لكل السوريين

حكاية مصبنة الزنابيلي.. (خطى الأجداد سار عليها الأبناء وأكملها الأحفاد)

تقرير/ خالد الحسين 

الزنابيلي اسم ارتبط في “حلب بالصابون وصناعته التي دامت لأكثر من ألف سنة على التوالي.

فكّر الجد “محمد صالح زنابيلي” بالدخول الى مهنة صناعة الصابون, من عام /1870/ واستمر حتى /1928/ وقد لاحظ من خلالها اهتمام العراقيين بالصابون باسم (الركة) وخصوصاً في مدينة “حلب”، وأدركوا أهميته لكونه قد صنع من نباتات طبيعية.

توقف نقل الصابون الإنكليزي الى العراق, لأن العراقيين رغبوا بالصابون الحلبي عوضاً عن الصابون الإنكليزي لرداءة المواد التي تكونه, وهي عبارة عن عظام لحيوانات ميتة ومواد معطرة لإخفاء بعض الروائح الناشئة من عملية المزج.

اختار الجد “محمد صالح” مهنة الصابون لأنه وجد فيها رغبة ولهفة، وتابع العمل الحاج “عبد البديع” بتلك الأدوات التي كان يستخدمها آنذاك وهي نفسها اليوم ولكن باختلاف بعض الأشياء،

منذ الأربعينيات شق للمصبنة طريق جديد على يد الحاج (عبد البديع الزنابيلي) واستقر في مصبنته الحالية في باب النصر..

وايضا أولى مصابن حلب «مصبنة مصباح زنابيلي» لا تزال حتى الآن موجودة إلى جانب جامع العثمانيه

الحاج عبد البديع زنابيلي يصف مراحل عملية صناعة الصابون بقوله: «نضع سبعة براميل من الماء في قعر الخلاط “الكعكة” وهي عبارة عن تجويف دائري حتى لا يلتصق الزيت المسكوب بالتجويف النحاسي مع حرصنا على إشعال النار تحت الخلاط وبعدها نضيف /700/ كيلو غرام من مادة “الصودا” ممزوجة بأربعة براميل من الماء،

قديماً كان الخلاط عبارة عن حجر لا يدور طبعاً وفي قعره تجويف من الحديد من أجل إشعال النار من تحت الخلطة، وعصاة من الخشب بشكل مستوي لكي يتم من خلالها خفق الخلطة (تحريكها).

وتبدأ عملية تسخين الماء في الخلاط. حينها يتم إضافة مادة الزيت ومادة الكوستيك “الصودا” وتأتي تلك العملية ممزوجة مع الزيت لأنه يعطي شيئاً من البرودة والذي يساهم في الإقلال من فوران مادة الصودا حينما تسكب على نار ساخنة،

استمرار العمل يتم مع دوران الخلاط حتى امتزاج العناصر المضافة على نار موقدة تصل درجة حرارتها إلى /200/ درجة مئوية، وتستمر حوالي نصف ساعة وبعدها يتم إيقاف حركة دوران الخلاط ويسحب الماء المتواجد في أسفل الخلاط بسبب عدم امتزاجه مع الزيت (الماء أثقل وزناً من الزيت).

ويستمر العمل حتى يتبيّن لنا خروج الزيت فعندها نوقف بعد سحب الماء المسكوب من تلك الخلطة، مع حرصنا على بقاء الماء في تجويف قعر الخلاط “الكعكة” ولا يتم سحبه أثناء عملية الشفط لكونه أعلى من مستوى “الكعكة”.

مراحل إنتاج خلطة الصابون تسعة مراحل مقسمة على ثلاثة أيام، في كل يوم نعيد تلك المراحل ثلاثة مرات وحينها يتم تجهيز الخلطة برش الماء على وجه الخلطة مع الدوران لمدة 4ـ5 دقائق وبعدها نتذوق الخلطة فإن كان طعمها له نوع من الحرقة نضيف إليها ماء للمرة الثانية حتى يصبح طعمها حلواً، لأن الحرقة تأتي من مادة الخلطة. ولمزج مكونات الصودا الكوستيك ندعها تدور لمدة ساعة ونصف على الأكثر،

في اليوم الرابع تكون الخلطة قد انتهت تماماً وتبدأ عملية الشفط من خلال خرطوم يوصلها إلى مكان النشر والتجفيف وتترك يوماً كاملاً. وهذا العمل (صناعة الصابون) يكون في فصل الشتاء طبعاً.

بعد تماسك الخلطة نقف على آلة تسمى “الجوزة” ليتم تقطيعها طولياً في بادئ الأمر ومن ثم عرضياً لنحصل على شكل مربع قطعة الصابون,

ثم عملية دق ختم الشركة يدويا، وفي اليوم التالي تتم عملية “البيبار” وهي صف قطع الصابون فإذا كانت القاعدة تحتوي على عشر قطع فالصف الذي يبنى فوقه يحتوي على تسع قطع، ويترك على هذا الحال لمدة تسعة أشهر حتى تكتمل عملية التجفيف،

 

«أفضل الخلطات مكونة من /16/ برميل غار و/16/ برميل زيت. وأدناها مكون من برميل غار و/25/ برميل زيت».

ويذكر بأن سبب شهرة مدينة “حلب” في صناعة صابون الغار يعود لتوافر المواد الأولية لإنتاجها مما ساعد على توافر عدة أنواع وأصناف من الصابون الغار الطبيعي .