لكل السوريين

الطلبات على الشهية.. الغلاء الذي أصاب المأكولات الشعبية حرم الفقراء منها في طرطوس

طرطوس/ ا ـ ن

المأكولات استبعدت من مائدة السوريين وخصوصا العمال الذين يعتمدون عليها بشكل كلي خلال أوقات عملهم, المشكلة الرئيسية لارتفاع الأسعار اليومي لكافة المواد الأساسية والضرورية في طرطوس, هي قلة توفر المواد وانعدام التنافسية.

وتشهد مدينة طرطوس ارتفاعا حادا في معظم أسعار السلع الرئيسية، بالإضافة إلى أن الكثير من عائلات طرطوس، حالها كحال باقي سكان المحافظات الخاضعة لسيطرة حكومة دمشق تخلت عن بعض المأكولات الشعبية، بتصنيفها كمواد ثانوية.

وتقول أم هاني، وهي خبيرة اقتصادية من طرطوس، “لن نستطيع الخروج من مشكلة ارتفاع الأسعار أو فقدان المواد ما لم يتم الاتفاق على استراتيجية على مستوى الوطن كله وبمشاركة الجميع, وطالما بقيت كل جهة من هذه الجهات تعزف على الوتر الذي يناسبها وكل جهة، تعمل وفق أولوياتها من دون الأخذ بعين الاعتبار البوصلة الرئيسية وهي المستهلك والمواطن”.

سندويشة الفلافل والحمص اكلات شعبية معروفة للقسم الأعظم من أهالي طرطوس، بعد ارتفاع أسعارها باتت من الأكلات النادرة والتي يصعب تأمينها, وإن ارتفاعات شهدتها العديد من المأكولات ولاسيما الشعبية والعديد من مواد الدواجن ناهيك عن أسعار المعجنات، وخلال الأيام الماضية وسط استمرار التبريرات من بعض أصحاب المحال بعدم مواءمة النشرات الرسمية الصادرة فيما يخص سندويش الشاورما والبطاطا والفلافل، حتى يعمد صاحب المحل إما لرفع السعر وعدم التقيد بالأسعار الرسمية، أو التلاعب بالكمية وحجم السندويشة وخاصة الشاورما.

يقول أبو محمود، وهو عامل في الإسكان العسكري فرع طرطوس، كانت فطيرة الجبنة بـ 5 ليرات واللحمة ب 12 ليرة، واليوم نحلم بها ، لقد تحولت وجبات الفقراء كالمعجنات أو الفلافل إلى جانب وجبات الحمص والفول إلى حلم، على خلفية التعديل الأخير بتسعيرة التموين، حيث لامست السندويشة بخبز سياحي صغير مع بندورة ومخلل بأربعة أقراص سعر 2500 ليرة، وقرص الفلافل ما بين 140 الى 150 ليرة سورية، كما أصبحت قطعة المعجنات ما بين 1400 الى 1600 ليرة.

السيدة ياسمين أم رامي قالت لمراسلتنا “الغلاء الذي أصاب كل شيء وكل يوم في زيادة على سعر كل مادة, ولا رقيب ولا حسيب, فلم تعد عائلة مؤلفة من 4 أشخاص قادرة تناول هذه المأكولات الشعبية، والتي تعد مرتفعة إذا ما حسبنا تكلفتها الشهرية والتي تصل الى ما يقارب 230 الى 250 الف ليرة شهريا في حال تناولها بشكل يومي, نحن كمواطنين دخلنا في حالة سبات وأمسينا بحاجة للإنعاش نتيجة معاناتنا  اليومية التي تزداد في ظل غلاء الأسعار اليومي وعدم تناسبها مع دخلنا المنخفض”.

أبو قاسم وهو موظف في العقارية بطرطوس، قال “الأسعار لا تعرف حد تقف عنده، وتزداد معاناة المواطن بشكل أكبر، ورأى أن هم الحومة الوحيد اليوم هو جباية أموال طائلة من الضرائب ولا يهمها المواطن وارتفاع الأسعار، ويتم وضع تسعيرة للمواد بشكل آني ولا تتناسب مع التكاليف لذا فالأسعار في السوق دائما أعلى من التسعيرة التموينية”.

صاحب محل فلافل يدعى أبو أحمد يرى أن “تشكل المواد الأولية الداخلة في تركيب هذه المأكولات دورا أساسيا في رفع سعرها، لا يلتزم التجار بالنشرات الصادرة للمواد، ويبيعون المحلات بأعلى من السعر المحدد، كما أن التموين لا يواكب غلاء أسعار المواد ، بينما لمشاكل الغلاء وتأمين البضاعة، دور أيضا في هذا الأمر برأيه، والذي أفرز كثرة في العرض وقلة في الطلب، والذي يعود لأحوال الناس المعيشية الصعبة، تزامنا مع تضخم العملة وانعدام قيمة الليرة”.

محل أبو سعيد للمأكولات الشعبية, أكد بأنهم طالبوا في كتاب مقدم إلى المحافظة، برفع أسعار المعجنات بزيادة 200 ليرة، بالنسبة للزعتر والجنبة و400 ليرة للمرتديلا والقشقوان، بما يشمل كل أنواع المعجنات, ولم تتم الموافقة حتى الآن على المقترح المقدم, بعد شكاوى ومناشدات واردة من عشرات المحال تطالب برفع أسعار المأكولات الشعبية والعديد من المواد في المقاهي والمتنزهات, وللمطالبة برفع الأٍسعار، ولاسيما مع التكاليف الكبيرة التي تتكبدها المحال وارتفاع تكاليف المواد التي تؤمنها.

ويقول أبو سعيد “باتت الأسعار الحالية لا تتوافق مع هذه المستلزمات، وخاصة مع ارتفاع تكاليف الطاقة بما في ذلك المحروقات وتأمينها من بعض المحال من السوق السوداء وبأسعار مرتفعة، ناهيك عن عدم انتظام حصولهم على المحروقات وبالتالي تكبدهم تكاليف إضافية جدا, بالمقابل فإن الأسعار الحالية لا تتناسب أيضا مع دخل المواطن الذي لم يعد بمقدور العديد منه من شراء سندويشة شاورما باتت تكلف 7 آلاف ليرة، أو فروج لعائلته بات يستنزف ربع راتبه على مدار الشهر”.

أبو عثمان وهو موظف في شركة المياه بطرطوس، أوضح لنا قائلا: “إن دخل الموظفين، لا يتناسب أبدا مع أبسط الاحتياجات الأساسية، حتى لو أصبح الراتب بالحد الأدنى 500 ألف ليرة، فإنه لا يكفي لإطعامه أكثر من خبزة وبصلة, أما عندما يكون راتب الموظف 200 ألف ولديه ولدين، فلا يكفيه هذا الراتب أن يطعم كل ولد سوى نصف سندويشة فلافل، ثلاث وجبات في اليوم، وذلك دون أن يدفع كهرباء وماء ومصاريف أخرى”.

ويضيف “الأب العامل عم يصوم مشان ما يصرف يوميته على سندويشة، وأكلة البروستد والشاورما صارت عالشهوة كل كم شهر, أن العديد من المحلات لا تلتزم بالأسعار الرسمية الصادرة، وهنالك عشوائية التسعير واختلاف الأسعار في السوق بين المحلات وأخرى في نفس المنطقة، واختلافها عن نشرات الأسعار, وعلى ما يبدو ستبقى سندويشة الفلافل والشاورما أحلام تخطر في بال المواطنين ، ويشتهيها أطفالهم خلال مرورهم بالأسواق”.