لكل السوريين

الكوليرا تفتك باللاجئين السوريين.. وتهدد لبنان من جديد

بعد ثلاثة عقود من القضاء عليه بشكل كامل عاد وباء الكوليرا إلى لبنان، وكانت مخيمات اللاجئين السوريين المتواجدة في منطقة عكار وبعلبك والهرمل من بين المناطق الأولى التي ظهر فيها الوباء بسبب تلوث المياه والفقر المدقع الذي يعاني منه اللاجئون السوريون في لبنان.

وانتقلت العدوى إلى مناطق لبنانية عديدة مما جعل منظمات الإغاثة تدق ناقوس الخطر، وتعبر عن مخاوفها من عدم قدرتها على مواجهة الوباء بمفردها، ومن عدم قدرة النظام الصحي اللبناني على مواجهة هذه الموجة الجديدة، في وقت يعاني لبنان من أزمة اقتصادية خانقة.

وحذر وزير الصحة اللبناني من “تنامي عدد الإصابات بشكل سريع ومقلق”.

فيما أشار نائب المدير الإقليمي لمنظمة اليونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في بيان صحفي إلى أن “وباء الكوليرا ينتشر بسرعة كبيرة ووفق تنقلات وتحركات الناس من منطقة إلى أخرى”.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد أعلنت أن العالم يشهد عودة مقلقة لوباء الكوليرا في عشرين بلداً بسبب تدهور اقتصاداتها والمشاكل الناتجة عن التغير المناخي.

أزمة المياه

تسببت المياه غير النظيفة التي يشربها اللاجئون، وتناول الخضار التي تمت سقايتها بنفس المياه الملوثة، في ظهور وباء الكوليرا الذي ينتشر غالباً في المناطق المكتظة بالسكان ولا تتوافر فيها خدمات الصرف الصحي والمياه الصالحة للشرب، حسب السلطات الصحية اللبنانية.

ومشكلة المياه الملوثة متفاقمة في لبنان الذي يواجه نقصاً كبيراً في المياه الصالحة للشرب، رغم كمية الأمطار الغزيرة والثلوج التي تهطل عليه سنوياً، ولكن غياب شبكات توزيع المياه الحديثة تحرم اللبنانيين من الحصول على المياه النقية بشكل يومي.

وقال رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود في لبنان، إن “وباء الكوليرا مرتبط بشكل عام بغياب خدمات الصرف الصحي وشبكات توزيع المياه التي أصبحت غير صالحة للاستخدام”.

وأكد أن سكان العاصمة بيروت يعانون من انقطاع منتظم للكهرباء، وبغياب الكهرباء لا توجد مضخات لتنقية المياه، مما يجعلهم يشترون المياه من مصادر لا تخضع للرقابة، وقد تكون ملوثة، وربط وجود الكوليرا في لبنان مع مشكلة “تطهير وتنقية المياه”.

تدهور النظام الصحي

تخشى السلطات الصحية في لبنان من تفشي الوباء، وتعترف بأنها غير مستعدة لمواجهته.

وحسب وزير الصحة اللبناني، سيكون من الصعب مواجهة الوباء حتى بمساعدة المنظمات الإنسانية والطبية.

وأشار الوزير إلى أن لبنان يشكو من نقص في اللقاحات المضادة لوباء الكوليرا، وقال إن “بلاده تريد شراء كميات كبيرة من هذا اللقاح، لكن للأسف هناك نقص حاد على مستوى السوق العالمية”.

وبدوره قال ممثل منظمة أطباء بلا حدود في لبنان إن بيروت طالبت باقتناء حوالي 600 ألف جرعة لقاح ضد الكوليرا، وهي بانتظار الرد على هذا الطلب.

وأكدت بعثة المنظمة التي تنشط في شمال شرق منطقة عكار قرب الحدود السورية وفي شمال البلاد وفي سهل البقاع شرقا أنها ” تتهيأ لسيناريو أسوأ”.

وقال ممثل البعثة “نسعى إلى تحضير المعدات الطبية غير المتوفرة في البلاد ونستوردها من أوروبا، كما نشترى الأدوية الضرورية تحسبا لتفشي الوباء”.

وأشار إلى أن النظام الصحي متدهور في لبنان الذي فقد أربعين بالمئة من أطبائه وثلاثين بالمئة من الممرضين منذ أزمة 2019عام.

وباء خطير ومزمن

تعرف الكوليرا بأنها عدوى إسهالية حادة تتسبب فيها بكتيريا تنجم في معظم الأحيان عن شرب مياه ملوثة أو تناول طعام ملوث، وتعتبر من أشد الأمراض فتكاً، حيث تسبب إسهالاً حاداً للأطفال والبالغين، ويمكن أن تقتل في غضون ساعات إذا تركت دون علاج، وخاصة للذين يعانون من ضعف الجهاز المناعي.

كما أن المرضى الذين لا تظهر عليهم الأعراض ينشرون البكتيريا، مما يمكن أن يسفر عن إصابات جديدة.

ولقد انتشرت الكوليرا خلال القرن التاسع عشر في جميع أنحاء العالم انطلاقاً من دلتا نهر الغانج بالهند، واندلعت بعد ذلك ست جوائح من المرض حصدت أرواح الملايين من البشر في جميع أنحاء العالم.

وفي عام 2017 أُطلقت استراتيجية عالمية بشأن مكافحة الكوليرا تحت عنوان “وضع حد للكوليرا، خريطة طريق عالمية إلى عام 2030″، بهدف تخفيض الوفيات الناجمة عنها، والحد من انتشارها، ولكن الوباء مازال يطل على العالم، ويهدد البشرية بين فترة وأخرى.