لكل السوريين

بعد فوزه بولاية ثانية.. ماكرون أمام استحقاق الانتخابات التشريعية

ينتظر الرئيس الفرنسي استحقاق لا يقل أهمية عن فوزه بولاية رئاسية ثانية يتمثل بالانتخابات التشريعية المقررة في 12 و19 من شهر حزيران المقبل.

ويتوجب عليه خلالها ضمان أغلبية برلمانية مريحة تمكنه من تنفيذ برنامجه، وتجنبه الدخول في تحالفات سياسية قد تحول دون ذلك.

وستحدد هذه الانتخابات تركيبة الحكومة التي سيعتمد عليها ماكرون خلال فترته الرئاسية الجديدة، خاصة أن الخصمين الأساسيين للرئيس، مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف، وزعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلنشون، قد أطلق كل منهما حملته الانتخابية بقوة وطموح بالفوز فيها.

في حين اقتصر طموح الأحزاب التقليدية مثل حزب الجمهوريون، والحزب الاشتراكي اللذين تكبدا فشلاً ذريعاً في الانتخابات الرئاسية، على مقاومة جاذبية مشروع ماكرون، والزخم الذي حققه اليمين واليسار الراديكاليان.

وخلال خطاب النصر، أقر ماكرون أن تصويت كثير من المواطنين لصالحه، لم يكن اقتناعاً ببرنامجه الانتخابي أو إيماناً بأفكار حزبه، لكن لمنع فوز اليمين المتطرف.

وقد لا يرغب كل هؤلاء بحصوله على أغلبية برلمانية.

قلق من جمود تشريعي

في حال لم يفز بأغلبية برلمانية مريحة، سيضطر ماكرون إلى التحالف مع أحزاب معارضة لبرنامجه، والحكم من خلال تعايش سياسي لم تشهده فرنسا سوى مرتين، آخرهما كانت في عهد الرئيس الراحل جاك شيراك، الأمر الذي قد يتسبب في جمود تشريعي داخل البلاد.

ويرى المحللون السياسيون أن فوز ماكرون بولاية رئاسية ثانية أمر مهم، لكنه ليس كافياً، نظراً للنسبة التي حققتها منافسته اليمينية المتطرفة مارين لوبان، بما ينذر بصعوبات في مفاوضات تشكيل أغلبية برلمانية، ويدفع ماكرون لاستثمار الفترة المتبقية على الانتخابات التشريعية لتلبية مطالب الممتنعين عن التصويت وإقناعهم بالتصويت في هذه الانتخابات، أو البحث عن تحالفات تقود إلى حالة من التعايش السياسي التي تسعى أحزاب اليسار للبحث عنها أيضاً.

إذ قال زعيم حزب فرنسا الأبية المحسوب على اليسار الراديكالي، جان لوك ميلنشون: “أنا لا أريد للسيدة لوبان أن تتولى البلاد، ولا أريد أن يحتفظ السيد ماكرون بالسلطة، ويجب أن أحل هذا التناقض، وأنا أحله بطريقة واحدة فقط، وأقول إن هناك جولة ثالثة”.

تحديات من اليسار

بدأت أحزاب اليسار الفرنسية بتوحيد صفوفها لخوض هذه الانتخابات، وحث زعيم حزب فرنسا الأبية الذي حصل على المركز الثالث في الانتخابات الرئاسية، الأحزاب اليسارية على نبذ “الثقافة الانهزامية”، والتحضير للاستحقاق النيابي.

وفي خطوة جديدة بهذا الاتجاه، أعلن رئيس الحزب جان لوك ميلنشون توصله لاتفاق مبدئي مع الحزب الاشتراكي، بخصوص الانتخابات التشريعية القادمة.

ومن المرجح أن يتيح هذا الاتفاق الذي تم بعد التحالف مع “الخضر” والشيوعيين، لميلنشون

أن يصبح رئيس الحكومة المقبلة عبر الحصول على أكبر عدد ممكن من المقاعد في الانتخابات التشريعية، بما يسمح له بتشارك السلطة مع الرئيس الوسطي إيمانويل ماكرون.

وهو أمر غير مستبعد نظراً للنتائج المتقدمة التي حققها في الدورة الأولى من الانتخابات  الرئاسية، ولإمكانية تحالف أحزاب اليسار التي تتوافر على عدد مهم من أصوات الفرنسيين.

ومن اليمين أيضاً

وبدوره يخوض اليمين المتطرف هذه الانتخابات بمعنويات عالية نظراً للنتائج التي حصل عليها في الانتخابات الرئاسية.

وأثناء إقرارها بالهزيمة في هذا الاستحقاق قالت لوبان “نطلق هذا المساء المعركة الانتخابية التشريعية الكبيرة”، وسط حماس مناصريها.

لكن التحدي الذي يواجه اليمين المتطرف هو أنه لا يتمتع بحلفاء في المشهد السياسي الفرنسي بإمكانهم دعمه في الوصول إلى السلطة.

وعلى الرغم من تغلغله في المجتمع شعبياً وفق ما أظهرت نتائج الانتخابات، إلا أنه لا يشغل سوى ستة مقاعد في البرلمان.

وللمرة الثالثة لم تفلح لوبان في كسر “السد المنيع” الذي يشكله الفرنسيون منعاً لانتصار اليمين المتطرف في فرنسا.

لكنها تمكنت من وضع هذا اليمين وأفكاره في صلب الساحة السياسية الفرنسية بشكل أكبر بعد حصولها على نتيجة مرتفعة خلال الانتخابات الرئاسية.

الانتخابات التشريعية

تجرى الانتخابات التشريعية الفرنسية كل خمس سنوات لاختيار أعضاء الجمعية الوطنية، وهي الغرفة الثانية في البرلمان الفرنسي إلى جانب مجلس الشيوخ.

وتحدد هذه الانتخابات الأغلبية الضرورية في الجمعية الوطنية للمصادقة على مشاريع القوانين،  وتؤثر بالتالي على رسم سياسة البلاد بشكل مباشر.

ويتنافس المرشحون في هذا الاستحقاق على مقاعد الجمعية وعددها 577 مقعداً تمثل كامل الدوائر الفرنسية.

وبمقتضى قانون صادر عام 2001، أصبحت تجرى بعد أسابيع من انتخابات الرئاسة كي تتزامن الفترة التشريعية مع الولاية الرئاسية، وتتم على دورتين بكل دائرة انتخابية.

وينبغي الحصول على الأغلبية المطلقة من أصوات الناخبين للفوز في الدورة الأولى، بشرط ألا يقل عدد المصوتين عن 25٪ من عدد الناخبين المسجلين في القوائم الانتخابية.

وفي حال عدم حصول أي من المرشحين على الأغلبية المطلقة، يتم إجراء الدورة الثانية بين المرشحين الذين حصلوا على 12.5٪ من أصوات الناخبين كحد أدنى، ويكتفى بالأغلبية النسبية في هذه الدورة لاختيار الفائز.