لكل السوريين

لتجنب حرب أهلية.. نتنياهو يرحّل الأزمة إلى الشهر القادم والاحتجاجات في طريقها إلى صفوف الجيش

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي تعليق مشروع التعديلات القضائية تحت تأثير الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة،  وفي محاولة لتخفيف التوترات مع واشنطن، بعد الرسالة شديدة اللهجة التي بعثها له الرئيس جو بايدن إثر إقالته وزير دفاعه في خضم الأزمة التي فجرها مشروع التعديلات، وبرر تغيير موقفه بكون إسرائيل في “مفترق طرق خطير”.

وقال نتنياهو في خطاب متلفز “من منطلق الرغبة في منع شقاق في الأمة، قررت تأجيل القراءتين الثانية والثالثة من أجل التوصل لتوافق واسع في الآراء”.

وأشار إلى أن “المجتمع الإسرائيلي يسير على مسار تصادمي خطير”.

وبعد قرار التعليق، دعا رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الجنود إلى مواصلة أداء واجبهم، وقال إن إسرائيل لم تشهد مثل هذه الأيام “المليئة بالتهديدات الخارجية في وقت تتشكل فيه عاصفة في الداخل”.

وفور الإعلان عن تأجيل التعديلات حتى نهاية الشهر الحالي، كشف وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير أنه وافق على تأجيل هذه التعديلات مقابل تصديق الكنيست على إنشاء “الحرس الوطني”، والتصديق على خطة التعديلات القضائية في الدورة البرلمانية المقبلة.

حرس أم مليشيا

أعلن رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، العام الماضي عن انطلاق “الحرس الوطني” بحيث يعمل كجزء من قوة “حرس الحدود” وذراع للشرطة الإسرائيلية.

وبحسب الخطة الإسرائيلية، ستتحول وحدات من حرس الحدود إلى فيلق للرد السريع في حالة الطوارئ ومواجهة التهديدات الأمنية أيا كان مصدرها.

وستوفر هذه الوحدات الردع في مواجهة الذين يخططون للاضطرابات العنيفة، وسيسمح عمل الحرس الوطني للشرطة بالتركيز على مهامها الروتينية التقليدية.

وحذّر أعضاء بالمعارضة ومؤسسة الدفاع الإسرائيلية من إعطاء بن غفير السيطرة على حرس الحدود، مؤكدين أنه قد يستخدمها لبناء مليشيا تكون مسؤولة مباشرة أمام مكتبه الوزاري، وليس أمام الجيش أو قيادة الشرطة.

ورفض بن غفير تلك التحذيرات، وزعم أنه لا يحاول إنشاء جيش خاص من خلال خطته لتغيير وضع شرطة حرس الحدود داخل المؤسسة الأمنية، ولكن “الحرس الوطني” سيكمل القوى العاملة بالمناطق التي تتواجد بها الشرطة بأعداد قليلة، حسب وسائل إعلام إسرائيلية.

ردود فعل

رحبت الولايات المتحدة بتأجيل التعديلات، وذكرت المتحدثة باسم البيت الأبيض أنها ستتيح الفرصة للتوصل إلى تسوية تخرج إسرائيل من الأزمة.

وكان الرئيس الأميركي قد دعا نتنياهو إلى التخلي عن التعديلات القضائية، وقال خلال رده على أسئلة للصحفيين “أتمنى أن ينفض يديه عنها”.

ورد نتنياهو قائلا إن إسرائيل “دولة ذات سيادة تتخذ قراراتها وفقاً لإرادة شعبها وليس استناداً إلى الضغوط من الخارج بمن في ذلك أفضل الأصدقاء”.

ثم تراجع عن تصريحاته وقال مخاطباً مؤتمر الديمقراطية في واشنطن “إن التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل لا يتزعزع رغم وجود خلافات عرضية بينهما”.

وأوعز لأعضاء حكومته بعدم التعقيب على تصريحات بايدن بشأن التعديلات القضائية.

ولكن وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وجّه انتقاداً شديد اللهجة للرئيس الأميركي وإدارته، وقال إن “عليهم أن يفهموا أن إسرائيل دولة مستقلة، وليست نجمة أخرى في علم الولايات المتحدة”.

وبالمقابل، رفض وزير الدفاع الإسرائيلي السابق بيني غانتس أي مساس بالعلاقات مع الولايات المتحدة “التي تعتبر أفضل أصدقاء إسرائيل وأهم حليف لها”.

واعتبر تصريحات الرئيس الأميركي بشأن التغييرات القضائية إنذاراً لحكومة إسرائيل، ودعا نتنياهو إلى التصرف “بمسؤولية أمنية وسياسية”.

وطالبه بسحب الصلاحيات الأمنية من وزير المالية رئيس حزب الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش، وعدم السماح لإيتمار بن غفير بالتصرف وفق سلوكيات غير منضبطة.

إسرائيل تتجه نحو الفوضى

تجمع تقديرات مراكز الأبحاث على أن المجتمع الإسرائيلي دخل حالة صراع غير مسبوقة على هوية الدولة والمشروع الصهيوني وملامحه المستقبلية، ولن يعود إلى ما كان عليه.

وأن الشرخ الحاصل في المجتمع الإسرائيلي، والانقسام في الجيش والمؤسسات الأمنية، قد يفضي إلى مجتمع إسرائيلي منقسم على ذاته.

وأبدى محلل الشؤون الأمنية والعسكرية عوفر شيلح، قلقه من احتمال “تشرذم وتصدع جيش الشعب” إذا اتسع الشرخ بالمجتمع الإسرائيلي نتيجة غياب الحوار بين الائتلاف الحاكم وأحزاب المعارضة.

وأشار شيلح إلى أن الأحداث الجارية توحي بأن إسرائيل تتجه نحو الفوضى في ظل غياب قيادة مسؤولة وجامعة.

وفي هذا الاتجاه ذهبت عيديت شفران جيتلمان، الباحثة بمركز أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، حيث أكدت أنه “عندما يكون هناك شرخ بالمجتمع الإسرائيلي، فهذا ينعكس سلباً على المؤسسة العسكرية والجيش”.

وأشارت إلى أن رفض خدمة الاحتياط والسجال العسكري، يشكّل بداية التفتت داخل المؤسسة العسكرية، “وهو أمر أشبه بكرة الثلج المتدحرجة التي لا يمكن التنبؤ إلى أين ستصل سياسياً وعسكرياً”.