لكل السوريين

من عبق الأصالة الحلبية.. حي الأشرفية أقدم أحياء حلب، بماذا يشتهر؟

حلب/ خالد الحسين 

يعتبر حي الأشرفية من الأحياء الحديثة في حلب تفصلها عن حلب تلال وعرة، ولم يكن الوصول إلى هذا الجبل ممكناً من الطرق المعروفة اليوم، إذ كان الناس في الماضي يسلكون طريق بستان الشيخ طه إلى وادي الشيخ مقصود.

ويقصد بوادي الشيخ مقصود تلك المنطقة الضيقة بين الأشرفية والشيخ مقصود غربي، وهي اليوم مقابر مسيحية.

وأما الجبل الذي يسمى الشيخ مقصود فهو بالأصل يدعى جبل السيدة، بينما منطقة المقابر تدعى الشيخ مقصود وهي غابة عذراء كانت تحتوي على أشجار كثيفة من الكينا والصنوبر الحرجي والعفص الشرقي، وتم نقل مقابر العزيزية إليها منتصف الخمسينات من القرن العشرين.

و أول من دفن في وادي الشيخ مقصود كان قتلى الفرنسيين في معركة مضيق الدردنيل قرب اسطنبول عام 1918، حيث نقل الجيش الفرنسي قتلاه بعد تمليح الجثث إلى أقرب مكان آمن بعيداً عن الأتراك، واختاروا منطقة معزولة بعيدة عن حلب (أمام العوارض الحالي) فدفنوا القتلى على سفح جبل السيدة .

خلال الحرب العالمية الثانية دفن الألمان قتلاهم من الطيارين على بعد 1000 متر في المقبرة الألمانية.

في الخمسينات نقلت مقابر العزيزية التي كانت تحيط بكنيسة اللاتين إلى وادي الشيخ مقصود، وتحول المكان إلى مقابر، ومازالت تلك المنطقة وارفة الظلال من بقايا الغابة القديمة، كما ان تلك المنطقة تعتبر خزانات للمياه ،وكانت تجري بها الينابيع لكنها جفت ،إلا أن المياه للجوفية كثيرة في ذلك الوادي ،إذ يعتبر جبلي الشيخ مقصود والأشرفية من أكبر خزانات المياه الطبيعية .

ونتيجة لذلك وجدت مسابح ونوادي في تلك المنطقة.

وفي الفترة الأخيرة قبل الحرب بنيت الكثير من صالات الأعراس في تلك المنطقة.

وأول من سكن سفح الجبل قرب المقابر كانوا النازحين من ماردين( الماردل ) وهم عدد قليل من العائلات سكنت هناك في العشرينات من القرن العشرين ،تبعهم بعض السريان من طور عابدين .

وسكن بقية السريان من اورفة والريحانية سفح جبل الأشرفية عام 1924 وذلك بعد معاهدة لوزان التي ضمنت تهجيرهم من قراهم  إلى سوريا الحالية  ، وسميت المنطقة باسمهم ( حي السريان ).

في الستينات ساءت أحوال الأرياف ،فهاجر الناس إلى مدينة حلب ،وكانت كل منطقة لها حصتها من هذه الهجرة .

وتوجه كرد عفرين إلى الهجرة الى الشيخ مقصود غربي ومعروف ،وبنسبة أقل في الشيخ مقصود شرقي ،حيث تقاسموا السكن مع الموظفين الأدالبة ومن ريف حلب الغربي وكذلك مع عدد قليل من الماردل الذين سبق وذكرناهم  في منطقة البنايات .

كما سكن الكرد في بستان باكير باشا ( أمام دار المعلمين )وهو من باشاوات الكرد ،وذلك بعد تبرعه بجزء من البستان لإيواء الأرمن،فبنى الأرمن في  ذلك الشارع احواشاً على الطراز الأرمني من الخشب والطين وهي طريقة غير معتمدة في حلب ،ولم تصمد تلك الاحواش طويلا بعد موت الجيل الأول من الأرمن وهم الجيل الذي يجيد صيانة هذه البيوت ،لذلك هدمت ابتداء من الثمانيات  و قامت مكانها بنايات على صف نادي العروبة ،وتشارك الكرد مع الأرمن بستان باكير باشا ،وهنا يجب ان ننوه ان الكردي ليس لاجئاً أو نازحاً بل هو مواطن اصيل جاء من الريف بحثا عن فرص عمل في المدينة ،ويجب الا ننسى ان الكثير من عائلات حلب الأصلية داخل السور هم من أصول كردية ،وأن سور حلب الذي نعتز به وقلعتها هم من بناء الظاهر غازي الكردي الاصل .

بعد انتهاء السكة الحديدية عام 1904 ,ربطت الأشرفية بجسر الشيخ طه لأول مرة مع حلب ،وبدأ السكن فيها على نطاق ضيق ،وكان يسمى من يسكن فيها بالأشرفي نسبة للأشرفية .

وعند فتح طريق الدائري الشمالي نهاية الستينات  انتعشت الأشرفية ،وبدأ الزحف العمراني ،وسكن السريان سفحها وأقاموا حي السريان  الجديدة ،وهو من أرقى أحياء حلب .

ومع إنشاء نفق محطة بغداد تم ربط الأشرفية والسريان بمركز المدينة ،وبني شارع الزهور بطريقة تشابه بنايات حي السبيل مع انعدام الحديقة .

ارتبطت الأشرفية بحي السبيل عن طريق خلفي قليل المارة وتفصل بين الحيين حديقة مساكن السبيل .

ومع مشروع السكن الشبابي في حقل الرمي تنبه التجار لأهمية الأشرفية ،وعلموا أن الأشرفية ستكون مركزاً تجارياً هاماً ،ففتح التجار محلات ألبسة على الدوار الأول والثاني ،وكانت نوعياتها من هي الأفضل من حيث الجودة والسعر ،وتحولت الأشرفية إلى مايشبه شارع القوتلي في الستينات .