لكل السوريين

في تطور غير مسبوق.. مجلس النواب الأميركي يقيل رئيسه والولايات المتحدة تدخل مرحلة مضطربة جديدة

في سابقة هي الأولى من نوعها بتاريخ الولايات المتحدة، أطاح نواب أميركيون برئيس مجلس النواب من منصبه في إجراء قاده أعضاء الجناح اليميني المتشدد، بعد أن تعاون كيفن مكارثي مع الديمقراطيين لتمرير حزمة مؤقتة لتمويل الحكومة الفيدرالية جنبت واشنطن حالة الإغلاق الحكومي.

وأثارت إقالة مكارثي التساؤلات حول دور الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في قرار المجلس، خاصة أن النائب مات جايتز الذي قاد هذا الإجراء من أكبر الداعمين لترامب.

وقال البيت الأبيض إن الرئيس جو بايدن يتطلع للعمل مع مجلس النواب بمجرد قيامه بمسؤوليته في اختيار رئيس له، وأشار إلى حرص بايدن على العمل مع الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الكونغرس “بحسن نية”.

وستفاقم الإطاحة بمكارثي أزمة واشنطن، حيث سيكون خليفته تحت ضغوط أكبر لتجنب تمرير حزمة تمويل مؤقتة أخرى، أو تمويل إضافي لأوكرانيا، حيث منح التمويل المؤقت الذي وافق عليه مجلس النواب المشرعين مهلة حتى السابع عشر من الشهر القادم للتوصل إلى اتفاق دائم بشأن ميزانية العام المقبل لمنع إغلاق الحكومة.

قرار الساعات الأخيرة

وكان مجلس النواب الأميركي قد أقر مشروع قانون يسمح بتمويل الوكالات الحكومية لتجنب الإغلاق الحكومي الجزئي، بعد أن تخلى رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي عن مطلب الجناح اليميني المتشدد في حزبه بإقرار القانون بأصوات الجمهوريين فقط، رغم معرفته بأن ذلك سيجره إلى مواجهات مع هذا الجناح، وهو ما حدث فعلاً  وأدى إلى إقالته من منصبه.

ووقع بايدن على التشريع الخاص فور إقراره في الكونغرس ليصبح قانوناً نافذاً قبل ساعات قليلة من انتهاء الموازنة الحالية، وهو ما جنب البلاد حالة الإغلاق الحكومي.

ويوفر القانون تمويلاً للحكومة الفدرالية لمدة 45 يوماً أخرى، لكنه لا يتضمن أموالاً إضافية لمساعدة أوكرانيا في حربها مع روسيا.

وكانت البلاد متجهة نحو إغلاق جزئي لمؤسسات الحكومة الفدرالية بسبب الإخفاق في التوافق على ميزانية الحكومة للعام المالي الجديد، لكن توافقات اللحظة الأخيرة مكنتها من تجنب إغلاق رابع خلال عشر سنوات، والأول في عهد بايدن.

وكان بايدن قد أشار إلى أنه توصّل مع رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي قبل أشهر إلى اتفاق بشأن الموازنة لتجنب هذا النوع من “الأزمات المصطنعة”.

مكارثي غير نادم

أكد مكارثي استعداده للمخاطرة بمنصبه حماية لمصالح الأميركيين، على حد تعبيره، وقال “إذا تعيّن علي المخاطرة بمنصبي للدفاع عن الشعب الأميركي فسأفعل ذلك”.

وقال رئيس مجلس النواب الأميركي المعزول إنه خاطر من أجل الشعب وليس نادماً على الجهود التي قام بها قبل عزله من منصبه.

وبعد وقت قصير من عزله قال مكارثي “خاطرت لمنع إغلاق الحكومة من أجل الشعب الأميركي، وأضاف “لا ألوم أحداً على إقصائي وحصلت على فرصتي وراض عن نفسي”.

وأوضح أنه عمل مع الطرف الآخر حتى يحافظ على مصلحة الأمة، وقال “لم أرد أن أقدم مصلحتي على مصلحة الأمة، لست نادماً على الجهود التي بذلتها قبل عزلي من منصبي”.

وأشار إلى وجود انقسام حقيقي ومشكلة كبيرة في مجلس النواب، مؤكداُ على أنه لن يترشح مرة أخرى لرئاسة المجلس.

وكان مكارثي قد أثار حفيظة الجناح اليميني المتشدد في حزبه عندما تعاون مع الديمقراطيين لتمرير اتفاق مؤقت بشأن الموازنة لتجنب الإغلاق الحكومي.

دلالات وتداعيات

أدخلت إقالة مكارثي مجلس النواب الأميركي في مرحلة مضطربة جديدة، وسلطت الضوء على الأزمة داخل الحزب الجمهوري، وكشفت طبيعة النظام السياسي الأميركي القائم على الأزمات التي تمثل الفرص للحزبين الرئيسيين لتحقيق المصلحة والنصر السياسي في الكونجرس وفي البيت الأبيض.

فأي أزمة أو اضطراب داخل حزب من الحزبين سيقود إلى شلل في الكونغرس، وإرباك أروقة الحكم في الولايات المتحدة، وفي مقدمتها إقرار خطة التمويل الفدرالي لتتحول إلى قانون.

وستترك هذه الإقالة تداعيات كبيرة على الحزب الجمهوري الذي يعاني من الانقسامات، ويواجه تحديات عدة أبرزها محاكمة ترامب، ومعركة الانتخابات الرئاسية المقبلة.

كما أظهرت الأزمة أن الحزب الجمهوري الذي يشكو من التشرذم، غير قادر على الحكم طالما أنه عاجز عن التعاون والتنسيق مع المعارضة الديمقراطية في مجلس النواب.

وفور انتهاء التصويت على إقالة مكارثي، وإعلان شغور منصب رئيس مجلس النواب، وتسلًم الجمهوري باتريك ماكهنري رئاسة المجلس مؤقتاً، فتح الباب على مصراعيه أمام منافسة غير مسبوقة لخلافة مكارثي في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة أزمات عديدة قبل عام من معركة الانتخابات الرئاسية.