لكل السوريين

شذرات من تاريخ الإذاعة السورية

تأسست أول إذاعة سورية في السابع عشر من شهر نيسان عام 1946، وتم افتـتاحها يوم الجلاء باحتفالات أقيمت بهذه المناسبة، واستمر البث ست ساعات متواصلة.

واقتصر بثها خلال هذه الفترة على المناسبات الوطنية والقومية فقط، وكانت تابعة إدارياً إلى مديرية البريد والبرق والهاتف، وكان استديو البث غرفة في دائرة البريد.

وبدأت أول فترة بث ثابتة في أول شهر رمضان بعد الجلاء، حيث بثت برامج رمضانية لمدة ساعتين متواصلتين يومياً طيلة الشهر الكريم.

وفي الرابع من شباط عام 1947، انتقل مقرها إلى مبنى مستقل في شارع بغداد بدمشق، وهو أول مبنى خاص بها، وبقيت تابعة لمؤسسة البرق والبريد إدارياً.

وبلغت ساعات بثها اليومية اثنتي عشرة ساعة موزعة على فترتين، وكانت نشرات الأخبار تؤخذ عن النشرات الأجنبية، وتترجم إلى العربية ثم تذاع .

إذاعة دمشق وأمير البُزق

قبل أن تباشر إذاعة دمشق بثّ برامجها في الصباح، تبدأ بشارة موسيقية قصيرة من عزف محمد عبد الكريم على آلة البُزق، وأصبحت هذه اللازمة الموسيقية علامة فارقة لإذاعة دمشق.

وكان عبد الكريم الذي لُقب بأمير البزق من الذين ساهموا بتأسيس الإذاعة وتطوير برامجها الموسيقية، ووضع مجموعة ألحان لمطربين كانوا في بداية مشوارهم الفني.

ولعل ما ذكرته المطربة نجاح سلام في تسجيل إذاعي، يلقي الضوء على تلك الفترة من عمر الإذاعة، حيث قالت إن والدها محي الدين سلام، اكتشف محمد عبد الكريم في صحراء حمص، وأحضره معه إلى بيروت، واستضافه في منزله الذي كان يغص برواد الفن والهواة، فهو مؤلف موسيقي يعمل رئيساً للدائرة الموسيقية في الإذاعة.

وصار محمد إذا بكت الطفلة “نجاح”، يعزف لها على البزق فتسكت وتنام، فقال لوالدتها: ابنتك ستكون فنانة.

وفي عام 1948، التقت نجاح سلام بمحمد عبد الكريم في بيت “الجزائري” بدمشق، وكانت قد انطلقت في عالم الغناء، فقال لها:

– إنتي عم تغني أغاني أقل من مستوى صوتك، وأنا بدي أعطيكي أغنية بتليق بصوتك.

وقدم لها أغنية “رقة حسنك وسمارك”، ولاقت الأغنية استحساناً ورواجاً غير مسبوق، ومازالت تسمع بشغف رغم مرور كل هذه السنوات على بثها للمرة الأولى.