لكل السوريين

الحياة تعود تدريجيا من جديد في سوق الحبال وسط حلب

حلب/ خالد الحسين

أعمدة متداعية وأحجار متناثرة تغطت بالركام، كانت شاهدًا على مدينة منهكة اجتاحها التعب وتوحد الألم في صدور سكانها مع حجارتها التي أنّت على مدار عقد من الزمن إثر حرب إرهابية عصفت بها.

لكن أسوةَ بسكانها، فالمدن تشفى، بمزيج من الجهد والإرادة والتصميم على الحياة، يعيد الحلبيون ترميم شرايين مدينتهم، بأبنيتها وشوارعها وأسواقها وتاريخها وحضارتها.

سوق “الحبال” الذي يتميز بفرادته من حيث صغر وضيق محلاته، كان خامس أسواق المدينة التي تشهد أعمال ترميم مستمرة، بحسب ما بين المهندس ملهم تركي في حديثه لصحيفة” السوري”.

الدمار الكبير الذي طال هذا السوق التراثي كان نتيجة قربه من الجامع الأموي الكبير الذي لطالما كان هدفاً لنيران المجموعات الإرهابية مرات عديدة على مدار عشرة أعوام.

يتحدث المهندس عن أهمية هذا السوق التي تنبع من كونه ملاصقاً للجدار الجنوبي للجامع الأموي الكبير، كما أنه متاخم لأحد أهم أسواق حلب القديمة وهو سوق الحدادين، وهو مكون من جزأين؛ شرقي وغربي، الجزء الغربي يمتد على طول محور 26 متراً، فيما يمتد الجزء الشرقي على طول 36 متراً، وأيضاً على طول 16 متراً يصل ممر فرعي بين سوق الحبال وسوق السقطية.

يقول التركي لـ”السوري ”: “يوجد في سوق الحبال 57 متجراً، مهنتهم الأساسية تجارة الحبال وملحقاتها، تعرضت هذه المحلات لأضرار بالغة، وبعضها تدمر تماماً، حيث يوجد نحو 6 محلات تداعت بشكل تام بنهاية السوق الغربي”.

“باشرنا بترميم السوق بإزالة الأنقاض وفرز الحجار، ثم قيمنا الأضرار المعمارية والإنشائية، وأعدنا وضع الخطط المعمارية بما يتناسب مع الخطط القديمة، وبدأنا ببناء اللمعات الحجرية والأقواس والأسقف ومكملين لنرمم سقف العقد لنهاية السوق ليصبح مسقوف بشكل كامل”، كما يشير المهندس التركي.

المهندسة حلا مهايني، مهندسة موقع، تؤكد لـ “السوري ” أن سوق الحبال هو السوق الخامس بعد سوق السقطية وخان الحرير وسوق ساحة الفستق وسوق الأحمدية.

وتتابع: “قدرنا الأضرار التي طالت السوق وهي أضرار معمارية وإنشائية يمكن ترميمها لكن هناك محلات مدمرة بشكل كامل، والآن نعمل على استكمال الفاقد من الأحجار”.

وتقول: “لدينا سقف قرميدي وهو ما يميز سوق الحبال، والآن نعمل على استكمال أعمال إزالة الكحلة وأعمال الزريقة باستخدام الزريقة الكلسية التقليدية، فيما تتضمن الأعمال الأخرى ترميم الأسطح وإعادة تسوية للمناسيب وعزل تام للأسطح وتزويد السوق بأعمدة إنارة تعتمد على الطاقة البديلة وهي الطاقة الكهروضوئية لتؤمن إنارة كاملة للسوق، بالإضافة للأعمال الخشبية من حيث ترميم الأبواب والعتبات البازلتية والحجرية”.

وتشهد مدينة حلب أعمال ترميم مستمرة ليثبت أبناؤها يوماً بعد يوم أنهم كمدينتهم بقوتها وتاريخها وحضارتها؛ عصيّة على الهزيمة.