لكل السوريين

داعش استهدفت الوجود الآشوري على مر التاريخ في الذكرى الثامنة لمجزرة الأشور.. ما بدأه داعش، يُكمله الاحتلال التركي

حاوره/ مجد محمد

أكد نينيل جندو، الهدف الاساسي من الهجوم على الآشوريين هو اعادة سيناريو الارمن؛ وضرب التألف بيننا وبين باقي المكونات التي نعيش معها بأمن وسلام منذ الاف السنين؛ من جهة، ومن جهة أخرى فأن القوى الخارجية الداعمة للإرهاب كتركيا واتباعها تريد افراغ المنطقة من أجل تمرير أجندتها.

صادف الاسبوع المنصرم الذكرى السنوية الثامنة لهجوم داعش على قرى الآشوريين الواقعة على ضفاف الخابور في ناحية تل تمر غربي الحسكة، والذي صادف بتاريخ ٢٣/٣/٢٠١٥، حيث فجروا الكنائس وقتلوا النساء والاطفال منتهجين مبدأ الابادة العرقية.

ويضم ريف تل تمر نحو ٣٥ قرية وبلدة ذات غالبية أشورية تعرف بقرى حوض الخابور، وتمكنت داعش حينذاك من السيطرة على نصفها تقريبا قبل أن تطرده قوات سوريا الديموقراطية وتشكيلاتها العسكرية في وقت لاحق، وخطفت داعش حينذاك في يوم هجومها الاول ٢٢٠ شخصا بينهم نساء وأطفال من سكان المنطقة، قبل أن يفرج عنهم بعد أشهر عدة وعبر مفاوضات، وعلى مراحل ومقابل مبالغ مالية كبرى، وعن واقع الآشوريين اليوم ومن تبقى منهم.

وللحديث عن هذا الموضوع، اجرت صحيفتنا حواراً مطولاً مع الاستاذ نينيل جندو، العضو في مجلس الشعب الآشوري، وكان الحوار كالتالي:

*بداية مرحباً بك استاذ نينيل، والرحمة لشهداء معارك حوض الخابور وتعازينا الحارة لذويهم، قبل ان اتحدث معك عن المجازر التي حصلت، اريد ان اعرف منك ما هو عدد الاشوريين في المنطقة؟

كان عدد سكان المنطقة الآشوريين قبل هجوم تنظيم داعش الارهابي يقدر بنحو ٢٠ ألف نسمة، إلا أن الغالبية الساحقة منهم هاجرت بعد النزاع إلى دول عدة أبرزها الولايات المتحدة وأستراليا وكندا، ولم يبق منهم الآن إلا نحو ألف فقط في المنطقة.

*برأيك ما الهدف من هجوم داعش على قرى الاشوريين خصوصاً؟

الاهداف كثيرة وابرزها، هجمات مرتزقة داعش تندرج ضمن مخطط تهجير الآشوريين من أرضهم وتغيير ديموغرافية المنطقة، وهذا المخطط تديره قوى خارجية بهدف إفراغ المنطقة من الآشوريين لتمرير أجنداتهم في مناطقنا، طبعاً هذه الأرض يعيش عليها الآشوريون منذ آلاف السنين إلى جانب بقية المكونات بتآخي وسلام، ويريدون أن يضربوا هذا التآلف بيننا، وكذلك جاء هجوم داعش بهذا الزخم، رداً على تحرير تل حميس وقراها من قبل قوات سوريا الديمقراطية من ايدي داعش بيومين فقط.

*ما المجريات، ماذا حصل في وقتها؟

هذه الهجمة أتت بعد عدة محاولات من قبل مرتزقة داعش، الذين كانوا يعمدون إلى تنزيل الصليب وخطف المدنيين في قرى جبل “كزوان” القريبة من القرى الآشورية، إلى أن قاموا بشن هجماتهم العنيفة على قرى الآشوريين في ساعات الفجر من يوم الاثنين ٢٣ شباط، كان يوم أسود على الشعب الآشوري والمسيحي في قرى الخابور، فقد كان من إحدى المجازر التي استهدفت الوجود الآشوري على مر التاريخ، واكمل، لم نتمكن من الهرب أو المقاومة، بسبب الهجوم المفاجئ الذي استهدف القرى، داعش الإرهابي وقتها قام بخطف المدنيين العزل دون التفرقة بين كبارهم وصغارهم ووصل عدد المخطوفين إلى قرابة /٢٢٠/ مدني، كما قام بحرق القرى وتفخيخ وتفجير الكنائس، ونقل المخطوفين إلى ناحية الشدادي التي كان يحتلها، ومن يم بدأت المساومات.

*استاذي الفاضل، لن نستعيد ذكريات الماضي لأن جميعنا عايشناه وشعرنا بمأساته، الآن القرى الآشورية جميعها فارغة من اهلها، ماذا بشأن ذلك؟

لأن ما بدأه داعش، اكمله الاحتلال التركي، ف القرى الاشورية لحد يومنا هذا تتعرض للقذائف بسبب وقوعها على خط الجبهة مع الاحتلال التركي، فالشباب رويداً رويداً هاجروا ولم يبقى احد، البيوت في القرى الآن لا يسكنها سوى كبار العمر في كل بيت شخص او شخصين، حتى انه بعض الكنائس في القرى لم ترمم، بسبب هجرة اهل القرية جميعاً، فهجوم داعش كانت له تأثيرات كبيرة في الشعب الآشوري خصوصاً، وذلك بسبب تخوفهم من المجازر المتكررة بحقهم، والإبادة العرقية التي تسببت بهجرة كبيرة للشعب الآشوري من المنطقة وخصوصا إلى استراليا.

*اصبح عددكم في المنطقة قليل جداً، هل الأقليات في المنطقة اصبحت مهددة بالانقراض؟

للأسف اصبحنا اقلية ووجودنا في المنطقة يمشي إلى زوال، فالأقليات ليست في سوريا مهددة بالانقراض فقط، بل في عموم الشرق الاوسط، فجميع الاقليات وجودها مهدد في هذا المشرق الذي دخل في حروب أهلية وداخلية مفتوحة وطويلة، ما لم تستقر هذه الدول وتنتقل إلى دولة مدنية ديمقراطية تحقق الأمن والاستقرار والعدالة لمواطنيها، وحصول هذا مستبعد في ضوء الاوضاع الراهنة، لهذا فالمطلوب والمنتظر هو توفير الحماية الدولية لهم وفي الوقت المناسب، وإلا سنرى شرقاً من غير مسيحيين ومن غير إيزيديين، لأنهم سيبحثون عن أوطان بديلة توفر لهم الأمان والاستقرار والمستقبل لأجيالهم، والوجهة لهؤلاء هي أوربا وأمريكا التي بدأت تقدم لهم التسهيلات المطلوبة في اللجوء والإقامة.

*ليس كأشوريين فقط، بل كمسيحيين نرى ايضا اعدادكم في تناقص، هل تخافون من يوما تكونون فيه الحلقة الاضعف؟

الدولة السورية شكلت عبر تاريخها الطويل ملاذاً آمناً للمسيحيين ولجميع الأقليات، فرغم تعدادهم الجيد نسبياً (نحو ١٠ في المائة من نسبة السكان) ثمة شعور مسيحي عام بأنهم الحلقة الأضعف في المجتمع السوري، وخلافاً لمعظم الأقليات السورية الأخرى، المسيحيون أقلية غير مسلحة، سورى المجلس السرياني والسوتورو الذين تشكلا مؤخراً ويعتمد قوامهم الكبير على المسلمين واقعياً، ومن واقع ملموس تسعى دول عربية عدة إلى حماية السنّة، وتقوم إيران بالمستحيل للحفاظ على وجود العلويين والشيعة، بينما تركيا مستعدة للتدخل لحماية التركمان، والأكراد يعتمدون على مسعود البرزاني والحليف امريكا، أما المسيحيون فليس لديهم أي حليف إقليمي أو دولي يدعم استمرار وجودهم كبقية مكونات المجتمع السوري، فالمسيحيون قد تركوا من غير حليف أو حصانة، مما عزز مخاوفهم، لا سيما بعد التداعيات الخطيرة للأزمة السورية.

*هل توجه اي رسالة للشباب الآشوريين، الذين هاجروا الوطن؟

صراحة هم هاجروا إلى اوطان ينعمون فيها بالأمان والحياة الدافئة وينتظرهم مستقبل مشرق، افضل من مستقبلهم فيما لو بقوا هنا، ولكن هنا اساسهم هنا اصولهم هنا تراثهم هنا اجدادهم هنا حضارتهم هنا لغتهم السامية هنا كانت مملكة آشور العريقة، لمن تركتم ملككم، أقول لهم الأرض هي الشرف وليست المرأة وأناشدهم بالعودة إلى الوطن لنقوي وحدات الحماية الاشورية ونصبح قوة كبيرة معاً، قوة عسكرية قوية لحماية أرضنا، لأن الأرض التي لا نحميها لا نستحق العيش فيها، وأتمنى من الذين يغارون على وطنهم وأرضهم وبيتهم، ولا يستطيعون حمل السلاح أن يدعموا المقاومة من خلال تقديم الدعم المادي واللوجستي لنقف في وجه هجمات من يحاول الاعتداء علينا مجددا.

*ختاما، كلمة اخيرة تحب ان تقولها؟

دخلت المنطقة في حروب اهلية وداخلية مفتوحة وطويلة، ما يهدد وجود الأقليات والمطلوب توفير الحماية الدولية وإلا سنرى شرقاً من غير آشوريين ومسيحيين ، لأنهم سيبحثون عن أوطان بديلة توفر لهم الأمان والاستقرار والمستقبل لأجيالهم، وكذلك انا وجميع ابناء الجزيرة السورية نشعر بالحنين والصمت لأنه للأسف صمتت أجراس الكنائس بسبب الخراب والدمار الذي لحق بها في بلدة تل تمر وقرى محيط الخابور، وينذر هذا المشهد بقتل التنوع في مدينة الحسكة السورية وإرغام الأقليات الدينية والمذهبية على المغادرة نهاية الأمر.