لكل السوريين

إسرائيل تقرع طبول الحرب في رفح.. ودعوات تهجير الفلسطينيين وقتلهم تتصاعد

يبدو أن حكومة نتنياهو قد حسمت خيارها حول اجتياح رفح بعد حصولها على الضوء الأخضر من الدولة العميقة في الولايات المتحدة للسيطرة على قطاع غزة وطرد الفلسطينيين منه وإعادة المستوطنين إليه.

وكل التسريبات التي تنشرها وسائل الإعلام الأميركية والإسرائيلية حول الخلافات بين الطرفين بشأن حماية المدنيين في غزة وغيرها، جزء من مخطط اجتياح رفح، ويصب في مصلحة نتنياهو الذي لا يعبأ بالمحتجزين الإسرائيليين لدى حماس، ويتمنى نهايتهم حتى يتخلّص من عبئهم، وفي مصلحة التيار الديني في حكومته الذي يرى بالمحتجزين قرابين مقدسة لإقامة إسرائيل الكبرى، ويرى في استمرار الحرب وتوسيعها ضرورة دينية في هذا الاتجاه.

ولا تهدف هذه التسريبات الإسرائيلية والأميركيَّة المتضاربة إلّا لخلط الأوراق وتشتت الأذهان عن الأهداف الحقيقية التي تسعى الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة إلى تنفيذها، بمباركة من الإدارة الأميركية وعدد من الدول الأوروبية.

وما الخلاف بين هذه الأطراف إن وجد، إلّا على شكل تغيير الوضع في قطاع غزة، وليس على مبدأ التغيير نفسه، حيث تريد بعض الدول الغربية تجريده من السلاح وعودة السلطة الفلسطينية إليه، بينما تصرّ حكومة نتنياهو على تفريغه من سكانه، وإعادة احتلاله، واستئناف ما سعت إليه إسرائيل في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.

ويتفق الجميع في ضرورة القضاء على حركة حماس بأي ثمن، وعلى تغيير الوضع العام في قطاع غزة سواء بشكل مرحلي أو دائم.

مراحل مدروسة

في البداية ركزت الدعاية الإسرائيلية على خروج الغزيين إلى “المناطق الآمنة” في الجنوب، وكانت حجة تل أبيب أن مشكلتها الأساسية تكمن في شمال قطاع غزة حيث تنطلق صواريخ المقاومة منه باتجاه المدن والبلدات الإسرائيلية، وواكبت وسائل الإعلام الغربية هذه الدعاية وعملت على تعزيزها وتسويقها.

وفي عملية إجرامية قلّ نظيرها، قصفت إسرائيل المستشفى المعمداني، لإشغال الرأي العام العالمي بنفي أو تأكيد ضلوعها بهذه الجريمة، واتهام المقاومة الفلسطينية بالتسبب بها من خلال تواجد قاعدة لها في أقبية المستشفى.

وبالفعل، انشغل العالم في محاولة فهم ما جرى سواء بتبريره أو نفيه أو إثباته، واستغلت إسرائيل هذا الوقت لتدمير المشافي والمدارس والبنى التحتية، فيما بدا ذلك “مسألة عادية”، بعد أن تجاوز العالم فاجعة المستشفى المعمداني.

وفي المرحلة الثانية بدأت إسرائيل بالتوجه جنوباً وركزت دعايتها على فكرة “خان يونس أو كل الجنوب”، وشغلت العالم بأخبار متضاربة حول رفض الإدارة الأميركية وبعض والحكومات الغربية والمنظمات الدولية لذلك، وبتصاعد الخلافات الداخلية بين القوى والتيارات الإسرائيلية، وفي ظل هذه الموجة من التضليل وتشتت الأذهان دخلت إلى خان يونس وارتكبت مجازر فيها.

وها هي الآن تقرع طبول الحرب في آخر منطقة من الجنوب، وتركز كل دعايتها على رفح، وتشغل العالم بالتسريبات حول وجود ضغوط على نتنياهو للقبول بوقف إطلاق النار وبصفقات تبادل الأسرى، ليخرج نتنياهو بعد انتشارها، ويعلن أنه لا وقف للحرب، لإشغال العالم مجدداً بمتابعة الأخبار المتضاربة وتحليلها.

دعوات لتهجير الفلسطينيين وقتلهم

منذ بدء الحرب على قطاع غزة امتنعت واشنطن عن دعوة إسرائيل إلى وقف إطلاق النار، واستمرت بتزويدها بكل أنواع الأسلحة والمعلومات الاستخبارية، واستخدمت الفيتو للمرة الثالثة في مجلس الأمن الدولي لإحباط قرار يدعو لوقف فوري لإطلاق النار في غزة.

وتصاعدت اللهجة المعادية للفلسطينيين في الولايات المتحدة رغم عملية الإبادة الجماعية لهم، ودعا عضو الكونغرس الأميركي آندي أوغلز إلى إبادة جماعية للفلسطينيين في غزة، وانتشر على شبكات التواصل الاجتماعي تسجيل مصور يظهر فيه وهو يرد على  سؤال عن مشاهد الأطفال في غزة، وقد مزقت القنابل أجسادهم، فقال “أعتقد أن علينا قتلهم جميعا”.

وقبل ذلك، ظهر العضو الجمهوري في مجلس النواب براين ماست في تسجيل مصور، وهو يرد على أسئلة حول تدمير البنية التحتية في غزة، فقال “هناك المزيد مما يجب تدميره، وسيتم تدميره”.

ودعت المرشحة الجمهورية المحتملة للرئاسة الأميركية نيكي هيلي لتهجير سكان غزة إلى بلدان أخرى بدعوى أنهم من أنصار حركة حماس.

وبالتزامن مع تسريب معلومات عن قرب إعلان خطة أميركية عربية لتفعيل مبدأ حل الدولتين زعمت وزيرة الاستيطان الإسرائيلية أنه لا يوجد شعب فلسطيني وأنه لا حق للفلسطينيين في إقامة دولة لهم.

وفي كلمة بالكنيست قالت أوريت ستروك “كل شخص في العالم يعلم أن هذه أرضنا، إنها أرض إسرائيل ولنا فقط”.

وأضافت “لن تكون هناك أبداً دولة فلسطينية على أرض إسرائيل، لأنه لا يوجد شعب فلسطيني، لا يوجد شعب كهذا”، وأشارت الوزيرة التي تنتمي إلى حزب الصهيونية الدينية المتطرف، إلى أن رفضها لقيام الدولة الفلسطينية ليس “لكونها فقط غير مستحقة ودون حق تاريخي، وإنما أيضاً لأنها تشكل تهديداً وجودياً لإسرائيل وللسلام العالمي”.