لكل السوريين

النيجر تلغي قانون تهريب المهاجرين.. وفرنسا تفقد نفوذها في الساحل الإفريقي

يبدو أنه لايزال في جعبة دول الساحل الإفريقي المزيد من الأوراق الرابحة والخيارات المؤثرة لتواجه بها الضغوط التي تمارسها أوروبا بشكل عام وفرنسا بشكل خاص، على هذه الدول.

فإلى جانب طرد القوات الفرنسية من مالي وبوركينافاسو، استخدمت نيامي ملف “الهجرة غير النظامية” كورقة ضغط في مواجهة الزعماء الأوربيين الذين يرفضون الاعتراف بالسلطات الانقلابية فيها، ويطالبون بعودة الرئيس محمد بازوم إلى منصبه، وألغت النيجر قانون تهريب المهاجرين الذي يمنع الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.

وجاء إلغاء هذا القانون كرد فعل على قرار اتخذته مؤخراً دول الاتحاد الأوروبي يقضي بتبني دوله إطاراً قانونياً يسمح بمعاقة الكيانات والأفراد التي تهدد السلم والأمن في دولة النيجر.

وكانت السلطات العسكرية الحاكمة في النيجر قد اتخذت سلسلة من الإجراءات ضد فرنسا رداً على عدم اعتراف باريس بشرعيتها، شملت طرد سفيرها وإلغاء الاتفاقيات الثنائية معها وإغلاق مجالها الجوي أمام طائراتها.

وأصدر المجلس العسكري نهاية الشهر الماضي مرسوماً بإلغاء “قانون 2015″، الذي وقعته حكومة بلاده مع الاتحاد الأوروبي للتصدي للهجرة غير النظامية من النيجر نحو أوروبا.

ملف الهجرة

حسب تقديرات الأمم المتحدة، كان الطريق الذي يمر من النيجر يشهد حركة أربعة آلاف مهاجر أسبوعياً لا يحملون وثائق سفر من مختلف دول غرب إفريقيا إلى الدول الأوروبية، مما دفع هذه إلى الضغط على النيجر لسن القانون الذي ينص على منع الهجرة غير النظامية من النيجر إلى أوروبا، ويفرض عقوبات تصل إلى سبعة آلاف يورو، والسجن لمدة تصل إلى عشر سنوات للمتورطين في الاتجار بها أو تسهيلها.

وواجه هذا القانون انتقادات حادة من قبل عدة مجموعات محلية رأت فيه آلية لخدمة الأجندات الأوروبية، وسد أبواب الرزق أمام شرائح كبيرة من فقراء النيجر الذين يعتمدون في معيشتهم على اغتراب أبنائهم.

وقد نصّ المرسوم الجديد على إلغاء القانون السابق، وما ترتب عليه منذ تاريخ صدوره في السادس والعشرين من شهر أيار عام 2015.

وأكد رئيس المجلس العسكري الحاكم في النيجر أن الإدانات التي صدرت بموجب هذا القانون ستلغى نهائياً كما ستلغى كافة تبعاتها.

وأشار الأمين العام لوزارة العدل فيها إلى أن جميع المدانين بهذا القانون سيتم إطلاق سراحهم.

المفوضة الأوروبية تحذر

نددت المفوضية الأوروبية للشؤون الداخلية بقرار المجلس العسكري في النيجر، وقالت تعليقاً على القرار إنها قلقة بسبب إلغاء قانون تهريب المهاجرين.

وأشارت إلى أن القانون المذكور أسهم إلى حد كبير في انخفاض معدل الوافدين غير النظاميين نحو أوروبا، كما قلّص من عدد الوفيات منهم في الصحراء.

وذكرت أنه في النصف الأول من العام الجاري لقي نحو ألفي شخص حتفهم غرقاً في البحر الأبيض المتوسط، ووصل عدد الغرقى خلال هذا العام إلى أكثر من ثمانين ألف شخص، حسب بيانات المنظمة الدولية للهجرة.

وحذّرت المفوضية الأوروبية من أن يؤدي القرار إلى وفيات جديدة في الصحراء وفي البحر، وهو الشيء الأكثر قلقاً بالنسبة لها، وفق تعبيرها.

وأشارت إلى أن هذه الخطوة ستغرق ليبيا بالمهاجرين الذين يعتبرونها بوابة رئيسية نحو أوروبا، كما ستعاني الجزائر وتونس والمغرب بوصفها دول العبور الرئيسية في المتوسط، من موجات المهاجرين غير الشرعيين القادمين من أفريقيا.

فرنسا تغادر النيجر

اضطر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى سحب سفير بلاده من نيامي، وأعلن أن الجنود الفرنسيين سيغادرون النيجر، وسيتم انسحابهم بشكل كامل بحلول نهاية العام الحالي.

ويرى مراقبون أن قرار الرئيس الفرنسي استسلام واضح للمجلس العسكري الحاكم في نيامي، بعد شهرين من المواجهة معه رفض خلالهما ماكرون الاعتراف بالمجلس، وتجاهل دعواته لرحيل السفير وسحب القوات العسكرية من النيجر.

وترافق إعلان ماكرون لقراره بردود فعل واسعة داخل فرنسا، واعتبره الكثيرون “هزيمة للإليزيه” و”انتكاسة لفرنسا في النيجر”، بحسب صحيفة لاكروا الفرنسية.

وأكد الباحث الفرنسي توماس هوفنونغ “أن الفاتورة باهظة الثمن بالنسبة لباريس التي خسرت مواجهة استمرت شهرين مع المجلس العسكري في النيجر”، واعتبرها “ضربة قوية لفرنسا التي فقدت نفوذاً استراتيجياً في المنطقة”.

وكان معظم قادة الانقلابات الإفريقية قد اعتمدوا خطاباً سياساً مناهضاً للغرب عامة، ولفرنسا بشكل خاص، وتعالت الأصوات المطالبة بطرد سفرائها وخروج قواعدها العسكرية من الدول الإفريقية، وقد خرجت قواتها فعلاُ من مالي وبوركينافاسو، وها هي تخرج من النيجر.