لكل السوريين

إرهاصات جديدة تصيب الليرة تؤدي لشلل في حركة الأسواق

حلب/ خالد الحسين

انخفضت القيمة الشرائية لليرة السورية خلال الأيام القليلة الماضية حيث تخطى سعر صرف الدولار الأميركي عتبة 10 آلاف ليرة سورية مقابل الدولار الواحد في دمشق، وفي أسواق حلب 10200 ليرة. وفي الحسكة، سجلت السوق الموازية سعراً قدره 10020 ليرة مقابل الدولار.

وفي الوقت ذاته، حدد المصرف المركزي سعر صرف الحوالات الخارجية بالدولار بقيمة 9 آلاف ليرة للدولار الواحد. وبالتوازي مع انخفاض قيمة الليرة بلغ سعر بيع الذهب عيار 21 قيراطاً 540 ألف ليرة للغرام الواحد.

ويقول الشاب محمد الشريف ، لـ”السوري”، إنه بناء على السياق الاقتصادي السوري خلال سنوات الحرب فإن أي تخفيض لسعر العملة السورية رسمياً ينذر بإرهاصات قادمة متعلقة بشكل مباشر بانخفاض القيمة الشرائية لليرة، أبرزها غلاء السلع الغذائية واحتكارها من قبل كبار التجار الذين يعتمدون على أسعار التصريف في السوق السوداء.

ويعتبر الشريف أن استمرار انخفاض القيمة الشرائية لليرة السورية ينذر بازدياد معدل الفقر، وارتفاع عدد السوريين الذين سيقبعون تحت خط الفقر، متسائلاً “كيف سيكفي الراتب الشهري الذي لا يتعدى 10 دولارات عائلة مكونة بالحد الأدنى من شخصين في الوقت الذي يزيد فيه إنفاق ذات الأسرة 200 دولار في الشهر وفق دراسات أجرتها منظمات معتمدة دولياً في سورية، أبرزها مركز قاسيون الذي قدر الإنفاق الذي يكفي أسرة مكونة من 5 أفراد بما يقارب 5.6 ملايين ليرة سورية في الشهر”، أي ما يعادل 560 دولارا أميركيا.

وفي الأسواق السورية، تسابق الزبائن على شراء الخضار والفواكه رخيصة الثمن رغم الغلاء النسبي الذي أصابها، بينما توقفت بشكل شبه تام مبيعات الأدوات المنزلية والكهربائية ومواد البناء وغيرها.

ويقول أحد تجار المواد الكهربائية في مدينة حلب، لـ”السوري”؛ إنه “منذ بداية ارتفاع الدولار قبل أيام توقفت عمليات البيع والشراء بشكل شبه كامل، وباتت خسائرنا بشكل يومي، فلا أحد قادر على وضع سعر محدد، وفي كل ساعة تصل إلينا نشرة أسعار جديدة، ومشكلتنا الرئيسية أنه لا أحد يتوقع مآلات الدولار، هل سيواصل ارتفاعه أم يثبت في سعر محدد أم يتراجع؟”.

من جهته، يقول تاجر مواد غذائية لـ”السوري”: “نحن نتعامل مع المستهلك بحسب سعر الدولار ساعة بساعة، وتجارتنا تقل ولا تتوقف، فالمواطن مجبر على شراء المواد الغذائية والخضار على أقل تقدير، وفي نفس الوقت نحن نشتريها من تجار الجملة بسعر الدولار اليومي، فلا نتحمل شراءها بسعر أغلى من المبيع في اليوم التالي”.

ويضيف التاجر نفسه: “فيما يخص الزبائن، فهناك شريحتان إحداهما تملك الدولار وتحسبت لهذه الظروف، وهي أقلية لا يؤثر فيها ارتفاع الدولار بشكل مباشر، والأكثرية تعيش على قيمة الليرة السورية وهذه يبدو واضحا عليها التذمر والاكتفاء بعمليات البيع والشراء”.

وفي هذه الأثناء، ارتفعت أسعار المواد الرئيسية كالزيت والحبوب والحليب والألبان، والتي يعتمد عليها المواطن بشكل يومي بنسب أعلى من نسبة ارتفاع الدولار بشكل يظهر استغلال واضح لمرتكزات عيش المواطن، وتحسبا لارتفاعات أخرى في سعر الدولار، حيث زاد سعر البيضة عن 1300 ليرة وسعر ليتر الزيت عن 21 ألف ليرة بزيادة 5 آلاف ليرة عن سعره قبل أيام، ثم بدأ العديد من المواد الأولية بالفقدان من الأسواق نتيجة الاحتكار وعدم الشراء من المصادر.

ويقول كامل التمو، وهو اسم مستعار لمواطن يسكن مدينة حلب، لـ”السوري”؛ إنه اشترى ليتر زيت قبل يومين ب18 الف ليرة واليوم اشترى نفس الليتر من نفس المكان ب21 ألف ليرة بالرغم أن سعر الصرف لم يرتفع بهذه النسبة.

أما أصحاب الدخل المحدود من موظفين وعمال وحرفيين وغيرهم ممن تأملوا قبل العيد بزيادة على الرواتب والأجور فلم يعد يرى أحدهم فيها أي فائدة تخدم هذا الارتفاع الباهظ في الأسعار.

ويعبر “أبو الحكم”، وهو موظف حكومي، لـ”السوري”، عن خشيته من أن “أي زيادة أو منحة ليست سوى إبرة تخدير للموظف ولن تكون سوى مهدئ”. وتابع: تجاوزنا حد الفقر بمراحل ولم يعد ينفع البحث عن مكان آخر أو مصادر رزق مختلفة، وعلى المسؤولين تحمل مسؤولية المجاعة القادمة وعواقبها عليهم.