لكل السوريين

تعليق تمويل الأونروا.. تحيّز للمعتدي وعقوبة جماعية للضحايا

أثار تعليق دول غربية تمويلها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” حالة من الغضب والاستنكار لدى الأوساط الشعبية في المنطقة وخارجها.

وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا وكندا وأستراليا وغيرها من الدول الأوروبية، قد علّقت تمويلها للوكالة إثر مزاعم إسرائيلية بمشاركة بعض موظفيها في عملية طوفان الأقصى.

واعتبر متابعون للشأن الفلسطيني أن تعليق تمويل الأونروا يؤكد عزم القوى الغربية على شطب حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى بلادهم.

ووصف آخرون القرار بأنه غير إنساني، خاصة أنه جاء في وقت ترتكب فيه إسرائيل أبشع المجازر بحق أهالي غزة.

ونوّه محللون سياسيون إلى أن القرارات الغربية جاءت كرد فعل على قرارات محكمة العدل الدولية التي أمرت إسرائيل باتخاذ إجراءات وقائية لحماية أهل غزة من جرائم الإبادة الجماعية.

كما طرح متابعون على منصات التواصل تساؤلات حول عدم قيام الدول العربية والإسلامية الغنية بتمويل الأونروا، وتقديم الدعم لأهالي غزة الذين يتعرضون لحرب إبادة.

وأشار بعضهم إلى ضرورة إنشاء منظمة عربية مستقلة وفعالة لتقديم المساعدات في ظروف الحروب والكوارث الطبيعية.

عقوبة جماعية

قال الأمين العام للأمم المتحدة في بيان إن المنظمة الدولية سوف تحاسب أي “موظف متورط في أعمال إرهابية”، واختتم بيانه بالقول إن “الأفعال البغيضة المزعومة لا يجب أن تتسبب في عقاب عشرات الآلاف من العاملين لدى الاونروا”.

ودعا غوتيريش إلى “ضرورة استمرار الحكومات في دعم وكالة الأونروا وتلبية الاحتياجات الماسة للسكان اليائسين في قطاع غزة”.

وأشارت وكالة الأونروا إلى أنها الوكالة الإنسانية الرئيسية في غزة، ويعتمد عليها أكثر من مليوني شخص من أجل البقاء على قيد الحياة، إضافة إلى الأسر النازحة بالمحافظات الجنوبية حيث الجوع يلاحق الجميع.

أشار المفوض العام للوكالة إلى أن “الفلسطينيين في غزة لم يكونوا بحاجة إلى هذا العقاب الجماعي الإضافي”.

وقال لازاريني “من الصادم أن نشهد تعليق التمويل للوكالة رداً على مزاعم بحق مجموعة صغيرة من الموظفين، لا سيما في ضوء التحرك الفوري الذي اتخذته الأونروا بإنهاء عقودهم وطلب إجراء تحقيق مستقل يتمتع بالشفافية”.

وبدورها اعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية قرارات تعليق تمويل الأونروا عقوبة جماعية للشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة.

التخلص من الأونروا

جاء اتهام إسرائيل المزعوم للأونروا على خلفية مساعيها المستمرة للتخلص من الوكالة، حيث

ترى أنها تساهم في استمرار قضية اللاجئين، وفي إصرارهم على حق العودة إلى أراضيهم،

وتعتبر عودتهم تهديداً ديمغرافياً للأغلبية اليهودية في إسرائيل، ولذلك تسعى إلى التخلص من الأونروا، وتدفع باتجاه دمج اللاجئين في أماكن إقامتهم في دول الجوار.

وفي هذا السياق، وضعت إسرائيل دراسة مطولة عام 2020، ونشرها معهد الأمن القومي الإسرائيلي، في مقدمتها تفكيك الأونروا ونقل ميزانيتها إلى حكومات الدول المضيفة للاجئين.

واقترحت الدراسة التي صدرت بعنوان “سبعون عاماً للأونروا” نقل صلاحيات الوكالة وميزانيتها وجميع ما يخصها إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، على أن تقوم بتسهيل حصول اللاجئين الفلسطينيين على حق الإقامة الدائمة والتجنس في البلدان التي يتواجدون فيها، مما يؤدي إلى إلغاء صفة اللاجئ عنهم في حال تجنسهم بجنسية دول أخرى.

وتساند الجماعات اليمينية في الولايات المتحدة الجهود الإسرائيلية، وتطالب بإلغاء تمويل الوكالة على اعتبار أن تفردها بملف اللاجئين الفلسطينيين، ومنحها وضع اللاجئ لأحفاد الجيل الأول من منهم، يطيل أمد الصراع مع إسرائيل.

نوايا مبيتة

أشار تقرير إسرائيلي في نهاية شهر كانون الأول الماضي إلى “محاولات من الحكومة في إسرائيل، لإخراج وكالة الأونروا من قطاع غزة”، في أعقاب الحرب الدائرة حالياً.

وذكرت القناة 12 الإسرائيلية، أن تقرير وزارة الخارجية “شديد السرية”، يشمل توصيات بأن تحدث تلك الخطوة على ثلاثة مراحل، “الأولى تكمن في الكشف في تقرير شامل عن تعاون مزعوم بين الأونروا وحركة حماس” المدرجة على قوائم الإرهاب الأميركية.

وتشمل المرحلة الثانية “تقليص عمليات الأونروا في القطاع الفلسطيني، والبحث عن منظمات مختلفة لتقديم خدمات التعليم والرعاية الاجتماعية للفلسطينيين في غزة”.

فيما تتم المرحلة الثالثة عبر “عملية نقل كل مهام وكالة الأونروا إلى الهيئة التي ستحكم غزة بعد انتهاء الحرب”.

ومع أن هذه  الخطوة تتسبب بوجود فوضى عقب خروج الأونروا من غزة دون وجود بديل لها،

يبدو أن نتانياهو وحكومته اليمينية المتطرقة يفضلون هذه الفوضى على استمرار وجود حماس في القطاع، أو إدارته من قبل السلطة الفلسطينية، حسب مراقبين.

يذكر أن الأونروا تأسست في كانون الأول 1949 بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين، خلفاً لبرنامج الأمم المتحدة لمساعدة اللاجئين الذي تم تأسيسه في العام السابق، ومنذ ذلك الوقت أصبحت الهيئة الوحيدة الضامنة لوضع اللاجئين الفلسطينيين.