لكل السوريين

إلغاء زيارة الوفد اللبناني إلى دمشق.. والنزاع على الحدود البحرية قديم ومتجدد

ألغت الحكومة السورية زيارة وفد لبناني إلى دمشق لمناقشة ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، كانت مقررة الأسبوع الماضي.

وبعثت برسالة إلى وزارة الخارجية اللبنانية تقول فيها إن الوقت غير مناسب لمثل هذه الزيارة.

وكان الرئيس ميشال عون قد كلّف نائب رئيس مجلس النواب اللبناني برئاسة الوفد لإجراء لقاءات مع المسؤولين السوريين ومناقشة مسألة ترسيم الحدود البحرية بين البلدين وناقش معه طبيعة المهمة التي سيتولاها مع السوريين، بعد الاتصال الهاتفي الذي أجراه مع نظيره السوري قبل أيام وأكد فيه رغبة لبنان ببدء مفاوضات مع سوريا لترسيم الحدود البحرية شمال لبنان.

ومع أن السفير السوري لدى لبنان قال بعد زيارته للرئيس عون إن الزيارة تأجلت ولم تلغ، وأشار إلى وجدود لبس حول تشكيل الوفد اللبناني إلى سوريا، وإبلاغ الخارجية السورية بطلب الزيارة بوقت متأخر، وإعلان السلطات اللبنانية عن موعد الزيارة قبل مناقشته مع دمشق،

يرى مراقبون أن أولوية سوريا تكمن في دفع بيروت إلى تصحيح علاقاتها مع دمشق قبل البت بأي ملف حساس كترسيم الحدود.

تجدد النزاع

تجدد النزاع على الحدود البحرية بين البلدين العام الماضي، بعد أن منحت سوريا ترخيصاً لشركة “كابيتال” الروسيّة للقيام بعمليات مسح وتنقيب عن النفط في منطقة يقول لبنان إنها تابعة له، مما شغل الرأي العام اللبناني مجدداً، ودفع بالرئيس اللبناني إلى الاتصال بالرئيس السوري للبحث في ملف ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، حسب ما كشف وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية.

وحسب الوزير أكد عون خلال الاتصال أن “لبنان لن يقبل الانتقاص من سيادته بالمياه”، ويدعو الجانب السوري للتفاوض.

ونوه الوزير اللبناني إلى احتمال لجوء لبنان للمحاكم الدولية لحل الخلاف بين البلدين، لكنه قال “لسنا اليوم في وارد الهجوم على سوريا”.

في حين ذكر خبراء في القانون أنه استناداً إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، إمّا أن يلجأ لبنان إلى محكمة قانون البحار، وإمّا إلى التحكيم، بحيث تختار سوريا محكّمين ويختار لبنان محكّمين ويختار المحكمون محكماً خامساً، وتعمل اللجنة التحكيمية على حل النزاع بين البلديين.

رغبات متعارضة

يتساءل كثير من المراقبين عن أسباب إثارة ملف ترسيم الحدود البحرية في الأيام الأخيرة من عهد الرئيس اللبناني، ويرى بعضهم أن عون يريد تسجيل إنجازات في آخر أيام عهده، مثل التوقيع على الترسيم مع إسرائيل، والتواصل مع السوريين والقبارصة لترسيم الحدود البحرية، وإثارة ملف عودة اللاجئين السوريين، وإعلان افتتاح مقر للقمة الفرنكوفونية بلبنان في آخر يوم من ولايته.

ويربط المراقبون عدم موافقة الجانب السوري على زيارة الوفد اللبناني لبحث ملف الترسيم بعدة اعتبارات، منها أن عون دشن عهده بزيارة إلى السعودية ولم يقم بأي زيارة إلى سوريا رغم الدور الذي لعبته دمشق في وصوله إلى رئاسة الجمهورية بالاشتراك مع حزب الله، فسعى وأراد أن يختتم عهده بإرسال موفد رئاسي إلى دمشق.

كما وضع الرئيس اللبناني سوريا وإسرائيل وقبرص في كفة واحدة، في حين كان يمكن التعامل مع هذا الملف بطريقة مختلفة يمكن أن ترضى بها دمشق.

خلافات مزمنة

تعود جذور التداخل الحدودي البري والبحري بين لبنان وسوريا إلى مرحلة الانتداب الفرنسي على البلدين، حيث كانا منطقة واحدة تحت الانتداب، ولم تحدد فرنسا نقاط الحدود بينهما قبل انتهاء مرحلة الانتداب.

وبعد الاستقلال لم يأخذ أي طرف مبادرة جدية لترسيم الحدود بينهما، مع أنها محددة بالدستور اللبناني والدستور السوري، ولكنها غير مرسمة على الأرض.

ويعود الخلاف حول ترسيم الحدود البحرية من الجهة الشمالية اللبنانية إلى عام 2011، حين أصدرت الحكومة اللبنانية في عهد فؤاد السنيورة مرسوماً بترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع إسرائيل والشمالية مع سوريا والغربية مع قبرص، ثم أودعته في الأمم المتحدة لحفظ حقوق بلادها.

وأبلغت وزارة الخارجية اللبنانية آنذاك الدولة السورية بقرارها، فتعارض مع الترسيم الذي حددته السلطات السورية، ورفض السفير السوري السابق لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري الإحداثيات الموجودة بالمرسوم اللبناني، واعتبرها غير ملزمة للجمهورية العربية السورية.