شهد السودان العديد من النزاعات على مدى عقود، ولكن الحرب الحالية كانت أكثر الصراعات تدميراً في تاريخ البلاد.
فمنذ بدء النزاع في نيسان 2023، انتشرت المعارك في مناطق عدة، بما في ذلك العاصمة الخرطوم ودارفور وغيرها، وأدت إلى سقوط آلاف القتلى والجرحى، وتدمير البنية التحتية، وتفاقم الأزمة الإنسانية، حيث اضطر الملايين للنزوح داخلياً وخارجياً، كما تعطلت الحياة اليومية بشكل كبير في مختلف أنحاء البلاد، مع انقطاع الكهرباء، ونقص المواد الغذائية، وتدهور الخدمات الصحية.
وأثارت هذه الحرب قلق المجتمع الدولي، مما أدى إلى تدخلات دبلوماسية في محاولة لوقف القتال، ولعبت جهات مثل الاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة أدواراً في محاولة التوسط بين الأطراف المتنازعة، لكن هذه الجهود لم تحقق نجاحاً يذكر بسبب تعنت أطراف الصراع وانعدام الثقة بينهم.
وكانت جولة المحادثات التي عقدتها مؤخراً منصة “متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح وتحقيق السلام في السودان” التي تم إنشاؤها حديثا، وتضم السعودية والإمارات ومصر والاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة وسويسرا والأمم المتحدة، آخر هذه الجهود.
وانتقد المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان تصعيد العنف وسقوط قتلى بالسودان في حين تنصب الجهود على تهدئة النزاع في محادثات جنيف.
وقال توم برييلو في تغريدة له عبر موقع إكس “في الوقت الذي نركز فيه في سويسرا على إنقاذ الأرواح، نفزع لرؤية تصعيد العنف من جانب قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية مما أسفر عن مقتل أكثر من مئة مدني في مناطق متعددة”.
مسار المحادثات
تضمنت المناقشات التي شاركت في رعايتها المملكة العربية السعودية وسويسرا، حضور الاتحاد الأفريقي ومصر والإمارات العربية المتحدة والأمم المتحدة بصفة مراقبين، وتشكل كل هذه الأطراف المنصة التي أطلق عليه اسم “ملتزمون بتعزيز إنقاذ الحياة والسلام في السودان”.
ووصفت واشنطن مباحثات جنيف بأنها “نموذج جديد تريد مواصلة البناء عليه”، وأكدت أنها تهدف إلى توسيع نطاق إيصال المساعدات وإعادة فتح الممرات الإنسانية.
وقال المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو في مؤتمر صحفي بجنيف المحادثات نموذج جديد لمحادثات السودان، وقال “نريد مواصلة البناء على ذلك”.
وشدد بيرييلو على أن الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن يدعمان هذا المسار، مشيراً إلى أنها لمسا “خطوات إيجابية من الجيش وقوات الدعم السريع”.
وأوضح أن أطراف المنصة يركزون أيضاً على القضايا المتعلقة بالمساعدات الإنسانية وحماية المدنيين وإنهاء الاشتباكات، بما يتماشى مع التزامات في إعلان جدة.
وذكر بيرييلو أن هؤلاء الأطراف “يواصلون الحوار وجهاً لوجه مع وفد قوات الدعم السريع، وعبر الاتصال المرئي مع ممثلي الجيش”.
وحذّر من وجود دول كثيرة ولاعبين سلبيين يؤججون الصراع المستمر في السودان.
بيان مشترك
شدد البيان المشترك الذي صدر عن الوفود المشاركة في محادثات سويسرا على ضرورة تنفيذ إعلان جدة الموقع بين الجيش وقوات الدعم السريع في شهر أيار من العام الماضي، والالتزام بحماية المدنيين، واحترام القانون الإنساني الدولي.
وكشف بيان وفود الولايات المتحدة وسويسرا والسعودية ومصر والإمارات والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، عن لقاء جمعها بوفد قوات الدعم السريع في سويسرا، كجزء من الجهود الجارية لحماية المدنيين، ووصول المساعدات الإنسانية، ووقف الأعمال العدائية في السودان.
وقال البيان إن الوفود أبلغت ممثلي قوات الدعم السريع ضرورة السماح بمرور آمن ودون عوائق للمساعدات الإنسانية وللعاملين في جميع مناطق سيطرتها، بما في ذلك على طول الطريق من القضارف، عبر ود مدني وسنار.
ولفت البيان إلى أن الوفود رحبت بوجود قوات الدعم السريع واستجابتها واستعدادها لاتخاذ خطوات لتعزيز حماية المدنيين، وتحسين الوضع الإنساني من خلال تدابير إضافية.
وشدد البيان على أهمية التزام الطرفين بموجب القانون الإنساني الدولي بحماية البنية التحتية المدنية، بما في ذلك الجسور والطرق اللازمة للوصول الإنساني، وأشار إلى أن الوفود تعتزم مقابلة قادة الجيش السوداني “أو الاتصال بهم بأي طريقة يختارونها”.