لكل السوريين

زيارة بوتين إلى بكين.. أهداف متنوعة وتساؤلات عديدة

في أول زيارة له إلى الخارج منذ فوزه في الانتخابات شهر آذار الماضي، توجه بوتين إلى بكين للقاء الرئيس الصيني شي جين بينغ.

وخلال الزيارة، التقى بالرئيس الصيني وغيره من كبار المسؤولين الصينيين لمناقشة العلاقات الثنائية بين البلدين، وتركزت المناقشات على تعزيز التعاون الاستراتيجي بينهما ومجالات تطويره، إضافة إلى القضايا الدولية والإقليمية الرئيسية، ومقاومة الضغوط الغربية عليهما، حسب وسائل الإعلام الروسية.

ووقع الزعيمان مجموعة من الاتفاقيات الثنائية لتعزيز شراكتهما بشكل أكبر، حسب صحيفة موسكو تايمز الروسية التي تصدر باللغة الإنجليزية.

وقال بوتين أثناء حديثه مع شي أمام الصحفيين قبل المحادثات “إن تعاوننا في الشؤون العالمية اليوم هو أحد عوامل الاستقرار الرئيسية على الساحة الدولية”.

وأثارت هذه الزيارة الكثير من التساؤلات حول سببها وأهميتها في الوقت الحالي، وأوضحت صحف دولية وخبراء أن بوتين سعى من خلالها إلى الحصول على بعض المكاسب لتعزيز موقف بلاده في مواجهة الغرب مع استمرار غزوها لأوكرانيا.

وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن هذه الزيارة تعطي لبوتين فرصة ليثبت للشعب الروسي أنه لا يزال لديه أصدقاء أقوياء، وهي رسالة غالباً ما يتم التأكيد عليها من قبل وسائل الإعلام الحكومية الروسية.

اهداف بوتين من الزيارة

باختياره للصين لتكون أول زيارة خارجية له بعد أدائه اليمين لفترة رئاسية جديدة، يرسل الرئيس الروسي رسالة إلى العالم يؤكد فيها عمق علاقته الشخصية مع شي جين بينغ.

وكان بوتين قد أشاد خلال مقابلة مع وكالة أنباء الصين الجديدة، بالرئيس الصيني لدوره في “بناء شراكة استراتيجية مع روسيا قائمة على رعاية المصالح الوطنية والثقة المتبادلة العميقة”.

وقال “إن المستوى العالي غير المسبوق للشراكة الاستراتيجية بين بلدينا هو الذي جعلني أختار الصين لتكون أول دولة أزورها بعد تولي منصبي رسمياً رئيساً لروسيا الاتحادية”.

وأضاف “سنسعى إلى وضع الأساس لتعاون أوثق في مجال الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والفضاء والطاقة النووية السلمية والذكاء الاصطناعي ومصادر الطاقة المتجددة وغيرها من القطاعات المتطورة”.

ويرى مراقبون أنه في ظل انشغال الولايات المتحدة بالحرب الإسرائيلية على غزة، وتوجه الاهتمام الغربي إلى إسرائيل بدلاً من أوكرانيا، يحاول بوتين استغلال الوضع المتأزم عالمياً

ويسعى للحصول على المزيد من الدعم الصيني العسكري الذي ساعد روسيا خلال الفترة السابقة على تخطي العقوبات الغربية لعزل موسكو بعد غزوها لأوكرانيا، في عام 2022″.

تقسيم وتصفية الناتو

جاء في تقرير نشرته صحيفة “فزغلياد” الروسية، أن الأهداف الاستراتيجية لروسيا والصين تتمثل في تقسيم وتصفية الناتو، وإنشاء مجموعة من الدول الانتهازية داخل الاتحاد الأوروبي من شأنها أن تمنع الكتلة بأكملها من الدخول في حرب اقتصادية واسعة النطاق مع الصين، والترويج لتغيير النخب في الدول الأوروبية التي تضطر إلى إظهار الدعم للولايات المتحدة، وعلى رأسها ألمانيا وإيطاليا وغيرهما.

وبحسب التقرير فإن الأمر ليس سهلاً بسبب “الافتقار إلى العنصر العقلاني وهو ما يتجلى في أقوال وأفعال النخب الأوروبية التي تجهل مستقبل العلاقة مع واشنطن في عالم سريع التغير”.

ونوّه التقرير إلى أن “أوروبا أصبحت أقل جاذبية بالنسبة لبلدانها الأعضاء في حلف الناتو، في حين تستطيع الصين تقديم تجارة واستثمارات متبادلة المنفعة، وتستطيع روسيا ضمان طاقة رخيصة ومظلة نووية لهذه الدول”.

وذكر التقرير أن محاولات الصين إضفاء الطابع الذاتي على أوروبا تهدف إلى الحد من تكاليف الصدام بين بكين وواشنطن، حيث “سيجر الأميركيون الاتحاد الأوروبي، وهو ثاني أهم شريك تجاري للصين بعد الولايات المتحدة، إلى قلب الحرب الاقتصادية مع الصين”.

علاقات مصالح

يعتبر بوتين شريكاً مهماً للزعيم الصيني شي جين بينغ في معارضة النظام العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة.

ولكن العلاقة بين البلدين تشكّل عبئاً على بكين، التي اتهمتها واشنطن بمساعدة بوتين في إعادة بناء جيشه، وتزويده بالرقائق المستخدمة في الأسلحة المتقدمة، وفرضت عقوبات على شركات صينية لتزويدها لروسيا بهذه التقنيات، وأحجمت حتى الآن، عن عزل البنوك الصينية عن النظام المالي العالمي، بما يؤثر على اقتصادها بشكل كبير, ولكنها تلوّح بهذه الخطوة بين حين وآخر.

ومع استمرار الصراع الاستراتيجي بين الصين والولايات المتحدة، ستعتمد بكين على الدعم الروسي كمورد لها، إذ يمكن للشحنات البرية من الطاقة والغذاء والسلع العسكرية من روسيا أن تخفف بشكل كبير من تأثير الحصار البحري الأميركي على الصين.

وستحتاج بكين إلى دعم روسي أوسع وأكبر في حال اندلاع مواجهتها المحتملة مع تايوان.

ويحاول بوتين اللعب بهذه الورقة الرابحة مع الصين للحصول على أكبر مكاسب سياسية وعسكرية ممكنة.