اللاذقية/ سلاف العلي
ثمة نقصا متزايدا في بعض الزمر الدوائية، وهو ما أدى الى تفاقم أزمة الأدوية بشكل عام وفي اللاذقية خصوصا، والازمة مستمرة ولا أفق لحلها نهائيا، ما دامت أسبابها الحقيقية مستمرة، مما نتج عن ذلك نقص كبير في توفر العديد من الأصناف في الصيدليات، لكنها متوفرة عن طريق التهريب وبالسوق السوداء وباسعارعالية جدا وبدون أي ضابط.
السيدة مارييت وهي صيدلانية اخبرتنا: تساهم أزمة الأدوية بين الحين والآخر في تفاقم تجارة تهريب الأدوية، حيث ظهرت باللاذقية شبكات من التجار والسماسرة تتاجر بالأدوية علنا وبدون أي خوف وأمام أعين الدولة التي لا تحرك ساكنا في سبيل حل معضلة شحّ الأدوية وتبدل أسعارها كلما تدهور سعر الصرف، أو اذا ارتفعت أسعار المشتقات النفطية، وهناك بعض المعامل خففت من إنتاجها من الدواء نتيجة عدم قدرتها على تمويل المواد الأولية الداخلة في إنتاج هذه الأدوية، وهو ما يتسبب بحدوث أزمة دوائية بين الحين والآخر.
الصيدلانية السيدة نوال أوضحت: لقد تمت العديد من المطالبات الى مصرف سورية المركزي من أجل تسريع تمويل المواد الأولية الداخلة في صناعة الأدوية على المنصة، إلى جانب مواد التغليف التي يتم استيرادها وذلك بأن تكون من الفئة الثانية أي أن مدة تمويلها لا تتجاوز الشهر، رغم أن التمويل على المنصة يستغرق شهرين إلى ثلاثة أشهر وهذه فترة طويلة ولذلك فإن هذا الأمر يؤثر على الصناعة الدوائية، وهناك ضرورة أن يكون هناك تخفيض لهذه المدة إلى شهر على أبعد تقدير باعتبار أن الصناعة الدوائية أولوية، ومن هذا المنطلق يجب أن يتم إدراج المواد الأولية الداخلة في صناعة الدواء ومواد التغليف من ضمن الدرجة الثانية، لكن تكلفة إنتاج الأدوية بعدما أصبح تمويلها على المنصة عالية جدا، وكان من الواجب أن تكون هنالك آلية تسعير الدواء وفق سعر المنصة والا الازمة مستمرة، وبالتالي تواصل دخول أدوية غير مضمونة الفعالية والجودة، نتيجة نقص الأدوية في السوق وهذا ما يفتح الباب لدخول أدوية مهربة ومزورة وأسعارها تكون أغلى من الأدوية المحلية، على اعتبار أنها غير مراقبة و تدخل بشكل مهرب إلى السوق المحلية.
الصيدلاني السيد عمر أضاف: أن ارتفاع أسعار حوامل الطاقة لعب دورا كبيرا في ارتفاع تكاليف إنتاج الأدوية، حيث إن ارتفاع تكاليف حوامل الطاقة زاد من كلف الإنتاج أكثر من 35 بالمئة، وشهد السوق الدوائي فقدانا لبعض الزمر الدوائية نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج وارتفاع سعر الصرف الرسمي. وفي ظل ذلك، تفاقمت أزمة الحليب، حيث شهدت الصيدليات نقصا حاد في المنتج مع ارتفاع كبير في الأسعار.
الدكتور زاهر أكد لنا: هنالك أصناف عديدة من الأدوية مفقودة وعلى إثرها قام الأطباء والصيادلة والمرضى بتقنين استهلاك الأدوية، خاصة بعد أن رفعت وزارة الصحة أسعار الأدوية المحلية بنسبة 50 بالمئة، تماشيا مع سعر الصرف ولحل معضلة فقدان الأدوية بحسب ادعاءات الجهات المعنية في الوزارة، ومع كل تدهور في سعر الليرة السورية مقابل النقد الأجنبي، يرافقه أزمةً في توفير الدواء واستغلالا ببيع الأدوية في الصيدليات، بحجة فقدان الأدوية وتأخير التسعيرة الرسمية الجديدة، رغم توافر بعض الأدوية في المستودعات، لكن أصحابها يخفونها أو يبيعونها بسعر مرتفع في السوق السوداء، وبالتالي فإن عدم قدرة الحكومة على ضبط الأسعار يؤدي إلى تصاعد أزمة الأدوية في كل مرة، مصاحبة بزيادة كبيرة في السعر الجديد، ويوجد العديد من الصيدليات يتبعون نظام تقنين بيع الأدوية بتسليم ظرف أو ظرفين لكل شخص، أو عبر رفع السعر، وسط غياب أي دور للرقابة من كل هذه الفوضى. الصيدلانية ثريا اخبرتنا عن الأدوية التي ارتفعت أسعارها فعليا، فقد أجمعت عموم الصيدليات على أن جميع الفيتامينات ارتفعت بنسبة 100 بالمئة، هذا وشملت قائمة المفقودات خلال الفترة الماضية وبعضها مستمر حتى اليوم، خافضات الضغط وأدوية الغدة لا سيما “التيروكسين 50 و100”. وأدوية السكري “ألفا غليب” و” ميتاغبلتين” و” دياكولين ماكس” وأدوية الصرع “فالبرون 500″ و”فالبروات 500″ و”لاميك” ومسكنات “برودول بلس ك” وأدوية الالتهاب “زدناد”، ان حالة فقدان الأدوية وتقنينها في الصيدليات بهدف رفع سعرها تتكرر في كل مرة مع موجات الغلاء التي باتت حرفيا تهدد حياة المواطنين. بينما لا تجد “وزارة الصحة” حلّاً إلا النزول عند طلبات شركات الأدوية ورفع السعر بحجة توفير الدواء في أزمة باتت تتكرر وتزداد تعقيدا في حياة السوريين اليومية.
السيدة المهندسة انتصار قالت: ان الصيدليات أصبحت مثل سوق الهال، فالبعض يمتنع عن البيع حتى يستقر سعر الصرف، بينما يبيع الآخر الأدوية حسب أهوائه، مما يثبت أن حالة من الفوضى واللامسوؤلية تجتاح قطاع الأدوية وسط غياب الرقابة، ولا ينبغي للصيدليات التلاعب بأسعار الأدوية. بينما يبرر أصحاب الصيدليات أن الأدوية تأتيهم بأسعار مرتفعة من معامل الأدوية، وكذلك ارتفاع تكلفة المعيشة مع كل ارتفاع في سعر الصرف، يعطيهم ذريعة لرفع أسعارها تبعا لذلك.
الطبيبة نورا اشارت الى انه نتيجة أزمة الدواء المتكررة، ظهرت لها سوق سوداء، أسوة ببقية القطاعات، إضافة الى بيع الأدوية على البسطات في الشوارع والأسواق وكل ذلك، بالتزامن مع ارتفاع أجور المعاينات الطبية، بات المواطنون يلجؤون إلى البحث عن بدائل أرخص وأسهل للحصول على رعاية صحية مقبولة. وهنا دخلت في المشهد الأدوية التقليدية أو ما يعرف بالطب العربي، بالإضافة إلى توجه فئة من الناس إلى الصيدليات كحل بديل عن العيادات الطبية، بحيث يوفر عليهم التكاليف المادية، ومع انتشار شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في سوريا، استغل بعض التجار والمروجين هذه المنصات لعرض وبيع مستحضرات طبية مختلفة، بدعوى أنها بديل رخيص وسهل للمستحضرات الطبية المتوفرة في الصيدليات أو المستشفيات. وقد استهدف هؤلاء التجار فئاتا من السهل إغوائها خصوصا حبوب التقوية الجنسية عند الرجال، وحبوب تقليل الوزن عند النساء، والمستحضرات التجميلية ومعظم بدائل المستحضرات الطبية غزت الأسواق الإلكترونيـة بعيدا عن الرقابة حيث يشتري مواطنون أدوية ومستحضرات تجميلية عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، وذلك لانخفاض أسعارها وسهولة الحصول عليها.