخان ,وارتفاع أسعار هذه المواد اذا وجدت، والمعاناة الكبيرة في تدبير هذه المواد , والتي تخضع للمحسوبيات والفساد إضافة للغلاء, واذا احتجنا اية مادة, ما في اسهل من كلمة  مندبرلك إياها, او سنحاول ندبر لك إياه, وبعد ذلك نخضع للابتزازات ,واذا ما عجبك يقولون لك: الله معاك روح دبر حالك.

والتقينا المزارع أبو حسان، من قرية السفر سقية من ريف القرداحة، وهو يعمل بزراعة الدخان منذ اكثر من ثلاثين سنة، واخبرنا انه لم يتعرض للصعوبات والتحديات مثلما تعرض لها هذه السنة، فجزء منها يتعلق بالجو وقساوة المناخ والهوى والعواصف والمطر القليل, وعدم قدرتنا مع المزارعين الاخرين ,على سقاية وتسميد الدخان بوقته ,وعدم توفر المياه لسقاية المحصول، والانقطاع الطويل للكهرباء , وهذا ما فرض علينا ان نقوم بشراء المازوت بأسعار عالية جدا لتشغيل المولدات من اجل ضخ المياه وسقاية المحصول, وأؤكد لك, ان هنالك الكثير من مزارعين الدخان في قريتنا والقرى المجاورة , اقسموا باغلظ الايمان انهم لن يعودوا الى زرعة الدخان بالسنة القادمة, لان تكاليفه ومتاعبه اكثر من فوائده, نهلك حتى نوصل الى نتيجة و ياريت هذه النتيجة تعادل ربع التعب والجهد اللي عم نسويه , فنجن يكلفنا تكلفة الكيلو غرام الواحد من التبغ اكثر من 6500 ليرة سورية.

أبو معلا مزارع دخان من حوالي 25 سنة، وهو من قرية يرتي بريف اللاذقية، ركز في حديثه معنا على ان الدعم الحكومي لم يكن كافيا، من السماد، بالإضافة للأدوية والمبيدات والبلاستيك والبذار والشتول والمازوت، وكنا نقوم بشراء المواد الأولية الضرورية واللازمة لشغلنا بزراعة الدخان من السوق السوداء وبأسعار عالية جدا وسياحية ومزاجية، مما أدى إلى دفعنا لمصاريف أكبر في عملية الإنتاج نفسها,  والتي لا تتناسب مع سعر المبيع في الأسواق.

والحكومة السورية لم تقم بزيادة الأسعار لتتناسب مع متاعبنا وجهودنا كمزارعين إضافة الى ارتفاع تكاليف الإنتاج، طبعا نتمنى ان يتم دعم المواسم الزراعية حسب حاجاتنا من الكهرباء والمحروقات والأسمدة، للاستمرار بزراعة هذه المحاصيل.

وتعتبر مؤسسة التبغ في سوريا من المؤسسات المهمة اقتصاديا، وهي التي تقوم بتصنيع وبيع الدخان محليا، أو تصدير قسم منه لعدة دول منها دول أوربية عبر شركة شراء وبيع الدخان الخام المعروفة بالريجي.

يذكر انه فقد بلغت قيمة مبيعات المؤسسة العامة للتبغ، أكثر من 190.6 مليار ليرة خلال العام الماضي، حيث حولت 57 مليار ليرة إلى الخزينة العامة للدولة، ودفعت أكثر من 8 مليارات ليرة كضرائب للمالية، وذلك في بيان ميزانيتها الختامي للعام الماضي 2021 بداية نيسان الماضي، وتضمن الكشف عن أرباح المؤسسة وقيمة المدفوعات والتحويلات لصالح خزينة الدولة إضافة إلى قيمة ضرائب وزارة المالية.

وجاء في بيان المؤسسة، أن الخزينة العامة حصلت هذا المبلغ تحت بنود، قيم فوائض اقتصادية، ورسم إنفاق استهلاكي وضريبة دخل الأرباح وضريبة التبغ والعمل الشعبي، مضيفة أن الأرباح الصافية بلغت 23,9 مليار ليرة، قبل اقتطاع الضريبة، وحددت كمية الإنتاج بنحو 7322 طنا من التبغ، بقيمة 181.9 مليار ليرة سورية.

ويشهد سوق بيع التبغ في سوريا تقلبات في الأشهر الأخيرة بسبب عدم ثبات الدخان الأجنبي الذي ينقطع ويعود بين مدة وأخرى.

ووفق تقارير محلية، يقدر عدد المدخنين في سوريا بنحو 6 مليون إنسان تتراوح أعمار أغلبهم بين 45-20 عاما. ويغيب عن المشهد منذ سنوات التوعية الحكومية لمخاطر التدخين.