لكل السوريين

كبار السن في دمشق: الشوق يقتلنا لأبنائنا، وخوفنا عليهم دفعنا لتحمل صعوبات الحياة

دمشق/ روزا الأبيض

يعاني كبار السن في سوريا من صعوبات اقتصادية واجتماعية وصحية، بشقيها النفسي والجسدي، إذ لم تكتفِ الحرب السورية باختطاف أو تهجير أحبائهم ممن كانوا يعتقدون أنهم سيكونون سندًا لهم عند كبرهم، بل وضعتهم أيضًا بظروف معيشية استثنائية، تصعب حتى على الشباب مواجهتها، إن كان في خيام أو في بيوت.

من المعروف أو كما آمن كثير من السوريين بمقولة “أكثروا من الأبناء لكي يعينوكم في كبركم”، ولكنهم عندما كبروا، وجدوا أنفسهم فجأة دون أبناء يستندون إليهم. كحال محمد، الرجل السبعيني المقيم في دمشق، جارًّ عربته وعليها كرسي، يضعه فور وصوله إلى المخبز، حيث ينتظر ساعات للحصول على الخبز.

يقول البعض من المسنين الذين التقى بهم مراسل صحيفة السوري في احياء دمشق، لم نكن مؤيدي ابنائنا على السفر خارج البلاد لكن الخوف على حياتهم هو العامل الوحيد الذي شجعنا على دفعهم إلى السفر ليبتعدوا عن ساحة الحرب السورية، فكل ما أحسسنا بالشوق لهم؛ سرعان ما حمدنا الله على سفرهم.

ومنذ العام 2011، قُتل آلاف الشباب السوريين، بينما لجأ ملايين آخرون هربًا من الحرب وبحثًا عن مستقبل أفضل ولأسباب أخرى، كما التحق آخرون بالخدمة الإلزامية في قوات الحكومة وغيرها، لتتحول سوريا، لا سيما مناطق سيطرة الحكومة، إلى مناطق شبه خالية من الشباب.

ويصل عدد اللاجئين السوريين الذين اضطروا لمغادرة سوريا منذ عام 2011 إلى أكثر من ستة ملايين، بحسب أرقام مفوضية اللاجئين، وتصل نسبة الشباب الذكور بين عمر 18 و59 سنة إلى 32.9%، بينما تصل نسبة الشابات من اللاجئين بنفس الأعمار إلى 19.9%.. ويأتي ذلك في ظل وضع اقتصادي متردٍ وارتفاع في الأسعار، في ظل تدهور قيمة الليرة السورية.

كما تقول ستينيات في احياء دمشق القديمة، انهن يضطررن للخروج بشكل يومي لتأمين احتياجاتهن على دفعات، لصعوبة نقل الأغراض، ويعملن بهذه الاعمال منذ رحيل ابنائهن واحفادهن قبل سنوات، واصبح أمر مساعدتها في تأمين احتياجاتها مقتصرًا على “أصحاب القلوب الطيبة”، بحسب تعبيرهن.

ويعاني اغلب المسنين من صعوبات أخرى وهي تتعلق بالمراجعات الطبية في المستشفيات، حسب ما قال الخمسيني؛ سعيد الحسن، الذي اكد إنه بحاجة إلى جلسات غسيل كلى شهرياً، ويضطر إلى الذهاب مع احد جيرانه أو أقربائه إلى المستشفيات.

وفي ظل الوضع الاقتصادي المتدني يبحث الكثير من المسنين في ريف دمشق عن حلول للخلاص من وحدتهم، والقدرة على تأمين احتياجاتهم في ظل غياب أبنائهم، من خلال اللجوء إلى دور المسنين وغيرها، لكنها لم تعد تبدي أي نفع بعد الشروط التعجيزية التي تم فرضها مؤخراً، فلا تستقبل من هم دون ال70 عام، وبعد دراسة حادة لكل حالة.

وذكر البعض من المسنين المقيمين في دور الرعاية في دمشق بحاجة إلى رعاية، لأنها تعاني من قلة الخدمات والمرافق العامة، أضافة إلى ارتفاع اسعارها فقد بلغ اكثر من نصف مليون بالشهر الواحد لكل مسن.

وفي الختام؛ نظرة خاطفة على شوارع وأسواق دمشق تكفي لمعرفة أن الحياة فيها صارت لكبار السن، وليس للشباب نصيب في بلد أنهكتها الحرب.