لكل السوريين

تبحث عنهم حتى في المقابر.. امرأة فقدت معظم أفراد عائلتها وتتمسك بأمل وحيد!

حماة/ جمانة خالد 

الأمل لا ينقطع على رغم الأهوال والمصاعب التي واجهها السوريون على مدار السنوات الماضية، وهو الأمل الذي يتجسد في قصة السيدة المُسنة أم محمد صاحبة الـ 67 عامًا القاطنة بالأطراف الشمالية لمدينة حمص، رفقة زوجها صاحب الـ 74 عامًا.

فقدت أم محمد معظم أفراد عائلتها، منهم من قُتل في الأحداث التي شهدتها سوريا منذ العام 2011 ومنهم من فرّ هاربًا بنفسه من جحيم الحرب المستعرة إلى نيران الغربة واللجوء. لكنّها -وعلى رغم تلك الأهوال والمصاعب غير المسبوقة في حياتها- لاتزال تتمسك بحُلم وأمل أن ترى أخيها المفقود.

لم تتوانى المسنة -رغم كبر سنها- بالبحث والسؤال عن أخيها سواءً في الفروع الأمنية أو حتى تبحث عنه في المقابر أو إذا ما كان معتقلاً لدى التنظيمات الإرهابية المرتزقة، والخيار الأخير فقدت الأمل منه مع خروج المسلحين بموجب تسويات للشمال السوري.

الأمل يتعلق بمن هو على قيد الحياة، أما من مات “فلا نملك إلا الدموع والذكريات الجميلة لتحضرنا من آن لآخر”، كما تقول أم محمد.

فقدت أم محمد معظم أفراد عائلتها بين لاجئ و”شهيد”، لم تكن المأساة خفيفة بالقدر الذي يمكنها معها أن تتحمل بصورة طبيعية، لكنها قوة الإرادة. تتحدث “أم محمد” وتروي قصتها بينما دموعها تفيض من الحزن من هول ما رأته في السنوات الأخيرة.

“أم محمد” كان لديها عشرة أولاد، خمسة شباب وخمس بنات، ثلاثة شباب فقدوا الحياة، ومن تبقى من الأبناء حملتهم سفينة الألم لبلدان بعيدة في أوروبا يواجهون وحدهم ألم الفراق والبعد عن وطنهم.

تقول أم محمد في كل مرة أُسر عندما يُصدر عفو أو يكتشفوا مقبرة جماعية، أُريد فقط أن ارتاح؛ فربما يكون أخي من بينهم؛ ليعيد الفرحة لقلوبنا، تلك الفرحة التي ظننا أنها لا تعرف طريقنا.

أضافت ام محمد أن في الحقيقة الغريق يعلق نفسه بقشة و-انا كذلك- أحاول أن اقنع نفسي بأن المعتقلين القدامى سيخرجون، لتعود الصدمة من جديد ونتفاجئ بأنه أخرج معتقلين دخلو السجن حديثا من شهور قليلة، وأخيها ليس بينهم، المرأة لم تلقى أجوبة من فروع الأمن والمخابرات في كل مرة تُطرد من الباب.

لم تضف “أما محمد” المزيد من التفاصيل حول قصة معاناتها أو تفاصيل سلسلة الفقد التي عانت منها حتى بلغ بها المطاف وحيدة رفقة زوجها في حي ناء بحمص، تنتظر أن يتحقق حلمها في أن ترى أخيها بعد غياب دام لست سنوات.

السيدة المسنة لا تجد من يساعدها في أي شيء، لا في الطبخ ولا الغسيل وشتى أمور المنزل، تجلس وزوجها المسن يتسلحان بالأمل.. أمل أن تعود سوريا كما كانت.