لكل السوريين

“المشربية”.. تراث حموي ألهم مصممين عالميين

حمص/ بسام الحمد

الشرفة أو المشربية أو الكشك، هي شرفات خشبية مزخرفة تعتبر احدى عناصر العمارة التقليدية وهذه الشرفات أو المشربيات أو الأكشاك مصنوعة من قضبان الخشب الرفيعة وهي لا تنحصر بأهميتها الجمالية فقط بل تعكس خصوصية المجتمع المحافظ.

ويعدّ جان نوفيل أحد أبرز المعماريين الرائدين الذين تأثروا بالمشربيات الحديثة. فالمبنى الذي صممه “معهد العالم العربي في باريس” كان الانطلاقة نحو تصميم مبنيين آخرين للحماية من

أشعة الشمس القاسية في الشرق الأوسط وهما برج الدوحة، حيث تغلفه مشربية حديثة، ومتحف اللوفر في أبو ظبي بقبته المضيئة.

ويعود تسميتها بالمشربيات نسبة إلى كلمة مشرب أي الغرف العالية أو المكان الذي يشرب منه الماء، حيث كانت توضع خارج المشربيات الأواني الفخارية الخاصة بالشرب، ويعتقد البعض أنها سميت بالمشرفية، وذلك لأن نساء أهل البيت كانوا يطلون على الطريق منها ثم حرفت إلى المشربية، ويرجح البعض سبب التسمية إلى خشب المشرب أحد أنواع الخشب الذي صنعت منه المشربيات.

حيث تستطيع المرأة أن ترى من في الطريق دون أن يراها أحد كذلك توفر الظلال والبرودة في الصيف وقد اعتاد الناس في حماة قديماً على وضع أواني الشراب الفخارية في المشربيات.

عند السير في حارات حماة القديمة تستوقفك الدهشة في المكان الذي اجتمعت فيه تفاصيل من سحر وجمال تعبق برائحة التاريخ أحدها المشربيات، نوافذ البيوت القديمة المطلة على الحارات التي تعانقت بيوتها كما تعانقت قلوب أصحابها.

وتعتبر المشربيات أحد أهم ألوان الفن المعماري الإسلامي، ويعود تاريخها للقرن الثالث عشر إبان العصر العباسي الأول وانتشرت في بلاد الشام ومصر والحجاز والعراق واليمن.

والمشربيات من العناصر التقليدية التي تعلو المنازل كعنصر معماري توضع غالباً على نوافذ الطوابق العليا لتحجب الرؤية عن داخل المنزل وتوفر إضاءة وتهوية عبر الفتحات، وتعد صناعتها حرفة قديمة تنقشها أياد ماهرة يستخدم في صناعتها الخص الخشبي المشغول بطريقة دقيقة والموزع بشكل فني ومعماري جميل.

وهي مكان يكشف المنزل على الحارة ويتم وضعه غالباً عند الباب الرئيسي للبيت العربي ليتم التعرف على الطارق وتناول الأغراض بالإضافة لتأثيرها الجمالي والفيزيائي، كونها تجمل المنازل من الخارج وتسمح بمرور الهواء والضوء إلى الداخل.

وتعتمد صناعة المشربيات على القطع الخشبية الصغيرة التي تنحت بأشكال جمالية متقنة الصنع، وتبطن أحياناً بالزجاج الملون، وتتحكم زوايا نحاسية مشغولة على طريقة التفريغ في لصقها في أماكن خاصة من المربع الخشبي، فتزداد قيمتها الجمالية، وتزداد صلابتها.

وتمزج المشربية القديمة الجوانب الثقافية والبصرية والتقنية، وغالباً ما تتجه نحو الشارع للحفاظ على الخصوصية والسماح للهواء البارد بالمرور عبر الواجهة.

وتتيح المشربية من خلال شبكتها الخشبية رؤية البيئة المحيطة، دون أن تكشف الداخل للخارج، وذلك يعود للكثافة العالية للإضاءة في الخارج والظلام في الداخل. أما بالنسبة للحرارة، فإن هذا العنصر التقليدي المفتوح يسمح بتدفق دائم ولطيف للهواء لتبريد الفراغ الداخلي والأواني التي تحتوي مياه الشرب.

وبلغت النهضة الحالية للمشربية ذروتها في نظام ساتر حساس واسع النطاق في مبنى أبراج البحر في أبو ظبي الذي صممه إيديس، إن الستار الديناميكي الحساس للشمس يقلل من الكسب الحراري للأبراج، ووفقاً لإيديس، فإن الزجاج ذو الألوان الخفيفة يقلل من ضوء النهار الوارد في كل الأوقات وليس فقط عند درجات الحرارة الحرجة. وتشمل هذه المنظومة حوالي 2.000 وحدة لكل برج، تشبه المظلات، ومزودة بالألواح الشمسية.

مع تطور المشربية، تغير دور هذه النافذة من طبقة للحماية من الخارج إلى عنصر يجذب المشاهد من الخارج. إن تصميم الواجهة الشرقية، عبر التلاعب المتطور في الضوء والظل، وعمق الفراغ، والتفاصيل الدقيقة، يقدم لنا بياناً واضحاً على ترسخ البناء في التاريخ المحلي بدلاً من استخدام الواجهات الزجاجية التي يمكن استبدالها.