لكل السوريين

مرضى القلب في طرطوس، بين نار المرض وجحيم السوق الطبية

طرطوس/ سلاف العلي

أصبحت معاناة مرضى القلب مضاعفة، فالويل لهم إذا لم يتعالجوا فلا مرض القلب يرحمهم ولا السوق الطبية تعطف عليهم، فالقسم الأكبر يصبرون على الألم والمعاناة وينتظرون مصيرهم الأخير.

السيد حميد من مدينة بانياس وهو شقيق السيد فؤاد مريض القلب المزمن أخبرنا: أخي مرض قلب وعنده عدة مشاكل قلبية وانسداد في عدة صمامات وأجرى قسطرة منذ سنة تقريبا والآن هو يحتاج إلى قسطرة قلبية، لقد أصبح لديه أمراض في القلب الناجمة عن التهابات أغشية القلب، والأسعار جهنمية هذه الأيام، لقد بات أهل أي مريض قلب يخافون الإجابة عن سؤال عن تكلفة العمل الجراحي لمريضهم، إذ تزيد الأرقام الفلكية للعمليات تعب قلوبهم، وربما توقف نبضاته لشدة الصدمة من هول ما سيدفعونه لتطبيبه، كما يقول مواطنون.

السيد أنيس وهو مهندس من صافيتا ومريض قلب أخبرنا: منذ ثلاث سنوات مرضت بالقلب وتأثرت عندي كل وظائف القلب، وكان مرضي في المتلازمة الإكليلية أو متلازمة الشريان التاجي، إضافة إلى تضييق الأوعية الدموية أو انسدادها، والتي تمنع وصول الدم إلى القلب، أو الدماغ، أو الأجزاء الأخرى بالجسم، والحصول على ما يكفي من الدم، وأصبحت مريض القلب التاجية وهذه أمراض تصيب أوعية الدم التي تغذي عضلة القلب، ومن ذلك الوقت بدأت مسيرتي مع المرض والعلاج وكانت كلها تعب وارهاق ولا رحمة عند الأطباء والمشافي والعلاجات وأود أن أشير إلى نقطة مهمة جدا وهي: إجراء العمليات في مشافي القطاع العام تحولت إلى مشكلة بوجه المرضى إذ بات يترافق موعد إجراء العملية بقائمة مطالب، العملية في يوم كذا وعليكم شراء هذه المواد لزوم الجراحة فهي ليست متوافرة لدينا، إذ يطلب من ذوي المريض إحضار ما يتطلب لإجراء العمل الجراحي وشراؤها من خارج المشفى وهذه ما تسمى بالسوق الصحية السوداء أسوة بأسواق المحروقات التي لا تتوافر مدعومة وإنما حرة بشكل كبير، إضافة إلى ذلك هنالك بعض المرضى أنهم يضطرون لإجراء العمل الجراحي في المشافي الخاصة نظرا لتوقف بعض الأجهزة عن العمل في المشافي العامة ومنها جهاز القسطرة، ما يضطر المريض بالحالات المتقدمة للتوجه نحو القطاع الخاص ودفع ملايين الليرات عبر الاستدانة أو سحب قروض، متسائلين كيف يمكن للقطاع الخاص توفير كل ما يلزم للطبابة والجراحة، مقابل عجز الجهات الحكومية عن توفيرها للمشافي العامة وتخفيف الأعباء المادية عن المرضى خاصة من ذوي الدخل المحدود.

السيدة جومانا وهي مدرسة مادة الرياضيات لطلاب الثانوي ومن مدينة الدريكيش أضافت إلى ما سبق قائلة: سنين مضت من العتب والإرهاق والوقوف أمام الطلاب من أجل تعليمهم كانت خاتمتها بمرض القلب الروماتزمي فأصبت في ضيق النفس، التعب، ضربات القلب غير المنتظمة، ألم في وسط الصدر والإغماء، والحمى المتكررة ، ألم وتورم المفاصل، الغثيان، آلام المعدة، والتقيؤ، وبدأت رحلة المعالجة الدوائية، والمعالجة الجراحية، وقسطرة الأوعية الدموية، ولا يوجد أي معين او مساعدة الا الاهل ،وتحولت حياتي وأصبحت عاطلة عن العمل ولا تدريس ولا شيء الا الرحة والغلاب يضرب اطنابه في كل شيء طبي وصحي ودوائي وكل شيء، واعتقد من الضروري ، أن يتم استبدال مفهوم المشافي العامة المجانية والهيئات المستقلة التابعة لوزارة الصحة لتصبح مشافي مخصخصة، مع وصول تكلفة جراحة القلب المفتوح إلى حوالي 8 ملايين ليرة سورية بدون جهاز المؤكسج الذي يكلف عدة ملايين أيضا بدون سعر ثابت، عدا عن تكلفة القسطرة القلبية وتركيب الشبكات التي يضطر المريض لشرائها من خارج المشفى وتزيد كل شبكة على6 ملايين ليرة.

السيد الدكتور علي وهو طبيب بيطري موظف ومسؤول في مزرعة للأبقار في الشيخ بدر، أدلى بدلوه، وأضاف: أن تكلفة عملية المجازات الإكليلية تتراوح بين 70-80 مليون ليرة سوريّة في المشافي الخاصة، وفي حال إضافة صمام فإنها تصل لحوالي 90-100 مليونا حسب المواد المستخدمة، أما تكلفة تركيب أو زرع الشبكة فتتراوح بين 16-20 مليون ليرة، وكل شبكة مضافة تصل إلى7 ملايين ليرة، والبالون يتراوح سعره بين 2-4 مليون ليرة.

السيد الدكتور منصور وهو طبيب في مشفى لأمراض وجراحة القلب في طرطوس أكد: أن جهاز القسطرة عاد للعمل مؤخرا بعد صيانته بخبرات وطنية، مضيفا إن عمليات القلب المفتوح في المشفى عادت بعد توقف، وأشار إلى أن تكلفة عملية القلب المفتوح في المشفى تكلف نحو5 ملايين ليرة، من دون ثمن جهاز المؤكسج الذي يتعين على المريض تأمينه إذ لا يتوافر في المشفى، مبينا أن تكلفة العملية سابقا كانت بين 2 – 2.5 مليون ليرة، ولكن تم مؤخراً رفع الوحدات المخبرية من وزارة الصحة، ورفع أسعار أكياس الدم ومشتقاتها من وزارة الدفاع.

الدكتورة منيرة وهي طبيبة مختصة بأمراض وجراحة القلب والاوعية لفتت: إلى أن المرضى يؤمنون المستلزمات غير المتوافرة في المشفى، حيث أن المريض كان بالأساس يدفع ثمن المواد والمشفى مَن يؤمنها، مضيفة إن الفارق على سبيل المثال كان المشفى يتعاقد ببداية العام ويتم التعديل على أسعار المواد من دون أن يطرأ تعديل على المريض أي مثلما دخلت المواد إلى المشفى يكون السعر على المريض، أما حاليا فباتت أسعار المواد تحسب كل يوم بيومه والمريض يتحملها ومع الأسف مرت فترات قصيرة تبدلت فيها أسعار المواد بالسوق بشكل كبير، وختمت بالقول: في النهاية التاجر الذي يورد المواد هو نفسه سواء لقطاع حكومي أم قطاع خاص ويحقق الربح من كلتا الجهتين.